الثلاثاء.. مصير مصر وديربي خليجي يحسمان الجولة الأخيرة من كأس العرب 2025    كأس العرب 2025 ... بين الفوز الحاسم والحسابات المعقدة.. سيناريوهات تأهّل مصر إلى ربع نهائي كأس العرب    إسرائيل تشن غارات على جنوب لبنان    هجوم إسرائيلي يستهدف هواتفكم.. تحذير عالمي لاكثر من 150 دولة    بعد 3 أيام من اختفائه.. إنقاذ طفل سوري دفن حيا في تركيا    مدنين: لماذا تم تأجيل اختبارات اليوم الأوّل من الأسبوع المغلق بمعهد أجيم؟    مُربّ في البال...محفوظ الزعيبي مربيا وشاعرا وأديبا    الكوتش وليد زليلة يكتب ..حين يتحدث القلب قبل اللسان ..كيف نساعد أطفالنا على التعبير عن مشاعرهم؟    المكتبة العمومية بحاجب العيون ... عائلة بن جمعة تحصل على جائزة «أفضل عائلة مطالعة»    إنجاز طبي في شارل نيكول: إجراء أول تدخل بالقسطرة بتقنية الموجات التصادمية لعلاج الشرايين التاجية    مدنين: انطلاق توزيع المساعدات المخصّصة لإعانة العائلات محدودة الدخل على مجابهة التقلبات المناخية وموجة البرد    مع الشروق : في أوكرانيا... «كش ملك»    توقيع مذكرة تفاهم لإدارة وتسيير مركز تونس للتميز ' كايزان '    تونس: تقنيات طبية جديدة في مراكز المساعدة على الإنجاب    بنزرت: ...في الاجتماع الموسع للنقابة التونسية للفلاحين ..«لوبيات» البذور الممتازة تعبث بالموسم    وزارة الفلاحة.. وضعية السدود الموسم الجاري كانت أفضل من السنة السابقة    زغوان: تقدّم موسم جني الزيتون بنسبة 40 بالمائة    عاجل/ إقرار هذه الإجراءات لتأمين التزويد بقوارير الغاز    ظهور ضباب محلي آخر الليل    عاجل/ تحذير من تسونامي يضرب هذه الدولة الليلة    توقيع مذكرة تفاهم بين البنك المركزي التونسي والبنك المركزي العُماني    عاجل/ الصيدليات تؤكّد تمسّكها بتعليق صرف الأدوية بهذه الصيغة لمنظوري ال"كنام"    انطلاق الورشة الإقليمية للدول العربية حول "معاهدة مراكش لتيسير النفاذ إلى المصنفات المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين أو معاقي البصر أو ذوي الإعاقات الأخرى"    عاجل/ حجز 100 كلغ "زطلة" في ميناء حلق الوادي    توزر: زيادة منتظرة في نسبة الحجوزات بنزل الجهة خلال عطلة نهاية السنة الإداريّة    صدور كتاب جديد للباحث الصادق المحمودي يستشرف "علاقة الفقه بالنوازل الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي"    عاجل/ بالأرقام: سدود الشمال تتدعّم بكميات هامة خلال الاسبوع المنقضي    تسجيل ارتفاع في عدد الجزائريين الوافدين على تونس..#خبر_عاجل    الزواج يتأخر في تونس والطلاق يرتفع: 16 ألف حالة سنة 2024    المنتخب التونسي لكرة القدم يشرع في تحضيراته لامم افريقيا يوم 12 ديسمبر    يدهس خاله حتى الموت بسبب الميراث    كأس العرب قطر 2025: المنتخب المصري يلتقي نظيره الأردني غدا الثلاثاء بحثا عن التأهل لربع النهائي    عاجل: إطلاق سراح طالب الطبّ محمد جهاد المجدوب    تسمم جماعي لركاب طائرة متوجهة من شنغهاي إلى موسكو    الصندوق العالمي للطبيعة يدعو الى المشاركة في حماية المناخ    كفاش تعرف الى عندك نقص في فيتامين B 12 ؟    شوف شنوة ال 5 حاجات تقولهم المرأة والراجل يفهمها بالعكس    المنتدى الابداعي... المسرح الفن الموسيقى والعلاج "يوم 13 ديسمبر 2025 بالمعهد الفرنسي بتونس العاصمة    استغل هاتف الوزارة للاتصال بخطيبته: السجن وخطية لموظف بوزارة..    