الكنام تعلن مواصلة العمل بمنظومة الطرف الدافع بصفة مباشرة مع الصيدليات    قابس: حملة "أوقفوا التلوث" تؤكد التمسك بتفكيك الوحدات وتدعو الي مسيرة شعبية يوم 31 أكتوبر    تحويل جزئي لحركة المرور على مستوى جسر لاكانيا ابتداء من يوم الخميس 30 أكتوبر2025    وزيرة المالية تؤكد تراجع نسبة البطالة الي 15.3 وتحقيق نسبة نمو ب3.2 بالمائة في الثلاثي الثاني من 2025    الكشف عن خطة أمريكية للقبض على مادور عبر قائد طائرته    ترامب: الاقتصاد الأمريكي ينمو بوتيرة أسرع بثلاثة أضعاف من التوقعات    برشلونة يستعين ب"الرجل الخبير" لتقويم سلوك نجمه يامال    دراسة تحذر: النوم تحت الأنوار قد يسبب أمراض القلب    البطولة العربية للأندية لكرة اليد للسيدات: تركيبة المجموعتين    نائب الرئيس الأمريكي: وقف إطلاق النار في غزة صامد    عاجل/ فاجعة في راود..جريمة قتل مروعة..    فيلم "ريح السد" للنوري بوزيد يعود للقاعات في نسخة مرممة انطلاقا من 12 نوفمبر 2025    عاجل: منخرطو منظومة طبيب العائلة يمكنهم اقتناء الأدوية من الصيدليات مع استرجاع المصاريف    هام/ تونس تُفعّل خطة الوقاية من النزلة الموسمية والأمراض التنفسية..    سيدي بوزيد: عروض متنوعة في المهرجان الوطني فنون وابداع بمنزل بوزيان    فلاحتنا...17 اجراء جديدا لتصدير و تخزين زيت الزيتون...منح للفلاحين وجدولة قروض أصحاب المعاصر    خطير/ اقتحام وسرقة جامع بهذه الجهة..وهذه التفاصيل..    بطولة الرابطة الثانية: برنامج مباريات الجولة السابعة    البطولة العربية للأندية للكرة الطائرة (سيدات): النادي النسائي بقرطاج يواصل التألّق ويفوز على فتيات العيون الكويتي بثلاثة أشواط دون رد    باجة: الدورة التاسعة لمهرجان الرمان بتستور من 29 اكتوبر الى 2 نوفمبر وسط توقع صابة طيبة للرمان بالمنطق    عين دراهم: الدورة الثانية لخريف خمير الموسيقي    في البيان الختامي لمؤتمر الجبهة التقدمية العربية ..سلاح المقاومة هو الخيار الوحيد للتعامل مع العدو الصهيوني    أحدهما متورّط في قضية التآمر على أمن الدولة .. تأجيل محاكمة سفير ومستشار سابقين أمام دائرة الارهاب    حتى موفى سبتمبر: تراجع قيمة صادرات زيت الزيتون ب28،4 بالمائة    القبض على "مروّع مستعملي الطريق" بجبل الجلود..وهذه التفاصيل..    تنظيم الدورة الثالثة من تظاهرة "جامعة تونس المنار، منارة الثقافات" يوم 4 نوفمبر المقبل    راغب علامة لزوجته في عيد ميلادها: ''وجودك بحياتي نعمة''    تونس تتجه نحو الاقتصاد في قيمة دعم المحروقات والكهرباء بنحو 726 مليون دينار سنة 2026    عاجل: ملعب رادس هو الوحيد المعتمد لتونس في دوري الأبطال!    عاجل : وفاة الإعلامي اللبناني بسام برّاك    مونديال تحت 17 سنة لكرة اليد: المنتخب الوطني ينهزم امام نظيره الإسباني    عاجل: تحطم طائرة في كينيا.. وفاة 11 شخص بينهم ألمان ومجريين!    دكتورة مختصّة تكشف طرق معالجة الإطفال من الإدمان    عاجل: وفاة مفاجئة لنجم التيك توك...شكون؟    تونس تشارك ب 10 جذافين في البطولة الافريقية للتجذيف الكلاسيكي والتجذيف الشاطئي    عاجل/ تحسّن صرف الدينار أمام الدولار والأورو    بشرة خير: نشاط جوي بارد في هذه المنطقة    أحمد بالطيب : معدل رضا السائح وصل ل7/10 ...و المؤشرات إيجابية    تعرفش سوم الدجاج والسكالوب بقداه اليوم في تونس؟    كيفاش تحمي رضيعك من التهاب القصيبات الهوائية ''Bronchiolite''؟    الحماية المدنية: 422 تدخلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل/ وزيرة المالية: الأولوية في التشغيل لهذه الفئات..    