قد حفل تاريخ الأدب العالمي بالكثير من روايات الأمراض والأوبئة، تحوّل بعضها الى أفلام سينمائية أو مسلسلات.ورغم كثرتها فإن أشهرها عالمياً-في تقديري-رواية -الحب في زمن الكوليرا- كتب غابرييل غارسيا ماركيز روايته الرائعة «الحب في زمن الكوليرا» (1985)، لأنه يؤمن بأن «الحب موجود في كل زمان وفي كل مكان، ولكنه يشتد كثافة كلما اقترب من الموت». ورغم شهرتها بأنها أهم عمل روائي كان موضوعه الوباء، فإن الوباء فيها لم يكن حقيقياً، بل مجرد إشاعة اختلقها الحبيب السبيعني،الذي قرر أن يمضي بقية حياته مع حبيبته بعد أن جمعهما القدر مرة أخرى على ظهر سفينة، فلم يجد حيلة لتنفيذ قراره سوى الاعلان عن انتشار وباء الكوليرا في السفينة لتخلو من ركابها،ويبقى هو مع حبيبته،رافعين العلم الأصفر للدلالة على استمرار الوباء في تلك السفينة العاشقة..! من الواضح أن العالم،إن نجا، سيكون على موعد مع روايات وأفلام وأعمال أدبية ودرامية كثيرة، يكون -وباء الكورونا-موضوعها ومحورها الأساسي.هكذا علمتنا تجارب الأدب والفن مع الأمراض والأوبئة والكوارث،التي لها لحسن الحظ وجه على علاتها حسن..! وإذا كان رائد الواقعية السحرية وأحد أهم روائيي العالم الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز قد كتب أيقونته الروائية الشهيرة «الحب في زمن الكوليرا»، لتصبح من كلاسكيات فن الرواية في تاريخ البشرية، فإن البشرية ستكون بانتظار إيقونة جديدة لا بد أنها ستخرج من محاجر العزل الصحي أو مستشفيات الحالات المصابة،أو حتى مختبرات فحص الفيروس. ومن يدري؟ ربما تتكرر قصة ماركيز بحذافيرها، فنكتشف نسخة جديدة منها بعد أن رست سفينة الكورونا «دايموند برنسيس»، التي بقيت عالقة في البحار لأيام طويلة بركابها البالغ عددهم نحو 3700 راكب من مختلف الجنسيات..! فالمرض، الذي هو حالة ضعف تلم بالكائن البشري فتعيده الى جهله الأول، يبدو بيئة مغرية للكتاب والمؤلفين كي يطرحوا من خلاله تساؤلاتهم الوجودية دعك من وباء الكوليرا المخيف،الحب يهزم الوباء،يقينًا قراءة هذه الرواية الخالدة مجددًا فى ظل جائحة كورونا لها وقع مختلف،الحب فى زمن الكوليرا لا يختلف كثيرا عن الحب فى زمن الكورونا،سفينة الحب فى زمن الكوليرا لاتينية، سفينة الحب فى زمن الكورونا قد تكون تونسية ،تطابق نفس الرحلة النهرية تصاب بالوباء. يُقال "المصيبة تجمع". هذا ما نشهده اليوم في أقطار العالم كافّة، إذ تتوحّد الشعوب لمواجهة كائن مِجهريّ عرّى الإنسان من غروره واستكباره، وأحاله كائناً هشّاً، عاجزاً، وحيداً، خائفاً، ونفاه بعيداً من قطيعه كالذئب الجريح. فرغم هول المصاب،كان لا بدّ من حدثٍ جَللٍ يُعيد الإنسان إلى رشده وصوابه، يُعيده إلى إنسانيته، إلى الطبيعة الأم،إلى غاية وجوده. أعاد "كورونا" تذكير الإنسان بنِعم الله الكثيرة عليه،وقد غشي بصره عنها..!! لخلاصِكَ، أيّها العالم، ترياقٌ واحدٌ ووحيد: الحبّ. أكُنّا بحاجة إلى "كورونا" لنُدرك أن وقتنا ليس أثمن من أن نمضيه مع العائلة والأصدقاء والأحباء، وليس أثمن من قراءة كتابٍ أجّلناه مراراً، أو من التنزه في حديقة أو على شاطئ، أو من سماع زقزقة عصفور، أو الوقوف دقائق لتأمّل سماء ولوحة ووجه حسناء.. أكُنّا (أكُنتُ) بحاجة إلى "كورونا"، لنبوح (لأبوح) لمن نحبّ (أحب) بكلمة: "أحبّك". لنجاتك،أيّها العالم في عالم متخم بالأوبئة والمظالم،ترياقٌ واحدٌ ووحيد: الحبّ.