شمال إفريقيا: 2024 عام قياسي في الحرارة... وهذه الدولة تسجّل أعلى درجة    عاجل: عدد السكان يزيد بسرعة... هذه المدن العربية تسجل أكثر عدد    الدكتور رضا عريف للتوانسة: هذه أعراض النزلة الموسمية...والحالات هذه لازمها طبيب    كأس العرب: المغرب يطمح لصدارة المجموعة الثانية والسعودية تنشد العلامة الكاملة    كأس العرب: المنتخبان السوداني والبحريني يتطلعان للفوز في ختام مباريات المجموعة الرابعة    خلال سنة 2025: الديوانة التونسية تحجز 14 كلغ من الذهب    قمة لوسيل اليوم: شكون ضد شكون؟ شوف الماتش وين تتفرج ووقتاش بالضبط    أول تصريح لسامي الطرابلسي بعد مغادرة المنتخب كأس العرب..#خبر_عاجل    التسامح وبلوى التفسّخ    العربي سناقرية: "بعد ما فعله منتخب فلسطين لا يجب أن نشجع سوى منتخب تونس"    مقتل الفنان المصري سعيد مختار في مشاجرة    عاجل/ هذه الدولة تلغي إعفاء الفلسطينيين من تأشيرة الدخول..وهذا هو السبب..    فيلم 'سماء بلا أرض' يفوز بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    ماسك يصعّد هجومه ضد الاتحاد الأوروبي.. ويشبهه ب"النازية"    حَقُّ التّحْرِيرَيْنِ وَوَعْيُ التّحْرِيرِ: جَدَلِيّةُ الْوَعْيِ الْمُحَرر    رأي .. قرنٌ من التطرف، والإرهاب ... من حسن البنّا إلى سلطة الشرع... سقوط الإمارة التي وُلدت ميتة!    أولا وأخيرا .. أزغرد للنوّاب أم أبكي مع بو دربالة ؟    المنستير: تنصيب المجلس الجهوي الجديد    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد المحسن يكتب لكم: دموع بحجم الألم..تتلألأ..في مآق هرمة (صورة)
نشر في الصريح يوم 08 - 04 - 2020

أنا متعَب كزيتونة أحرقها الصقيع..كزهرة لوز تناستها الفصول..كيتيم يسير حافيا على ثلج الدوروب أسافر أحيانا عبر الغيوم الماطرة..وأرحل إلى مدن لا رفيق لي فيها ولا صديق وأحطّ رحالي بتلك البقاع القصيّة كطير غريب حطّ على غير سربه أحتاج أبي الآن كي ألعن في حضرة عينيه المفعمتين بالأسى غلمانا أكلوا من جرابي وشربوا من كأسي واستظلوا بظلي في زمن القحط والجدب لم أبخل عليهم بشيء وعلّمتهم الرماية والغواية والشدو البهي واليوم تحلّقوا في كل بؤرة وحضيض لينهشوا لحمي..وحروفَ إسمي آه أمّي كيف سمحت لنفسي بتسليمك إلى التراب..؟!
أمّي التي خاضت تجربة الحياة بمهارة..مازالت ظلالها ممتدة من الجغرافيا إلى ارتعاشات القلب مازالت هنا رابضة على عتبات الرّوح مثل رفّ جناح وما زالت أسمع تراتيلها وصلواتها كلّما مرّت الرّيح بحذوي..مازلت أرى طيفها في الأيّام الشتائية الماطرة حين السحب تترجّل على الأرض ضبابا أستجدي عطفها أحيانا..فتتسربل بالغيم وتتوارى خلف الهضاب..أبكي قليلا ثم أقتات من مهجة الليل..وأنام..أما أنت يا-غسان-يا مهجة الروح:
اقتادتك-الموت-يا غسان- من يد روحك إلى فردوس الطمأنينة،بل ربما إلى النقيض. ولكن..الأبناء البررة يولدون مصادفة في الزّمن الخطإ،ويرحلون كومضة في الفجر،كنقطة دم،ثم يومضون في الليل كشهاب على عتبات البحر..
إبني ومهجة روحي:
منذ رحيلك وأنا أحاول مجاهدا تطويع اللغة،ووضعها في سياقها الموازي للصدمة..للحدث الجلل..إننّي مواجه بهذا الإستعصاء،بهذا الشلل الداخلي لقول الكلمات الموازية،أو المقاربة لرحيل القمر والدخول في المحاق..