ميسي يتطلع للمشاركة في كأس العالم 2026 رغم مخاوف العمر واللياقة    عاجل/ الإحتلال ينشر فيديو جديد للسنوار قبل أيام قليلة من استشهاده    شنوا يصير كان تونس ترفع المعاليم الديوانية على السلع الصينية ؟    بعد أشهر من الخلاف.. ترامب لماسك: "سأظل أحبه دائما"    حكم بالسجن لمغتصب فتاة من ذوي الإحتياجات الخاصة    تجاوزات في السكن والنقل والتأمين.. موسم العمرة يبدأ بالشكوى!    تنديد بالإرتفاع المُشط في أسعار اللحوم الحمراء.. #خبر_عاجل    عاجل: عودة الأمطار بداية نوفمبر... وتقلبات منتظرة في الأسبوع الثاني    طقس الثلاثاء: الحرارة بين 19 و30 درجة مع سحب عابرة ورياح قوية    وزارة الصحة : اطلاق خطة وطنية لحماية الأطفال من التهاب الشُعيبات    أولا وأخيرا: خلاص الفاتورة في الدورة    ملتقى حول الشيخ الطاهر بن عاشور    الليلة.. انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    بالفيديو : صوت ملائكي للطفل محمد عامر يؤذن ويقرأ الفاتحة ويأسر قلوب التونسيين...من هو؟    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد اللطيف الفراتي يكتب لكم: واحد بعد آخر.. الشاذلي القليبي يغيّبه الموت فيترك فراغا كبيرا
نشر في الصريح يوم 14 - 05 - 2020

مما يزيد من لوعة الحسرة والفراق، أن يموت رجل مثل الشاذلي القليبي، ولا نستطيع مرافقته إلى مثواه الأخير، في هذا الزمن السيء بكل المقاييس، مثلما حصل لي قبل أربعين يوما عند وفاة صهري زوج ابنتي الكبرى، على صغر سنه نسبيا، فلا نستطيع مرافقته إلى مثواه الأخير… نفس الإحساس ونفس الظروف، أن يموت قريب على صغر سنه هو هشام المراكشي، ونفتقده فلا نلتقيه حتى ميتا بطعم حاد للمرارة، مصيبة كبرى ، وأن يموت عملاق مثل الشاذلي القليبي، مصيبة بطعم آخر في مرارته في الحلق ولا نتمكن من تشييعه.
كان الشاذلي القليبي يملأ الساحة، بعلمه وهدوئه، ودماثة أخلاقه ، وكفاءته وتفانيه في خدمة الصالح العام بدون ضجيج ولا ادعاء.
منذ أن جاء من فرنسا حاملا للتبريز في اللغة العربية وآدابها، وهو في عمل دؤوب لفائدة بلاده، ولفائدة الأمة العربية جمعاء، والانسانية كلها.
أقتربت منه كثيرا، وإذ ليس غريبا أن أحمل له تقديرا بلا حدود ، فلن أكون مدعيا إذ أقول إنه كان يحمل هو نفس الشعور تجاهي، لم يكن يفصح عن ذلك ولكني كنت أستشف ذلك منه شخصيا، ومما كان ينقله لي أقرب المقربين إليه وخاصة أحمد الهرقام ومحمد المغربي.
وحتى نعرف معدن الرجل بلا رتوش سأتوقف، عند أربع محطات تبين عمق فكر، وأخلاق الرجل:
أولها في السبعينيات من القرن الماضي ، وكنت صحفيا شابا، ولكني كنت لسبب ما أحوز على رضا عدد من المسؤولين وكبار القوم، وفي نفس الوقت على استهجان بعضهم وفي كثير من الأحيان رضا واستهجان نفس المسؤولين ، في أحد الأيام ولم أكن أحمل أية مسؤولية، لا في صحيفة الصباح، ولا في المجتمع المدني وخاصة جمعية الصحفيين التي توليت فيها مسؤوليات عديدة قبل أن أصبح رئيسا لها، دعتني كاتبة السيد الشاذلي القليبي إلى مكتبه، وكان بيننا في جريدة الصباح والوزارة مائة متر، بين نهج علي باش حانبة، ونهج الجزائر، دخلت مباشرة إلى مكتبه حيث وجدته مضطربا، فكان قد صدر أمر باحتجاز جريدة تونس هبدو، استدعاني ولم أكن أحمل صفة رسمية ليقول لي : لست مسؤولا عن إيقاف الجريدة، وأنت أول من تعرف أنني ضد النيل من حرية التعبير ، وسأسعى جاهدا للرجوع في هذا القرار ، فهمت الرسالة، وبلغتها على أنها معلومة من عندي، وخف جو احتقان ساد يومها وكان له الفضل في رفع القرار.
