"الحكومة تجاهلتنا وتنكّرت لشهدائنا وجرحانا" ..بهذه العبارات وصف أفراد عائلات شهداء وجرحى الثورة، تعامل الحكومة التونسيّة مع هذا الملف، منتقدين صمتها وتغافلها عن مطلبهم المتعلّق بنشر القائمة النهائيّة لشهداء الثورة ومصابيها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسيّة. وفي هذا الإطار تنظّم عائلات الشهداء والجرحى يوم الجمعة 11 جانفي 2019، وقفة احتجاجية بساحة القصبة، "لتذكير رئيس الحكومة بما كان وعد به بخصوص نشر هذه القائمة خلال شهر جانفي"، وفق بلاغ للجنة المنظّمة لهذه الوقفة. ويعتبر عدد من أفراد أسر شهداء الثورة وجرحاها أنّ "غياب الإرادة السياسيّة هو السبب الأساسي لعدم نشر القائمة" لكنّهم أعربوا في المقابل عن أملهم في أن تحمل الذكرى الثامنة لثورة الكرامة، "الجديد" بخصوص هذا الملف وأن تفي الحكومة بالتزاماتها تجاه انتظارات أسر الضحايا والتي لم تتوقف منذ مارس 2018، موعد تسليم الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، تقريرها والقائمة النهائيّة لشهداء الثورة ومصابيها، إلى الرئاسات الثلاث. وفي هذا الصدد قالت سامية محيمدي، شقيقة الشهيد هشام محيمدي في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء "إنّ العائلات قامت بتحركات عديدة من أجل إصدار القائمة النهائية للشهداء والجرحى، لكن غياب الإرادة السياسية وعدم اعتراف السياسيين بالثورة وبالشهداء، جعل الجهات الرسمية تماطل في نشرها". واعتبرت أنّ هذه القائمة أصبحت "ورقة للتلاعب السياسي"وأنّ عدم إصدارها، أتاح للبعض فرصة استغلال ملف الشهداء والجرحى لمآربهم الخاصّة، ملاحظة في الآن ذاته أنّ الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسيّة، كانت قادرة قانونيّا على نشر القائمة، "لكن التخوّفات منعتها من ذلك وفوّتت عليها فرصة دخول التاريخ من أوسع أبوابه" حسب رأي أخت الشهيد محيمدي. بدورها قالت ليلى الحداد، محامية شهداء الثورة وجرحاها في تصريح ل(وات) "لا توجد أية إرادة سياسية لنشر القائمة النهائية، لما تحمله من اعتراف صريح بالثورة التونسية وتخليدها ذكرى الأبطال الذين سقطوا من أجل الحرية والكرامة »، مشيرة إلى أنّ « السياسيين يجحدون ردّ الإعتبار لشباب الثورة، خاصة وأنّ أغلب من هم في سدّة الحكم ويتصدّرون المشهد السياسي، ينتمون إلى النظام السابق" وأضافت قولها في هذا الصدد: "رئيس الجمهورية يرفض الدفع نحو تكريس حق نشر القائمة النهائية للشهداء الثورة، في حين أنّه سعى بكل ثقله إلى تمرير قانون المصالحة لرجال بن علي". ولفتت إلى أنّ لجنة بودربالة رفضت نشر القائمة النهائيّة بموقعها الرسمي، "تخوّفا من ردّة فعل العائلات إزاء امكانيّة تضمّن هذه القائمة معايير قد تهضم حقوق الكثير من الجرحى". وبدوره أكّد رئيس هيئة الحقوق والحريات، توفيق بودربالة، أن رئاسة الحكومة هي الجهة الوحيدة المطالبة، قانونا، بنشر القائمة في الرائد الرسمي، لكنّها لم تطبق القانون. وأوضح أنه يستحيل على الهيئة نشر قائمة شهداء الثورة وجرحاها، بعد استنفاد كل المراحل، بدءا من إعداد القائمة وتسليمها للرئاسات الثلاث، وصولا إلى مراسلة مؤسسة المطبعة الرسمية بخصوص نشر تلك القائمة، لافتا الإنتباه إلى أن نشرها من قبل الهيئة، بصفة أحادية، لا يُكسب الوثيقة أي صبغة رسمية ولن يُمكّن من الإعتراض عليها لدى القضاء. وبيّن بودربالة أن عملية النشر بالرائد الرسمي، لا تعني نهاية المشوار، بل يمكن لمن يرى أن الهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية لم تنصفه، التوجّه إلى القضاء الإداري وتقديم اعتراض في الغرض وفي صورة قبول اعتراضات يتم إعداد ما يُصطلح قانونا ب"القائمة التكميلية" سواء بالنسبة إلى الشهداء أو الجرحى.