في إطار استراتيجية الحجر الصحي الموجه تم استثناء المتقدمين في السن بداية من 65 سنة فما فوق من إجراءات التخفيف من مقتضيات الحجر الصحي الشامل ضمن تعميم لا يفرق بين الحالات الصحية أو المرضية للمعنيين فضلا عن تحديد مستوى العمر ما أثار حيزا من الجدل على أساس أن الحالة الصحية أو المرضية ليست بالضرورة مرتبطة بالسن, والعديد من المعنيين في صحة وعافية ويتحملون مسؤوليات عليا في المجتمع و في الدولة , وربما كان من الأجدر الاقتصار على مصطلح المتقدمين في السن ويكون التعامل على أساس الحالة الصحية أو المرضية للمعنيين الذين من ضمنهم من هو في صحة سليمة وليس لديه أعراض مرضية قد تكون لها علاقة بوباء الكورونا مع تقدمه في العمر إلى مستوى أعلى من الحد الأدنى المعلن, وبالمقابل يوجد من هم في سن متقدمة ولهم بعض الأعراض المرضية ذات الصلة بالوباء وتستدعي حالتهم الحذر والحيطة أكثر من سواهم في ضل الحجر الصحي الموجه , أما أن يحشر الجميع في نفس الدرجة من الحجر الموجه مع ما يقتضيه ذلك من التزامات فهذا من شأنه أن يتسبب في تضييق غير ضروري على الفئة التي تتمتع بصحة جيدة والكثير منهم يمارسون مسؤولياتهم العائلية أو المهنية بالنسبة لبعض القطاعات الحرة ومنهم من يتحمل المسؤولية الأولى في القيام على شؤون الأسرة وأغلبهم من المتقاعدين سواء من القطاع العام أو من القطاع الخاص . لا شك أن التوجيه بالطريقة المذكورة فيه حرص على السلامة الصحية للفئة المعنية من خلال مزيد من التوقي من أخطار العدوى , ولكن كان من الأجدر ومن الحكمة احتراما لهم وتقديرا لسنهم واعتبارا لأوضاعهم من الناحية النفسية والأدبية ومن الناحية العملية أن يتم التعاطي معهم بالمرونة اللازمة وأن لا يقع تحديد السن دون اعتبار لتنوع الفئة العمرية وتوسعها ودون اعتبار للمسؤولية وللقدرة على القيام بالأنشطة المستوجبة على الكثير منهم , وكان من الأفضل تحميلهم مسؤولية الخيار بين الالتزام بمقتضيات الحجر الصحي اعتبارا لحالتهم الصحية (وهو ليس خيارا) وبين التمتع بهامش من حرية الحركة المسِؤولة مع احترام الإجراءات الوقائية المنصوص عليها ضمن الحجر الصحي الموجه للتمكن من قضاء حاجاتهم الضرورية دون تضييق قد يتعرضون إليه عند الخروج لقضاء أغراضهم. المتقدمون في السن فئة واسعة ومتنوعة لا تخلو من هشاشة في أوضاعها الصحية والنفسية والأدبية قد يزيدها الاستثناء مزيدا من الشعور بالإقصاء فيما تبقى لهم من العمر وقد يزيدهم إلزامهم بالبقاء في البيوت شعورا بالاكتئاب وحتى الحزن ما يزيد من تعكر أوضاعهم الصحية والنفسية وبالتالي فهم في حاجة إلى مزيد من الإحاطة والعناية في ضل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد . فهل من سبيل إلى النظر في إمكانية التدارك ومراجعة القرار بالعدول عن تحديد السن واعتماد المرونة الضرورية في تطبيق مقتضيات الحجر الصحي الموجه على المتقدمين في السن, الأمر موكول إلى من له الأمر, نسأل الله السداد والتوفيق.