رغم ما فيها من بعض الحدة، كانت مداخلةُ الصافي سعيد التي استمعنا إليها يوم الخميس الماضي باحدى الاذاعات التونسية "صادقةً وصريحةً" بل وحتى "مخلصةً ونصوحةً"، فأحَب الناسِ إليّ مَن اهدى إليّ عيوبي، بحسب المقولة التي تُنسب الى سيدنا عمر بن الخطاب !.. من بين ما جاء في المداخلة قوله عن الرئيس قيس سعيد: "ليس السياسة تكتيكات ولا خزعبلات وانما مبادئ وانجازات ووقفة مع التاريخ، والتاريخ يعني المستقبل".. ثم اضاف :" نهايتُك ستكون شنيعة كنهاية سياسي أعزل " !..(أما عن رئيس الحكومة فالموقف لم يختلف كثيرا، حيث قال: "ظهرك عاري وصدرك عرضة لسهام المعارضة"... وهذا ايضا صحيح).. إن اكبر وأشد اخطاء قيس سعيد هي إصراره على رفض تكوين حزام سياسي في شكل حزبٌ مثلا (...راجع مقالي:الصريح، قيس سعيد وعدم لزوم ما يلزم).. وفي رأيي الأستاذ قيس سعيد دائما يتصرف بطريقة عجيبة وغريبة تجعلنا في حيرة مرتبكين: هل هو نتيجة غرور وتعالي وعظامية أم نقاء وزهد ورضا بالقَدر"..؟!..الحقيقة انا أرجح انه بين هذا وذاك، لكن اقرب بكثير الى الفرضية الثانية!..فهو ليس من الباحثين عن البروز والتواجد بالمنصات الإعلامية، فقد قال في محاورة صحفية مطولة خلال تلك الأيام هذه الكلمة الرائعة بحق : -الصيد الحقيقي للديمقراطية ليس في الصناديق وإنما في وعي المواطنين- !!..وفي حملته الانتخابية لم ينفق تقريبا أي شيء.ورفض تسلم المنحة العمومية المخصصة من الدولة للمترشحين !..وحين كان منافسه موقوفا اوقفَ الدعاية الانتخابية..(لكن هذا المنافس استمعنا اليه منذ اسبوعين يتوعد قيس سعيد ب »سحب الثقة" !!! ) !.. وعلى كل حال وكما قال الصافي سعيد عن الرئيس في المداخلة المذكورة: "انت لست عمرا بن الخطاب، وعمر بن الخطاب ليس هو من سيصنع لنا المستقبل"!.. الخاتمة والمختصر المفيد: لقد صدَرَ لي بهذه الصحيفة القيمة الصريح الغراء في نسختها الورقية يوم الثلاثاء 11افريل 2017، مقالا بعنوان - دعوة الى بعث هيئة وطنية-.وفيه حرّضتُ عدة شخصيات وطنية لامعة ذكرتها بالإسم (كان في الصدارة: قيس سعيد ثم الصافي سعيد..)ولقد نبهتُ الى ان اولويات هذه "الهيئة الوطنية" هو حصولها على الاغلبية البرلمانية التي بدونها لا مجال لأي اصلاح معمّق وجريء. ولقد نبهت الى أن الرئاسية لا تسمن ولا تغني من جوع! .. لكن وللأسف كل هذا ذهب ادراج الرياح، فقيس سعيد فضّلَ"الصيد منفردا"، ومن ناحية ثانية اكتفى بالرئاسية، فكانت نتيجة البلاد كما يرى الجميع الآن !.. ولهذا فإنني أكرر اليوم نفس الدعوة، لكن هذه المرة موجهة فقط الى الصافي سعيد الذي لو يبادر إلى تشكيل حزب فسيحصل على تأييد شعبي غير مسبوق!!... لكن وبكل تأكيد، كل خطوة يجب ان تكون بشكل جماعي تشاوري بعيدا عن التسلط وعن الفوقية البغيضة!!..( ربنا او خطوة تبدأ بدعوة كل النشطاء والنخبية الوطنية المتقاربة مع الصافي سعيد الى مؤتمر للتباحث والتشاور لبلوغ هذه الغاية الوطنية السامية!). إنه خذلان كبير للوطن تركه لمزيد عبث الصراعات الحزبية التي اعمتها الشراهة والأحقاد عن رؤية وادراك التردي الذي وقعت فيه البلاد ،فلم تعد ترى وتعي إلا ما يصدر عن شركات سبر الآراء ونوايا التصويت!!...(هؤلاء هم انفسهم الذي يصمّون آذاننا في كل المناسبات: فلا عاش في تونس من خانها *ولا عاش من ليس من جندها !!! ... )