بين التين والزيتون وطول أعمدة الفضاء الأثري بدقة، مزجت نسمات دقة العليلة بموسيقي فرقة "قولتراه ساوند سيستام"، في فضاء أثري يشهد على عراقة البلاد والفرقة على حد السواء، انطلق العرض الثالث من مهرجان دقة الدولي، وسط اجراءات وقائية مشددة سهر عليها شباب المنطقة وغيرهم من المنظمين ورجال الأمن، ليتم فرض الكمامات ومسافة التباعد الاجتماعي، لينسي الحاضرين بهذا العرض الأول من نوعه في مهرجان دقة، ولو لساعات روتين "كورونا"... "انتوما برشة" الساعة تشير إلى العاشرة مساء يوم الاثنين، لتنطلق سهرة تفاعلية قطعت مع المألوف والسائد بين الفرق الموسيقية والجمهور، حتى ان حليم اليوسفي، أحد مؤسسي مشروع "قولتراه ساوند سيستام"، قال لجمهوره "انتوما في عينينا برشة رغم الحضور القليل"، فالحضور رغم تواضع الا أنه ردد كلمات أغاني الفرقة وشاركهم في إيقاعها بالتصفيق الحار أحيانا، والرقص في "قلب" المسرح الأثري بدقة وكأّن موسيقي "ضد السيستام" أعادت شريان الحياة لهذا المسرح. البترول الحقيقي من افريقيا لأميركا، وصولا لأغنية "DADA 3ICHA"، يغني اليوسفي، عن الحرب والظلم والرأسمالية...، حتى يختم أغنيته بتعبيره عن انبهاره بمثل هذه المناطق الأثرية ويقول هي "البترول" والثروة الحقيقية للبلاد والشعب التونسي"، لتقدم الفرقة أيضا باقة من أغانيها المتنوعة القديمة منها والحديثة على غرار"شفت البلدان وراسي شاب" " أنا جندي" و"يا بن آدم ". في أجواء ساحرة قدمت الفرقة أغاني متنوعة من رصيدها الفني على غرار " أنا جندي" و"شفت البلدان وراسي شاب" و"يا بن آدم " وغيرها من الأغاني التي تفاعل معها جمهور مدينة "دقة". فكرة كل تونسي ف"قولترا" كما يعرفها مالك بن حليم، وهو أحد أعضاء الفرقة، هي مشروع ثقافي ليتجاوز المنطق الربحي والتجاري ويصل الى أن يترسخ كفكرة في رأس كل عاشق للموسيقي وكل من هو "ضد السيستام" القاتل للطموح بعيدا عن المالوف، فهي التي تجمع مختلف الألوان الموسيقية العالمية وليست فقط التونسية والعربية ك"الريقي" و"الجاز" و"الأفروبيت" و"الراب" لترسم لوحة فنية فريدة وغير مألوفة موسيقيا لكنها عاكسة لمرأة الواقع بعد أن أخذت من "اليوتوب" و"الديجيتال" مسرح افتراضيا لها تعرض عليه أغانيها وتجلب لها الألاف والملايين من هؤلاء المعجبين الذين حضروا وغنوا ورقصوا بركح "دقة الأثري". وكانت عودة الفريق بقوة سنة 2019 ليتوج على اثرها بجائزتين في اختتام الدورة السادسة أيام قرطاج الموسيقية، وهما جائزة جولة موسيقية في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، أجلت بسبب الأزمة الصحية العالمية لكنها لم تلغى، وكذلك جائزة المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، كما كان عرض "قولتراه ساوند سيستام"، مبرمجا لهذه السنة في مهرجان قرطاج الدولي لولا الغائه توقيا من "كورونا".