لئن تعددت طرق جمع الثروات والممتلكات لعائلة بن علي والطرابلسية وبعض العائلات التي تحسب على الحاشية والمقرّبين من القصر، فإن اللامشروعية، إن بالنهب أو الابتزاز، أو بالتحيّل واستغلال النفوذ، قاسم مشترك يوحّد الطرق والوسائل والمناهج التي تمّ سلكها، على امتداد السنوات الطويلة لحكم الرئيس المخلوع.. ووحدها الشهادات والأدلة والوثائق تترجم عن وجود هذه الحقائق، مثل الوثائق التي انطلقت عديد المواقع الالكترونية في تداولها، من أجل الكشف عن بؤر متعددة للفساد بالنظام السابق. والوثيقة التي تعود أطوار التفاصيل الواردة بها، والمتعلقة بسيناريوهات النهب المنظّم لعائلة الرئيس المخلوع وحاشيته وأصهاره، والعائلات المقرّبة من القصر، الى سنة 1998، هي وثيقة نادرة، أسهمت الوسائل التكنولوجية الحديثة، وتحديدا موقع (Tunis corruption) في الكشف عنها. في أعداد سابقة ل«الصريح»، تطرّقنا الى مجموعة من الحقائق عن مسلسل النهب لعائلة بن علي والطرابلسية وبعض العائلات الأخرى المقرّبة من العصابة، وفي هذا العدد، نكشف لقرّاء «الصريح»، عن خفايا اخرى، من شأنها اعطاء صورة واضحة عن سريان الفساد في محيط الرئيس المخلوع، مثل الألقاب التي كانت تطلق على بعض أقاربه ممن سهّل لهم الصعود الى مراكز سامية، كالمسك بحقائب وزارية، حتى وإن لم يكونوا حاملين لشهائد جامعية والتعيينات في الخارج لتسهيل جمع الثروات ونهب ما يمكن نهبه من أموال هي في الواقع ملك للشعب التونسي. وزير بلا أي شهادة جامعية.. هناك مثلا واستنادا لما تم تداوله بالموقع الالكتروني المذكور، وصلب الوثيقة المعتمدة، ابن اخ للرئيس المخلوع الذي عيّن في التسعينات على رأس احدى الوزارات، مع أنه لا يحمل أي شهادة جامعية، وتميّزت صفاته بالتعجرف الى جانب عدم نظافة اليد، اذ كان يلقّب من قبل إطارات الوزارة التي كان على رأسها، بالسيد «20 بالمائة»، لأنه يفرض على كل المورّدين للخدمات والاعمال دفع عمولة (كومسيون) بقيمة 20 بالمائة. وأمكن لهذا العنصر والعضو من أعضاء عائلة بن علي، أو السيد «كومسيون» أن يجمع بهذه الطريقة وبطرق مشابهة، ثروة تقدّر، الى حدّ سنة 1998، بأربعين مليون دولار، فهو يمتلك ثلاثة قصور، الاول في العاصمة بأحد الأحياء الراقية والثاني في حمام سوسة، وثالث في ضاحية قمرت الشمالية. اما المهمة الموكولة الى الأخ الثاني (أي الابن الآخر لأخ الرئيس المخلوع)، فتتمثل في اقتطاع عمولات عن كل الصفقات التي تبرمها الرئاسة. وفي ما يخص نوعية المكافآت التي يسندها بن علي للمخلصين من أعضاء العائلة، وفي اتقانهم للخدمات المشبوهة المطلوبة منهم، فتتمثل في مدّهم بأموال من الصناديق السوداء. ممثلون للمصالح التونسية في مهام لمصالح شخصية.. إضافة الى التعيينات بالمناصب السامية، فإن عددا هاما من أعضاء العائلة الموسّعة لبن علي، تمتّعوا بتعيينات في مناصب بالخارج، كممثلين للمصالح التونسية، مما مكّنهم من الثراء السريع، عن طريق السبل الملتوية للوصول الى نهب أموال الدولة. ويتبيّن أيضا مثلما تكشف عنه الوثيقة المتداولة عبر الموقع الالكتروني للشبكة العنكبوتية (Tunis corruption) أن مصرفيا كبيرا يرأس عدة بنوك في التسعينات، كان مكلّفا بثلاث مهام لفائدة أصهار الرئيس المخلوع، وهم الطرابلسية، وتتمثل المهمة الاولى في تمويل شؤون وأعمال هذه العائلة (الطرابلسي) دون أي ضمانات أو فرضيات تطرح المجال للتشكيك، في حين كان يتعهّد ضمن المهمة الثانية، بالمساعدة على تهريب اموال الجماعة المذكورة، وبالنسبة للمهمة الثالثة، فهي القيام بممارسة الضغوط أو عرقلة اعمال الشركات ورجال الاعمال ممن يرفضون دفع عمولة الى الطرابلسية.