لئن تكلم الملاحظون والمحللون وامتعضوا كثيرا من ذلك الذم الفظيع وذلك القدح السيء الناري الذي وجهه حمة الهمامي لمنافسه على كرسي الرئاسة يوسف الشاهد عندما قال فيه والناس قعود شهود ينظرون ويسمعون (الفساد على يساري) وهو يقصده طبعا بالذات وقد كان في تلك المناظرة التلفزية وفي تلك الليلة التاريخية واقفا على يساره كما شاءت قرعة الوقفات الا انني لا اريد ان اتكلم مثلهم في هذا الذم وهذا القدح وهذا التهجم المجاني الصادر عن هذا المرشح اليساري حمة الهمامي وانما اريد فقط ان اتحدث عن رد فعل منافسه المرشح يوسف الشاهد الذي طالب بعد كلام حمة ان ياخذ حق الرد عليه بعد ان فاجاه وفاجا المشاهدين بتلك الجملة او بتلك الكلمة وقد ظننت والحق يقال ان يرد الشاهد على حمة بكلام عنيف مثل الكلام الذي صدر عنه فيه ايضا قدح وتهجم ومذمة كما تعود بذلك المتناظرون والمتنافسون في الاذاعة وفي التلفزيون لكن الشاهد وانا على ذلك خير شاهد رد عليه ردا رصينا موزونا فيه ترفع واستعلاء وذكاء وادب يفوق ما كان يمكن ان يرد به مباشرة على الهمامي من الذم والقدح وغيرهما من العبارات التي تقال عادة في مقام التشنج والتوتر والغضب كما انني اشهد ايضا ان سي يوسف الشاهد كان والحق يقال رغم صغر سنه مقارنة بابرز المترشحين الذين فاق بعضهم سن الستين و السبعين رصينا هادئا وقورا متمكنا من الأجوبة عن الأسئلة التي وجهت اليه ولا ينس انه مازال رئيس حكومة التونسيين الى ان ياتي ما يخالف ذلك اذا شاءت مشيئة وإرادة وتقدير رب العالمين هذا اضافة الى وسامته ووهرته وهيبته التي انعم بها عليه ربه وخالقه بين بقية المترشحين ولا شك ان الوسامة والوهرة والهيبة اضافة الى نعمة العقل والذكاء والأدب ورصانة وهدوء الشخصية شروط اساسية لمن يرغب في الوصول الى منصب رئيس الجمهورية...كما لا يفوتني ان اقول ان حمة الهمامي حاول في بعض وسائل الاعلام بعد ذلك التهجم المجاني غير اللائق و الذي لا شك انه قد شعر بعده بفداحته لدى المتناظرين ولدى المشاهدين ان يبرر وان يؤول كلامه ظنا منه انه سيقنع المشاهدين والمنتخبين ان كلامه كان عفويا غير مقصود و ليس فيه قدح وذم لشخصية الشاهد الا انني ارى ان تبريره وتاويله لم يغيرا شيئا كثيرا ولا قليلا من موقف المشاهدين الذين استبشعوا ما صدر عن حمة قيدوم وزعيم فئة وطائفة اليساريين التونسيين كما ازيد فاقول واسجل ان تاريخ اليساريين في بلادنا التونسية وفي جميع بلدان الكرة الأرضية يشهد انهم دائما متعنفون ومتعجرفون في الفعل وفي الكلام ولعل كتابات ماركس وانجلز وخطب ومواقف لينين وستالين تشهد على ذلك منذ قديم السنين والأعوام وعليه فانني اختم فاقول ان الشاهد في نظري وفي تقديري قد فاز على حمة الهمامي وعلى جميع المتناظرين في تلك الليلة التاريخية من جميع النواحي ومن جميع الجهات من حيث الهدوء والفصاحة وقوة وهيبة الشخصية ولا شك ان هذا الفوز سيجعل حظوظه وافرة للفوز في هذه الانتخابات الرئاسية ولمزيد توضيح اسباب ما اراه وما اتوقعه له من الفوز ومن الانتصار اقول باختصار ان كل منافسيه في تلك الليلة قد ابانوا في نظري في وفي تقديري عن عدة نقائص وعدة اخطاء لا تليق وتزري بمن يترشحون ويتسابقون على كراسي ومناصب الرؤساء ...فسلمى اللومي تكاد تكون عاجزة عن الخطاب وحسن رد الجواب وكانت تتكلم ولكانها طفلة صغيرة مازالت تتعلم القراءة وتركيب الجمل في البيت او في المدرسة او في الكتاب وكذلك الأمر والشان بالنسبة للمرشح سعيد العايدي الذي يعرف قبل غيره لا يمتع بفصاحة ولا بطلاقة اللسان وهي امر مطلوب في منصب رئاسة وقيادة البلدان اما عن سي الصافي سعيد فكلامه حلو جميل يشد الناس ولا يخلو من طرافة لكنه شخصية تصلح وتفيد اكثر في مجال الكتابة وفي مجال الصحافة وفي مجال التحليل والتفكير اكثر من صلاحه في مجال السياسة وخاصة في موقع القيادة والرئاسة والحكم والتسيير اضافة الى كونه يفتقد والحق يقال الى وهرة وهيبة منصب الرئيس وهما شرطان ضروريان لدى العقلاء ولدى الحكماء بكل الضوابط وبجميع المقاييس اما عن سي قيس سعيد فاني لاعجب كل العجب اختياره وايثاره لنفس الأسلوب اللغوي المعتمد على العربية الفصحى الذي عرف به بين التونسيين في سابق الأيام والأعوام ولكانه يعيش في عصر المتنبي اوعصر البحتري اوعصر ابي تمام بينما سمعته في لقطة تلفزية وفي حملة من حملاته الانتخابية يكلم الناس باللهجة التونسية العامية وعليه ومادام قد اختار ذلك الأسلوب في تلك المناظرة التاريخية فلكانه قد ظهر للناس في ثوب الاستاذ وفي ثوب الدكتور الصالح للتدريس والتعليم اكثر من قيادة الشعب ورئاسة الجمهور... ولم يبق لي في اخر هذا المقال الا ان ادعو وزارة التربية ان تحدث مادة جديدة في برامجها التعليمية تعلم فيها التلاميذ اصول وقواعد وابجديات الخطب السياسية وان تجعل في هذه الدروس خطب الرئيس بورقيبة مرجعا اساسيا ضروريا فمن لم يستمع ولم يستفد في نظري وفي تقديري من خطب بورقيبة زعيم السياسيين واستاذ الخطباء فانه لا يصلح للقيادة ولا للرئاسة مهما كان نصيبه من التعليم ومن الثقافة ومن الشجاعة ومن الذكاء اما من افتقد وهرة وهيبة بورقيبة الربانية فليته يترك الجري وراء منصب الرئاسة ويبحث له عن وظيفة اخرى عادية تريحنا من ثقل شخصيته وضعف وركاكة خطابته التي تذكرنا بما كان يقوله كبارنا اذا ابتلاهم الله برؤية وسماع احد لا يحسن الكلام الموزون الرفيع الراقي الجميل(جبالك الرواسي ولا عبدك الثقيل)