وثانيها وهو حديث عهد بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية في أواخر السبعينات، عندما دعاني إلى مكتبه ، كان أمامه مقال للدكتور كلوفيس مقصود ، وهو كاتب وسياسي لبناني مرموق كان كتب مقالا رائعا في صحيفة النهار العربي والدولي، التي كنت مراسلا لها في تونس ، طلب مني الشاذلي القليبي أن أسعى بصفة غير رسمية للاتصال برئيس التحرير أيامها عبد الكريم أبو النصر ، وأنظم معه استقدام الدكتور مقصود إلى تونس، من مقره في بيروت لمقابلة في إطار التكتم مع أمين عام الجامعة العربية ، وفعلا تم ترتيب الأمور ، ووصل الدكتور كلوفيس مقصود إلى تونس في طي الكتمان ، وانتظرته بسيارتي أمي 8 الزرقاء الصغيرة في المطار، ورافقته إلى مقر الجامعة العربية في شارع خير الدين باشا، أوصلته إلى الطابق السادس وانسحبت إلى مكتب أحد الأصدقاء الكثيرين بمقر الجامعة، دون أن أنسى تنبيه السكريتيرية الخاصة بالأمين العام إلى حيث أنا متواجد، دامت المقابلة ساعة ونيف، ثم تمت دعوتي لاصطحاب الدكتور كلوفيس مقصود إلى فندق أفريكا، حيث كنت حجزت له "سويت"، صاحبت الدكتور للفندق ، ولم يحدثني بشيء، قدرت تحفظه، أوصلته حتى الاستقبال واطمأننت إلى أنه تسلم مفاتيح غرفته، عشية نفس اليوم صدر عن مكتب الأمين العام ، قرار بتعيين الدكتور كلوفيس مقصود سفيرا مندوبا للجامعة العربية في الامم المتحدة ، وكان أفضل سفير للعرب في المنتظم الأممي على مدى 10 سنوات ، بصوته الصادح وتحاليله المقنعة وقدراته الخارقة على التواصل، ولن أطيال في الحديث عن فراسة الشاذلي القليبي في اختيار المساعدين المقتدرين ، في الإدارة التونسية ، ولكن سأتوقف عند من كان له فضل اختيارهم ، وهو أمين عام للجامعة العربية ، ومنهم حمادي الصيد كسفير للجامعة في باريس حيث أمكن له بعلاقاته الواسعة وفصاحته وسيطرته على أعقد الملفات، أن يعطي للقضية العربية بعدا لم تكن له سابقة ، وثالثة الأثافي عندما عين أحمد الهرقام سفيرا للجامعة العربية لدى ديوان الأمم المتحدة في جنيف، حيث يتم التحضير لأهم القرارات التي تهم الصراع العربي الاسرائيلي، رافق ذلك إدارة إعلامية نشيطة في المقر بتونس بمحمد المغربي وعبد الله عمامي واللبناني وليد شميط، وقد تفطن الشاذلي القليبي وهو رجل الثقافة والإعلام ، إلى الدور البارز لكليهما في تشكيل رأي عام مساند للقضايا العربية.
وثالث موقف شهادة هو أني وكنت في 1979 حديث عهد بالمسؤولية في جمعية الصحفيين، عندما دعاني يوما ، وسألني عن مقر الجمعية ، وكان يراها " بالعين الكبيرة " كما يقول مثلنا الوطني، وهو الذي تم استدعاؤه لمقرات نقابات وجمعيات الصحفيين، للمحاضرة في نيويورك وباريس والقاهرة، ورجاني أن أتدبر مقرا لائقا للجمعية، على أن تتولى وزارة الثقافة والاعلام تمويل تكاليف الكراء والتأثيث ، وقبل يوم من مغادرته للوزارة ، ليتولى الأمانة العامة للجامعة العربية، سلمني شخصيا وباسم الجمعية ، صكا بمبلغ الكراء والتأثيث، بعد أن كنت قد قدمت فاتورة في تلك التكاليف، وكانت تلك أول مرة تنتصب فيها الجمعية في مقر لائق في نهج النمسا في قلب العاصمة.
ولن أطيل أكثر ولكني سأذكر أن الشاذلي القليبي ، كان هو محرر وكاتب الخطب الرسمية للرئيس بورقيبة، وكان تأثيره كبيرا فيها، ولعل أبرزها ذلك الخطاب الذي أعلن فيه بورقيبة، عن أنه لا " يرى مانعا في قيام أحزاب غير الحزب الحاكم، وهو نص تاريخي باعتبار ظروف ذلك الزمن في 1980/1981، تم تصوره في الصيغة المقبولة من الرئيس بورقيبة، بالتعاون بين الشاذلي القليبي ومحمد مزالي الوزير الأول آنذاك.
وخلاصة القول، أن الشاذلي القليبي لم يكن أقل من مؤسسة قائمة الذات بشخصه وهدوئه وسلامة سريرته ووطنيته ونجاعته.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.