تقول الجازية الهلالية رحمها الله في شأن اتعاب مرحلة الشيخوخة وفي سوء آثار سنوات الكبر الذين داهماها فجأة وضرباها ضرباتهما الموجعة المؤلمة القوية واعجزاها وحرماها من الحركة الطببعية والتمتع بملذات الحياة الدنيوية وذهبا بجمالها ومفاتنها الشبابية (تنميت شي صعيب مالقيتاشي الموت ثم والكبر ما ثماشي).. لقد تذكرت كلام الجازية الحزين الباكي الذي قالته ورددته في قديم وسالف الأيام لما رأيت صورة الممثل عادل امام الحقيقية وقد بلغ سن السابعة والسبعين دون مكياج ولا مساحيق ولا عقاقير تجميلية والتي أثارت مختلف الملاحظات وجميع انواع التعاليق الفيسبوكية.. وعلى كل حال فان عادل امام لم يكن وسيما ولا جميل الشكل في يوم من الايام، ولم يكن الجمال ولم تكن الوسامة سببا في نجاح ما قدمه من الأفلام، وانما كان سبب نجاحه بلا جدال مواهبه الربانية الاخرى ومن أبرزها خفة الروح الالهية وما يتقنه من فنون التعبير وروائع الكلام الذي أضحك وسلى به الملايين من سكان هذه الكرة الأرضية.. بل ولعل ما اتصف به من فقدان الجمال وانعدام الوسامة هما من أبرز اسباب ما وصل اليه في مجال التمثيل من علو الشأن وارتفاع القيمة والقامة، ولقد رأينا ممثلين كثيرين تفوقوا عليه في الجمال والوسامة ولكن الشيخوخة لم ترحمهم فلما أدركتهم جعلتهم مثله اليوم في نفس الشكل وفي نفس الحالة كما جعلتهم يقولون ويرددون ما قالته قبلهم الجازية بقرون وما ذكرته للقراء في عنوان ومقدمة هذه اليومية، فاللهم انا نعوذ بك من أرذل العمر ونعوذ بك من أن تصبح اشكالنا اضحوكة وسخرية بين البشر واقبضنا اللهم اليك ونحن نرى الضوء قبل ان يدركنا ويباغتنا الظلام واجعلنا ذاكرين ان كل من على الارض معرضون لعوارض الشيخوخة وسوء الحال وضعف القوة وذهاب الشباب الذي قال فيه ابو العتاهية وقد داهمه المشيب ولم ينفعه في استرجاعه دواء ولم ينجه طبيب(الا ليت الشباب يعود يوما فاخبره بما صنع المشيب)