عندما أطلقت حملة" وينو البترول" كانت ضمن توجه كامل من منظمات المجتمع المدني يهدف إلى التدقيق في ثروات البلاد ككل والتأكد كون موارد الدولة وبالتالي ثروات الشعب لا تنهب ولا تسرق.ورغم أن تأكيد وجود كميات كبيرة من النفط هو غير مؤكد بل مشكوك فيه فالثابت ان هناك ثروات أخرى يصعب التشكيك في وجودها وفي مردوديتها الكبيرة. فمثلا لا يمكن إنكار كون تونس من أكبر البلدان انتاجا للفسفاط وأيضا للملح .لكن لماذا نذكر الملح هنا: هناك أسباب تطلبت فتح هذا الملف من الخبراء ومنظمات المجتمع المدني والإعلام منها جودة الملح التونسي والطلب الكبير عليه عالميا.السبب الثاني هو ضخامة الكميات المنتجة والسبب الثالث هو ان هذا القطاع يكاد يكون غير مجدي اي ان الموارد التي يوفرها لخزينة الدولة قليلة جدا بل هي هزيلة ولا تعكس حجم الانتاج الحقيقي.
نهب و استغلال
سنتحدث أولا بلغة الأرقام حيث يقدر الإنتاج السنوي لتونس من الملح ان كان غذائيا او طبيا أو ما يخصص لاستعلامات دقيقة ما بين 1،5و 2 مليون طنا سنويا يخصص منها 100 ألف طن فقط للاستهلاك والاستغلال الداخلي والبقية يقع تصديرها. الغريب في الأمر ان الدولة تحقق موارد سنوية من الملح المصدر لا تتجاوز 12 مليون دولار في حين ان رقم المعاملات الحقيقي يصل سنويا إلى ما بين 3،5 و3،75 مليار دولار فأين تذهب هذه الموارد .
ماذا يحصل في قطاع الملح؟
ما يحصل في هذا القطاع يمكن اعتباره عملية نهب للدولة فإلى حد الآن تستغل شركة كوتيزال الفرنسية الملاحات التونسية وأهمها من ناحية الإنتاج والمردودية 6 بشكل حر وفق اتفاق يعود لعام1949 ولم يعدل إلى الآن اي ان الدولة تحصل على فرنك مقابل كل طن من الملح اي أنها تسعيرة عام 1949 ولم تتغير ونحن في 2018 . بمعنى أخر فان تونس في القرن الحادي والعشرين وبعد زهاء ثمانية عقود ماولت خاضعة لاتفاق بين الباي والمقيم العام الفرنسي. بالتالي فما يحصل هو جريمة ضد الدولة والشعب وإهدار ثرواته وموارده .والسؤال هنا: هل الحكومة جادة هذه المرة في اتخاذ قرار مراجعة اتفاقيات الملح ثم ألا يمكن محاسبة الأجانب على سرقة خيرات تونس لعقود طويلة؟!!