جاءنا خبر يقول ان سلسلة مطاعم ماكدونالدز في بريطانيا قد قدمت اعتذارا لاحدى الفتيات المسلمات المحجبات بعد منعها من جانب احد موظفي رجال الأمن من دخول احد مطاعمها بلندن كما زادت فاصدرت بيانا جاء فيه انه ليس من سياستها منع الناس من دخول مطاعمها بسبب عقائدهم ومهما كانت ازياؤهم الدينية، كما وعدت ان تعالج هذا الأمر بطريقتها لتتلافى وقوع مثل هذا الأمر في مستقبل علاقاتها بزبائنها.. لقد ذكرني هذا الاعتذار وهذا الموقف الحازم من القيمين على سلسلة هذه المطاعم بذلك المثل الفرنسي الذي عرفناه وحفظناه في بلادنا التونسية من قدماء و اساطين التجار في هذه البلاد وهذه الديار والذي يقول( ان الحريف هو الملك) مهما وقع ومهما صار ولكن مع الأسف الشديد فان التجار في بلادنا اليوم لم يعودوا يعملون بهذا المثل وهذه الحكمة الا قليلا فلم نسمع في الغالب ان احدى مغازاتنا او احدى شركاتنا قد اعتذرت للحرفاء رغم الاخطاء التي يرتكبونها في حقهم في الصباح وفي المساء. واني اشهد والشهادة من الدين انني قد قصدت احدى المغازات التونسية منذ ايام لقضاء شأن من الشؤون وبعد ان دفعت ما طلبه مني العون المحاسب في الكاسة راجعت ورقة المحاسبة وهي عادتي منذ ان اصبحت اوضاع التجارة التونسية تعيش في هذه السنوات العجاف الاخيرة مثل هذه الظروف الجديدة البائسة، فتفطنت الى انه قد قام بخطا احتسب فيه ستة دنانير بالتمام والكمال زائدة على الحساب فلما قصدته وراجعته في هذا الخطأ تركني انتظر بعض الوقت ثم اعاد الحساب فتاكد من الخطا لكنه لم يعتذر عن خطئه ولو بكلمة واحدة وكان شيئا لم يصدر منه والذي كاد ان يكلفني دفع كل هذه الدنانير الزائدة اليست مثل هذه المعاملة الرديئة التي وجدها اخوكم كاتب هذه السطور في تلك المغازة والتي لا تعرف شيئا اسمه الاعتذار هي التي جعلت اغلب التجار في بلادنا يعانون ويشكون الركود والبوار ؟ وهل هناك شيء افضل من الاعتراف والاعتذار عند الوقوع في الأخطاء يا اهل العلم والتربية والفطنة والذكاء؟ أوليس مثل ذلك الاعتذار الجميل الذي صدر عن القيمين على سلسلة مطاعم ماكدونالدز الشهيرة هو الذي جعلها تحقق مثل تلك الأرباح الخيالية الوفيرة ؟ او لم نحفظ عن ابائنا وعن جدودنا الأولين (ان الكلام الزين يدفع في الدين)؟ وهل بقي هناك شك في ان سر النجاح الاول في مجال التجارة هو الاعتراف والاعتذارعند الوقوع في الخطا في معاملة الكبار والصغار؟ وهل هناك عاقل يجادل في ان معاملة الحرفاء على قاعدة وعلى اساس ان الحريف مهما كان ومهما يكون هو الامير وهو السلطان وهو الملك المحترم المبجل المصون مادام ماله هوالمراد وهو المقصود وان التجارة في غيابه وفقدانه لا يبقى لها اسم ولا رسم ولا كيان ولا وجود)؟؟