قد لا تتوقف تسريبات المواضيع الخاصة بامتحانات مناظرة الباكالوريا لهذه السنة عند مادة العربية حيث ذهب البعض إلى تأكيد تسريبات أخرى في مواد وشعب أخرى. وقد وجّه لسعد اليعقوبي كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الثانوي اتهاما مباشرا لعدد من رموز نظام بن علي المتواجدين داخل وزارة التربية بانهم وراء تسريب الامتحانات في خطوة للالتفاف على الثورة. كما أكّد في هذا السياق أنّه لو تمّ التأكّد فعلا من وجود تسريبات أخرى في امتحانات الباكالوريا سيتمّ إعادتها رغم أنّها تكلّف باهضا على الدولة. ومن جهة أخرى، أعلن اليعقوبي أنّ نصّ امتحان العربية أخذ من الكتاب المدرسي، وهو ما اعتبره أمرا غير عادي يقع للمرةّ الأولى في تاريخ تونس وذلك يدلّ، على حدّ قوله، على عدم جديّة لجان الامتحانات التي اختيرت على أساس المحاباة لا الكفاءة كما برهن اليعقوبي أنّ امتحان الرياضيات في شعبة الرياضيات هو نفسه امتحان باكالوريا رياضيات دورة 2004 بفرنسا وهو ما لم ينفيه أو يؤكّده الملحق الاعلامي لوزارة التربية محمد صفر بتعلّة عدم وجود أدلّة تؤكّد هذا التصرّف من قبل اللجان التي أعدّت الامتحانات.
من جهته، قدّم اليوم الاثنين صاحب صفحة الموقع الاجتماعي التي نشرت تسريبات حول امتحان الباكالوريا اعتذارته على ما حصل ، معلّلا تصرّفه بأنّه يرغب في إثبات الخور الموجود داخل وزارة التربية.
أمّا وزارة التربية، فقد أكّدت أنّ كلّ التسريبات حول أنّ 80 % من الامتحانات تمّ تسريبها أمر مغلوط فالتسريب الوحيد كان في مادة العربية، حسب ما أفادنا به محمد صفر المكلف بالإعلام بوزارة التربية في اتصال هاتفي مع "الصباح نيوز". وأضاف قائلا: "الحجّة على من ادّعى واليمين على من أنكر"، داعيا وسائل الإعلام إلى عدم الاثارة وفي هذا الإطار، أعلن أنّ الوزارة قد اتخذت كلّ الإجراءات اللازمة لإنجاح بقية الامتحانات والتثبّت من كلّ الأكياس الموجودة في جميع المراكز، معتبرا أنّ ما يقع تداوله تشكيك في الجانب الأمني. كما أكّد أنّ امتحانات يوم غد الثلاثاء لن يطرأ عليها أيّ تغيير وأنّ كلّ الأكياس موجودة بمراكز التوزيع، مضيفا أنّه ليس من المعقول إعادة طباعة امتحانات أخرى الان بعد أن تمّت طباعة كمّ هائل من الأوراق. وفي السياق ذاته، بيّن أنّه في صورة تسرّب الامتحان والتأكّد من ذلك في الساعات الأخيرة سيتمّ النظر في إعادة الامتحان، قائلا: "لا عيب في أن نعيد الامتحانات في صورة وجود تسرّب فعلي، فالممتحن له ثقة في نفسه إن كان قد أحسن الاستعداد للامتحانات". وأبرز أيضا أنّ التحقيق في هذا الموضوع سيكون حاسما وسيأخذ مجراه لمعاقبة كلّ من أخلّ بالقانون وارتكب هذه الجريمة، قائلا: " أنّ المنظومة التربوية غالية جدّا ويجب أن تبعد عن كلّ التجاذبات مهما كانت". وعن موقف الوزارة من هذه التصرّفات، قال محمد صفر أنّ عبد اللطيف عبيد وزير التربية يندّد بما وقع ويعتبر هذا العمل إجرامي ولا وطني. وأضاف صفر قائلا: "مهما يكن الأمر فإنّ أيّ فعل إجرامي ومستنكر يعتبر استهتارا بالشعب التونسي". كما قال : "منظومتنا التربوية يجب أن تكون سليمة ولكن لا نستطيع أن نجعل من كلّ الناس ملائكة فهناك من يغلبهم المال وبالنسبة للفساد فلا يجب حصره في وزارة التربية أو اعتبار كلّ من كان من النظام السابق متورّط في منظومة الفساد ". وحول فرضية تقديم وزير التربية استقالته أكّد محمّد صفر أنّه ليس على علم بذلك ولا تعليق له حول هذا الموضوع". فهل ستقف هذه التسريبات عند هذا الحدّ أو ستتمادى الأخطاء؟ وهل أنّ وسائل الإعلام مطالبة فعلا بملازمة الصمت لترضي أطرافا في الحكومة أم هي مطالبة بالكشف عن الحقيقة وتوضيح الأمر لدى الرأي العام؟ وماهو مصير أبنائنا الذين يجتازون في امتحان الباكالوريا في ظل الجذب والضغط الذي اضحوا يعيشونه؟ سننتظر قليلا لنكتشف معا ما سينجرّ عن هذه التجاوزات ونعرف مدى مصداقية الحكومة التي تتدعي العمل من أجل استكمال مسار الثورة التي راح ضحيتها عدد من أبناء الوطن. ولكن أين هو عبيد من كلّ هذا؟