ولكن الدّمع ينهمر نزيفا كلّما انبجس-عطرك-من منعطفات الثنايا..
ماذا تعني كلمات أو مفردات:منكوب أو مفجوع أو مدمّى أو منكسر؟
لا شيء..سوى الفراغ الذي كنت تملأه فيما مضى.يتسع بك ويضاء بالبهاء الإنساني والغنى الروحي الحزين جراء فساد العالم وخرابه..
الآن بعد رحيلك-القَدَري-أعيد النظر في مفاهيم كثيرة،ربما كانت بالأمس قناعات راسخة،الآن تبدو لي الحياة بكل مباهجها كأنّها مهزلة وجودية مفرغة من أي معنى سوى الألم والدموع..
غسان:
الزّمان الغض،المضاء بشموس النصر والتحدي.الزمان المفعم بإشراقات القصيد،ما قبل إدراك الخديعة،بغتة الصدمة وضربة الأقدار..
تطاوين الجاثمة على تخوم الجرح ترثيك.فرحة هي النوارس بمغادرتك عالم البشر إلى الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين..
أنت الآن في رحاب الله بمنأى عن عالم الغبار والقتلة وشذّاذ الآفاق،والتردّي إلى مسوخية ما قبل الحيوان.
نائم هناك على التخوم الأبدية،وروحك تعلو في الضياء الأثيري،طائرا أو سمكة أو سحابة أو لحنا في موسيقى.لقد غادرت المهزلة الكونية للعبور البشري فوق سطح الأرض.
في الزمان الحُلمي،كما في رؤيا سريالية،سأحملك على محفة من الريحان،بعد تطهيرك بمياه الوديان،من مصبات الأنهار والمنحدرات الصخرية بإتجاه البحر..سيسألني العابرون :إلى أين؟
في السماء نجمة أهتدي بها.أعرفها.تشير دوما إلى الجنوب.أنت أشرت إليها ذات غسق وهي الآن فوق-مقبرة تطاوين المدينة-تضيئ القبور بلمعانها المميز عن بقية الكواكب.وهي تشير كذلك إلى المرقد والمغيب فوق أفق البحر في أواخر المساءات.أحملك نحوها لتغطيك وتحميك بنورها الأسطوري لتدخل في ذرّاتها وخلودها الضوئي..
قبل هذا الإحتفال الأخير سأطوف بك حول-شارع طارق بن زياد-الذي أحببته،حيث يرثيك أبناء حييك ومجاييلك من الفتيان أمثالك..بدمع حارق يحزّ شغاف القلب..
يسألني العابرون أو أسأل نفسي:هل محاولة إستعادة نبض الحياة الماضية يخفّف من وطأة صدمة الموت؟..لا أعرف شيئا.
عندما تبهت الأيّام، وتنطفئ في عين النّهار إبتسامة حاولت كثيرا أن أغذيها بدمي، يتعالى صراخ من هنا، أو نحيب من هناك، وتتوالد حول الأحداق أحزان كثيرة وعابثة الشعور، تذكّر أنّ الإنتهاء قد اقترن بكل شيء.
في عمق-بحيرة ألمانية- مات -غسان إبني- بكل حتمية.. مات وهو يتوسّد أحلامه وآمانيه..
لقد تجرّأ الموت وسأل -إبني-لماذا يعيش.. ؟! ولا بدّ أن يكون المرء سخيفا ليسأل الموت عن علاقته بإبني.غير أنّي صرت سخيفا لحظة من زمن..
وفي تلك اللحظة عندما نظرت إليه يستلقي في استقرارة أبدية بلا عيون، سألت لماذا تنكسر البراعم قبل أن تزهر.. ولماذا تولَد مصادفة في الزّمن الخطأ، وترحل كومضة في الفجر، كنقطة دم، ثم تومض في الليل كشهاب على عتبات البحر.. ؟!
وأدركت أنّ السؤال قدريّ.. وأدركت أيضا أنّ الدموع لا تمسح تراب الأسى.. إلا أنّ الألحان العذبة التي عزفها لي إبني عبر رحلة لم تكتمل،..ستظل تحلّق في الأقاصي ويتغنى بها القادمون في موكب الآتي الجليل..
وهذا عزائي في المصاب الجلل..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.