توطئة:الحديث المعتاد عن الوطن العربي وآفريقيا بلسان الانسان، أصبح كطاحونة الشيء المعاد...فعوضه لسان الحيوان، لعل الامر يعرف يقظة في يوم الميعاد..ونشد بذلك الرحال الى مملكة الحيوان..ونعيد حساب الرجال من الذين شرّعوا لديمومة الاستقرار في الاكوان... ....إتكأت على الطوى.. فأخذني الكرى،فرأيت فيما يرى النائم ..والليل قائم.. والعقل هائم ..ابن آوى يعتلي ربوة من أشواك.. ومن حوله كلاب وذئاب.. و ضباع!! يخطب فيهم!! و يحثهم على مزيد الآنصياع ..لحقيقة الطباع ,وللعرف المشاع .. والانقياد لسلطة "الضمير الأسود " العائد من الضياع!! كان خطيبا ذكيا ولبيبا، كان أمره عجيبا ,كيف أعتلى الربوة الشماء؟ وليس في جرابه خبرة الحكماء؟ ولم يعرف من قبل قيادة قبيلته، قبيلة النباح والغوغاء ؟ كان الجمع بمعزل عما حولهم،كانوا مخمورين بما جاءهم من سيدهم... وعلى بعد ميل من الربوة، كان الاسد يعبّ من الصبوة مع أنثاه اللبؤة, كان يغازلها ويلاعبها غير عابئ .بما يدور حوله وحولها ؟ كان يعرف أكثر من غيره أن غوغاء الذئاب تذوب لو زأر ؟ و لو تحرك وثار لفروا ولتناثروا كالذباب!! والقرد فوق السنديانة العالية يرقص للقلوب الخالية ويعيد على المسامح الخالية، الأهازيج البالية!! والتمساح القبيح يسبح في الغدير الفسيح، يتربص بحكمة..ويترقب مقدم فريسته لينقض عليها قبل أن يفاجئه التصريح بضرورة إخلاء المنطقة والرحيل عن أرض المسيح! وعلى بعد ميلين ونيف .من مقام الليث... والحمار الضيف!! ..سمعت الجمل الصبور يقص على قبيلة الطيور حكاية الارنب والشحرور فقال : {... قد تواد أرنب جميل، وحسون, وتصادقا وتعاشرا وتحابا حبا ذو شجون, فكانا ذات يوم جالسين تحت شجرة زيتون , يتحدثان فأقبل عليهما فهد مشحون فطار الحسون نفسه على الشجرة , وبقي الأرنب متحيرا. فقال الارنب بذكاء : أيها الصديق المخلص , نجني بحسن دهائك و قوة حيلك , و لا تتركني وحدي للفناء , فطار الحسون.. نحو أحد الرعاة غير بعيد عن غدير ماء الصفاء, معه كلاب وعرة كالفلاة , فناوشها فاتبعته بدون عناء حتى اقترب من الفهد , فلما رأت الكلاب الفهد وثبتت عليه , ومزقته شر ممزق , ونجا الارنب بحيلة الحسون الجهنمية " وهكذا تكون الصداقة الحقيقية" !! قالها بفخر الأرنب... ثم التفت الحسون إلى الأرنب وأنشدها شعرا [للشاعر الابنودي ] "ما ودني احد إلا بذلت له * صفو المودة مني لآخر الابد.. و لا أخون خليلي في خليلته حتى أغيب في الأكفان و اللحد.." فرد عليه الأرنب بحكمة [للشاعر نصيب بن رباح] * ولا خير في ود أمرى متكاره * عليك و لا في صاحب لا توافقه * إن المرء لم يبذل من الود مثلما * بذلت له فاعلم أني مفارقه".. } سمع الفيل الحكاية!! فقصها بحذافرها على الزرافة!! ثم التفت إلى النعامة، وقال لها: وأنت هل آتعضت من سردها ؟ فهربت في سرعة وهي تردد: لا علم لي بالحكاية لا علم لي بالسخافة... مع السلامة !! مع السلامة... وهربت النعامة مرفوعة الرأس غير عابئة بما يدور في الرأس من خدش لحياء المعتاد ومن العذاب والبأس..وفجأة أوقفتها مظاهرة حيوانية ضخمة يتراءسها غراب في بزة فخمة، يعتلي شجرة عالية ومن حوله شحارير ونسور يبكون حالهم وحال الغابة الجدباء والاوكار الفارغة والبالية وحال الاراضي المحاصرة بالديناصورات الضارية، وشدّها ما خطّ من شعر*[صلاح الدين الصفدي ] على يافطة عريضة مشدودة بأيادي و بأجنحة طيور خاوية البطون ، شاحبة اللون، مريضة: * من ذا يفرج كربا بات يضنينا ويزرع الورد فينا والريا حينا * وينشر الهدي ايمانا وموعظة فبالجهالة قد خابت مساعينا * غابت مناقبنا وآسودّ حاضرنا وأوشك اليأس أن يغشي أمانينا * فنحن من فرقة ، بلوى تمزقنا وتملأ الجوف زقوما وغسلينا قرأت النعامة ما كتب بإمعان ، وحفظت ما سمعته من سيد الغربان ورجعت أدراجها وهي تردد: متى تأتي يا ايها الطوفان..متى تهبّي يا رياح النسيان ؟؟ متى..متى..؟ وفرت وهي تردد: مع السلامة..مع الندامة !!!