لنا في لهجتنا الدارجة التونسية جمل وكلمات وعبارات وأساليب واقوال جميلة معبرة دقيقة لا تقل جمالا عن اساليب التعبير والبيان باللغة الفصيحة العربية ومن هذا الطراز وعلى هذا المنوال ساذكر قولا قديما جميلا من اقوال عامة التونسيين يقولونه في التعبير عن رد عنيف مفحم يصدر من احدهم في الرد على من تجاوز معه حده ومقامه واخطا في اسلوب مخاطبته وابتغى تشويهه والنيل من حقه فيعبرون عن كل هذه الأمور بقولهم (فلان عملو طلية صابون) واظن ان هذا التعبير يصدق في الرئيس التركي المحنك اردوغان الذي رد على الرئيس الفرنسي ماكرون بعد ان طالب هذا الرئيس الشاب تركيا بوقف التنقيب عن الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط فرد عليه اردوغان بقوله (من انت وماذا تقول؟ نحن لدينا سواحل في هذه المنطقة كما اننا دولة ضامنة في قبرص وكذلك اليونان وبريطانيا ضامنتان ولكن انت ما هي صفتك؟ ليس لك اي هوية هناك ...انت لا تدرك شيئا...) نعم بمثل هذه الجمل وبمثل هذه الكلمات وبمثل هذه العبارات رد اردوغان على الرئيس الفرنسي ماكرون اولا يصدق فيه اذن قول عامة التونسيين انه (عملو طلية صابون)؟ وانني مازلت اتمنى منذ زمان ان يقوم في العرب ذوي التاريخ العظيم المليان رئيس او زعيم يدافع عن حقوقهم وعن حضارتهم وعن مكانتهم التاريخية المنسية اليوم بين بقية الامم وبين بقية البلدان اذ الواقع الذي عشته والذي رايته منذ عقود قد رايت فيه وتعلمت منه ان العرب يقفون ويتكلمون امام الدول العظيمة اليوم وهم خائفون وهم اذلة يرتعدون ويرتعشون وصاغرون محقورون وكانهم لم تكن لهم في يوم ما وفي فترة ما حضارة حكمت وسيرت وعلمت ونفعت بقية بلدان العالم منذ عهود ومنذ قرون اننا مازلنا الى اليوم مع الاسف الشديد في مدارسنا وفي معاهدنا وفي جامعاتنا وفي كلياتنا وحتى في تصرفاتنا اليومية نقتدي ونمدح ونشيد ونلهج بكرة وعشيا بالحضارة الغربية دون ان نعتز او نتذكر ولو قليلا ابداعاتنا ومساهماتنا العظيمة التاريخية... وانني مازلت اذكر الى يومنا هذا ما قاله لنا احد دكاترة الجامعة التونسية في احدى الحلقات التكوينية التي ابتدعها الوزير محمد الشرفي وهو لمن لايعرف او لمن نسي قد كان اول وزير للتربية في عهد بن علي في تاريخ التعليم والتربية في هذه البلاد التونسية... فقد قال هذا الدكتور امام قدام وعلى مسمع عدد كبير من الأساتذة الشهود الحضور (ان العرب ليس في ثقافتهم شيء يسمى (الخطاب) وانما هذا اللون وهذا النوع وهذا الضرب من الكلام هو من اختصاص ومن استنباط امة الغرب...) ولما فتح باب النقاش سارعت بتذكيره ان كلامه على حد علمي وعلى حد ثقافتي المتواضعة غير مقنع وغير سليم ودليلي على ما اقول ماجاء في كتاب الله منذ عصور ومنذ احقاب اذ قال تعالى في هذا اللون من الكلام وفي هذا الباب في سورة( ص )متحدثا عن فضله ونعمته على عبده ونبيه ايوب عليه السلام(وشددنا ملكه واتيناه الحكمة و فصل الخطاب) فلما سمع هذا الدكتور هذا الكلام غضب ولم يستطع الرد واحتار في الجواب ...نعم هذا ما وقع وهذا ما صار ايها القراء وايها الأحباب...فما احسن ان نتساءل فنقول لاولي النهى واولي العقول أبمثل هذا النوع من دكاترة العرب سيستفيد وسينتفع الشباب وسيعرفون تاريخهم وسيعتزون بحضارتهم وسيدافعون عنها وعن حقوقهم مثل ما فعل اردوغان الذي احاط بتاريخ بلاده وعرف حقوق بلاده ودافع عنها احسن دفاع وكابهى ما كان وكافضل ما يكون..؟ وهل سيمن الله تعالى على العرب المنهزمين الخائفين والمرتعشين اليوم والمحتقرين بزعيم او بقائد او برئيس قوي امين يحيط ويعتز بتاريخ وبحضارة العرب ويدافع عنهم دفاع الشجعان امام الغرب الذين تناوبوا وتداولوا على حقوق بلدانهم بالسلب والنهب والغصب ويطليهم طلية صابون كما فعل اردوغان براس الرئيس الفرنسي ماكرون؟ ام سيصدق فينا ذلك القول القديم الذي قاله التونسيون في من يرجو او يتمنى ما يصعب او ما يستحيل ان يقع يوما وان يكون(عش بالمنى يا كمون)