اليوم وبعد أكثر من الشهرين على ظهور أول حالة مرضية أصيبت بفيروس كورونا القاتل وكان ذلك في أواخر شهر ديسمبر من العام الماضي في سوق للحيوانات البرية في مدينة ووهان الصينية .. واليوم وبعد أن انتشر هذا الوباء في أكثر من 30 دولة حول العالم وأحدث حالة من الفزع والهلع لدى كل الشعوب وحيرة خانقة في الأوساط الطبية والعلمية التي عجزت إلى حد الآن على أن تجد دواءا شافيا لهذا المرض التي بات يهدد البشرية .. واليوم وبعد أن بدأ هذا الفيروس يكتسح شيئا فشيئا دولا جديدة كان آخرها دولة إيران وانقلترا واليوم إيطاليا فإن مخاوف حقيقة بدأت تظهر عند الشعب التونسي الذي بدأ أفراده يتحدثون عن خوف محقق يهدد البلاد على اعتبار وأن هذا الفيروس قد وصل إلى حدودنا البحرية التي تفصلنا عن بلاد الطليان بعض الأميال البحرية بما يعني أن هذه الآفة هي اليوم عندنا وعلى حدوننا القريبة فماذا أعددنا لهذا الوافد غير المرغوب فيه ؟ وهل استعدنا جيدا لما عساه أن يقع ويحدث في قادم الأيام خاصة وأن المعلومات القادمة من إيطاليا تفيد بأن الكثير من أبناء جاليتنا يرغون في العودة إلى أرض الوطن بعد أن قررت السلطات الإيطالية غلق الكثير من المدن و عزل الكثير من المناطق ومنع الناس من التحول إليها مع فرض اجراءات صارمة تمنع السكان من مغادرة منازلهم. صحيح أن البلاغ الصادر من سفارتنا بإيطاليا قد جاء مطمئنا نوعا ما بعد أن اتخذت كل التدابير للتواصل مع أفراد جاليتنا المقيمة هناك وبعد أن وضع على ذمتهم خط هاتفي أخضر لضمان الإحاطة بهم والتعرف على وضعهم وحالتهم الصحية بكل دقة غير أن هذه التدابير هي اليوم غير كافية خاصة إذا علمنا وأن الفكرة العامة التي نشرتها منظمة الصحة العالمية بخصوص المدة الزمنية التي تظهر فيها أعراض الإصابة بفيروس كورونا و هي 14 يوما وبانقضائها يتم التأكد من وجود أو عدم وجود المرض هي فكرة قد اتضح أنها خاطئة حيث تم رصد حالات ظهرت على أصحابها أعراض الفيروس بعد مغادرتهم لأماكن العزل الصحي وبعد مضي 27 يوما من الاشتباه الإصابة بالمرض ومن مغادرتهم لأماكن الغزل الطبي . وهل وفرنا كل ما يلزم من مستلزمات طبية وغير طبية للتوقي من هذا المرض الذي اقترب منا بقدر كبير خاصة إذا علمنا أن الملاحظات الأولية التي صدرت في تقارير المنظمة العالمية للصحة تفيد أن فيروس كورونا انتشاره سريع جدا وأن عملية ملاحقة المشتبه بهم صعبة في ظل مشكلة عدم توفر القدرات الطبية اللازمة من حيث تدريب الكوادر الطبية القادرة على التعامل مع هذا المرض القاتل وهو الأمر الذي رصدته منظمة الصحة العالمية في البلدان العربية والإفريقية التي وصل إليها بل حتى الطاقم الطبي الصيني الذي يقال عنه أنه منظم بكيفية عالية و قد استعد جيدا وأنه يتوفر على أحدث التجهيزات الطبية وله خبرة طبية واسعة في معالجة الأوبئة قد اتضح أن الكثير من المصابين كانوا من ضمن هذا الطاقم الطبي . وهل جهزنا أنفسنا واتخذنا كل الإحتياطات اللازمة لمراقبة حدودنا من كل الجهات الجوية والبحرية والبرية خاصة إذا علمنا أن دولة ايران رغم اتخاذها كل التدابير اللازمة لمراقبة مطاراتها قد دخلها هذا الفيروس بفضل رجل أعمال ثري دخل البلاد من الصين على متن طائرة خاصة لم يتم مراقبتها بما يعني أنه مهما أحكمنا المراقبة والتثبت من القادمين إلينا فإن امكانية أن يفلت شخص واحد مريض بفيروس كورونا وارد جدا بل هو محتمل ونحن نتحدث عن وصول المرض إلى حدودنا البحرية مع ايطاليا . اليوم الوضع قد أصبح يكتسي خطورة أكثر من ذي قبل ، فإذا كنا بالأمس نراقب من بعيد ما يحصل في العالم الغربي من خوف وحيرة بعد أن وصله الفيروس من بلد الصين ونتمتع بشيء من الطمأنينة التي جعلتنا نحمد الله على السلامة على أساس وأن المرض بعيد عنا وتفصلنا عنه مسافات طويلة أما اليوم وقد اقترب منا كثيرا فإن ذلك يفرض علينا اتخاذ مزيد من التدابير الوقائية ومزيد من الاجراءات لمنع دخول أي مصاب بهذا المرض في قادم الأيام وهذا يحتاج إلى وقفة حازمة وإستراتيجية صارمة وتواصل إعلامي لا يخفي المعطيات والمعلومات عن الشعب ويحتاج إلى عمل دقيق ومتابعة لصيقة للوضع . نقول كل هذا الكلام ليس من باب نشر الخوف في النفوس ولا من باب التهويل وإنما تعرضنا إلى هذا الموضوع بهذه الطريقة مرده أن المعطيات الصادرة عن المنظمة العالمية للصحة بخصوص تقدم فيروس كورونا خطيرة جدا وهي تحذيرات جدية تؤكد قدر هذا الفيروس على اكتساح بلدان أخرى وقدرته على الانتشار بطريقة سريعة في ظل غياب أي دواء قادر على إيقافه . إن المطلوب اليوم هو مزيد من اليقظة والانتباه والمراقبة والاستعداد الجيد من حيث توفير الكوادر الطبية المؤهلة للتعاطي مع هذا المرض وتوفير أماكن عزل تحسبا لكل طارئ قد يحدث وأن نأخذ المسألة بجدية كبيرة فالقضية اليوم لم تعد مجرد فيروس موجود في أماكن بعيدة عنا ونحن في مأمن منه وإنما المرض اليوم قد أصبح على بعد أمتار قليلة من حدودنا.