من مهرجان محمد الصغير الساسي للشعر الشعبي بالسواسي إلى مهرجان عين الزرقة بحمام الأنف فدورة المرحوم رضا بلقاضي للشطرنج بالمنستير الى المصالحة بين عرشين تخاصما من أجل ملكية أرض..أنشطة وتدخلات لا تتلاءم حجما ومستوى مع رئاسة الجمهورية لكن تجد الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي يصرّ على أن يحضرها بنفس القدر الذي يصرّ فيه على استقبال النيابات الخصوصية للولايات ويدعو في البلاغات الصادرة عن مؤسسته الى إصلاح ما يرفعون له من انخرامات بعد أن يستمع الى مشاغلهم.. والسؤال المطروح لماذا كل هذا الإصرار على ان يكون حاضرا في أعماق البلاد في مناسبات لا ترتقي لما يعتبر شأنا وطنيا يتلاءم وحجم مؤسسة الرئاسة ولماذا يبادر باستقبال عرشين متخاصمين في مثل هذا الظرف بالذات .. ألم يقدّر الأمر حق تقديره ليعلم انه سيفتح الباب بذلك للجميع كي يطالبوه بالإشراف على مهرجانات "البطيخ"و"البسيسة"و"الدلاع" و"الفطاير" والملاوي" .. وسيفتح الباب أمام كل من يتخاصمون ليولوا السلط الجهوية والمحاكم والقانون ظهورهم ويلجئون لرئيس الدولة المؤقت ؟ اعتقادنا أن المرزوقي ليس بالمغفّل كما يعتقد البعض بل هو أذكى مما يتصوّره أعداؤه أو يريدون أن يتصوّروه أو يصوّروه للرأي العام..فهو ذكي بقدر يسمح له أن يولي ظهره للمثقفين والاعلاميين والنخب ويتجه الى حيث الخزّانات الحقيقية للأصوات الى أعماق البلاد حيث قلّ وندر أن يصل الوالي اليها أو حتى المعتمد فما بالك عندما يحلّ رئيس الدولة بنفسه ويختلط مع الناس متحديا حراسه معانقا الاطفال ومصافحا النساء والرجال في حمامات حشد تذكرنا بحمامات الزعيم بورقيبة عندما كان يختلط بالحشود زمن كان يخصص جانبا من وقته للتحوّل بين المدن والأرياف ..فيطبّق نظرية تأثير الدومينو محفّزا بذلك الجهات المجاورة حتى من باب الغيرة والمنافسة الى التوجه له بطلب الإشراف على مهرجاناتهم وملتقياتهم وندواتهم ومسابقاتهم ولن يرفض لهم طلبا ..وبنفس القدر الذي يشجّع هؤلاء تجده يشجّع الآخرين ممن اختلفوا او تخاصموا كي يلجئوا له فيكون الحكيم والمنقذ من الهلاك ..وهو في الآن نفسه وباستقباله لممثلي النيابات الخصوصية تجده يعرف مشاغل كل منطقة بالتحديد من حيث ما تعانيه من تدهور يكون ربما مشروع برنامجه الانتخابي عندما يتحوّل اليها او برنامج حزبه لاحقا ، وفي الانتظار يوصي بالاهتمام بأهم المشاغل كما أوصى بالاهتمام بالوضع البيئي ببن عروس ليعلم الجميع انه مهتم بمشاغلهم .. يحدث كل ذلك باستغلال المال العام لحملة انتخابية رئاسية وبرلمانية قادمة يبدو انها ستكون ساخنة جدا فما سيستغله الرئيس المؤقت يمكن أن يستغله حزبه كذلك في المقابل بدأ نواب المجلس الوطني التأسيسي حملتهم الانتخابية المبكّرة بفشل ذريع تجسّم في جلسة المساءلة لوزيري السياحة والمكلف بالامن وانتهت بجولاتهم الجهوية لتفسير الدستور التي انطلقت على أنغام " ديقاج " وانتهت على انغام أم كلثوم "هجرتك يمكن أنسى جفاك.." بعد ان كان الحضور باهتا في اشارة واضحة لانفصال نواب الشعب عمن انتخبوهم وانشغالهم بما لا يشغل بالهم ،فكان الهجران أخف عقاب بعد درس "ديقاج " خلاصة القول انه بين استعراضات نواب الشعب التهريجية على المباشر تحت قبة البرلمان وبين الاداء الصامت لمؤسسة رئاسة الجمهورية يتضح أن المرزوقي رئيس داهية فانتظروا مفاجأته القادمة