مقابل جمعة غضب ودماء ورصاص أخرى في أكثر من دولة عربية كانت هناك جمعة فرح زاهية ومتألقة وصاخبة في بريطانيا فشاهدنا حشودا بشرية هنا تصرخ وتستغيث وتطالب وتتألم وحشود هناك تحتفل وتتزين وتتأنق وتبتهج بمناسبة زواج الأمير وليام حفيد ملكة بريطانيا ورغم أن قناتنا الوطنية بجلت حفل العرس الاسطوري الملكي على حدث اقتحام كتائب القذافي لحدودنا الجنوبية بأسلوب بنفسجي بائد حنت وعادت اليه حيث العرس في بريطانيا والزغاريد والبقلاوة في تلفزتنا فانني لم أتواطئ معها في مشاهدته ولم تبنج به قلقي بل اكتفيت بموجز اخباري استفز في نفسي أسئلة حائرة ومحيرة ................. لماذا يقف ملايين العرب في ساحات التغيير والتحرير مطالبين بالحرية والديموقراطية والكرامة ويقف في الضفة الأخرى ملايين البريطانيين ومعهم الأوروبيين يغنون ويفرحون ويرقصون في عرس ملكي فاخر وتقليدي ؟؟ لماذا كل مطالبنا التي بحت أصواتنا وسالت دمائنا وهرمت رؤوسنا من أجل تحقيقها هي بالنسبة لهم لم تعد مطالب أو هموم تزعجهم بل لا توجد عندهم سوى كدروس وأحداث عريقة في كتب تاريخهم وتحديدا في صفحات القرن الثامن عشر ؟؟ لماذا نحن ما زلنا هنا في القرن العاشر ووصلوا هم الى هناك الى القرن الواحد والعشرين حيث الحرية كالهواء يتنفسه كل الناس بالعدل والديموقراطية كالخبز على كل مائدة ؟؟ .................... كان عرس الأمير البريطاني أسطوريا باهرا مبهجا لكن مشاهده الساطعة جرحت فيا عروبتي فكل صيحة فرح هناك في ساحات لندن ذكرتني في صرخة عذاب وقهر وألم هنا في ساحاتنا الغاضبة الهادرة وكل بهجة سطعت في الوجوه هناك ذكرتني في البؤس الساكن في وجوه المقهورين وملامح الغاضبين المظلومين هنا وكل وردة زاهية تتناثر باقاتها على الناس المحتفلين هناك ذكرتني في قنابل غاز تتهاطل على المتظاهرين المقهورين هنا انهم هناك في عصر آخر بعيد عن عصرنا حيث الحرية عندهم لم تعد طموحا ومطلبا بل هواء لا يمكن منعه وسرقته بينما علمنا حكامنا أن الفقر واجب والظلم قانون لذلك يجمعنا البؤس والحزن والقهر في الساحات ويجمعم الفرح والاحتفال والغناء في الطرقات وكما يقول المثل واحد يعرس وواحد يتهرس