يمكن أن ننطلق من تساؤل بسيط وواضح وهو: هل كان أحد ينتظر أن يعلن عن تحالف بين محسن مرزوق زعيم حزب مشروع تونس وحركة النهضة ؟ هذا التساؤل له مشروعية خطابية أولا وهي أن تتبع الخطاب منذ 2011 الى اليوم بين الحركة بعد تأسيسها أو مرزوق يلاحظ أنها مبنية على "العداوة" أو على الأقل الرفض .لكن خلال هذا هناك محطات لاحظنا فيها نوعا من "المغازلة" من مرزوق للنهضة منها ما أطلقه من تصريحات بعد انسحابه من نداء تونس وما روج حينها كونه حاول التقارب مع النهضة في مقابل تخليها عن نداء تونس وان كان الأمر قد نفي منه حينها. لكن اليوم بات واضحا بعد اعلان رئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني كون العداوة أو بالأصح الخلافات بما فيها الايديولوجية مع مشروع تونس انتهت وهو هنا يحيل على محسن مرزوق ان هناك محادثات ومباحثات حصلت على الأقل في الفترة الأخيرة بين الطرفين. لكن حول ماذا كانوا يتناقشون ؟ طبعا ليس هناك تحالف سياسي لغايته أي أن هناك مطالب من كل طرف للآخر بمعنى أوضح لمحسن مرزوق هدف من هذا التحالف الجديد وللنهضة أيضا هدف . بالنسبة للنهضة فهي تبحث عن شركاء جدد بعد أن انهار نداء تونس أو يكاد وحتى ان كانت تدرك كون المشروع ليس مرشحا لتعويض نداء تونس وملء الفراغ الا أنه يبقى طرفا مهما خاصة بعد توسع التحالف. أما بالنسبة للمشروع فهو يريد ان يثبت كونه بات رقما مهما وليس هناك أفضل من اعلان النهضة لتحالفها معه لإثبات هذا نضيف اليه سببا آخر وهو ان مشروع تونس راغب في المشاركة في الحكومة بعد التحوير الذي سيحصل بعد فترة وجيزة. كل هذا يقودنا الى أن السياسة لا تفهم بالخطابات المباشرة الشعبوية بل هي تقوم أساسا على التفاهمات الخفية أي في الكواليس أو ما يسمى اتفاقات ما تحت الطاولة . يبقى هنا أن نوضح كون الاتفاق بين المشروع والنهضة وان لم يعلن رسميا حتى الآن لا يخرج عن دور ما لرئيس الحكومة يوسف الشاهد الراغب في تكوين اطار واسع يدعمه ويسانده بعد تخلي نداء تونس عنه أو تخليه هو عن النداء. محمد عبد المؤمن