التونسية (تونس) «بلادي وإن قست علينا أحنّ» ...هي كلمات ليست كالكلمات لما فيها من تلخيص لقصة طويلة مع الوجع والألم والمعاناة...هي رسالة حملها أولياء حوالي 43 شابا تونسيا قيل انه غرر بهم وجندوا للقتال في سوريا ليجدوا أنفسهم وسط «المحرقة» السورية بين «جحيم» السجن في الغربة ومعاناة البعد والفراق... «مأساة» قد لا يدرك معناها غير ذاك الذي اشترى «الجنة» من سوق «الجحيم» واكتوى بنار السجن في «الغربة» وذرف دمع الندم دما حين لا ينفع الندم...رحلة اعتقدوا أنها تقود الى الفردوس حيث الحسناوات وحور العين لكنها أخذت منحا عكسيا إلى الأسوإ حيث «جحيم» المعتقلات ومعاناة السجون...هو إحساس «فظيع» حاول جمع من الاولياء نقله عن أبنائهم ال43 ،منددين ب «تقاعس السلطات التونسية وتراخيها» في سبيل العودة بفلذات اكبادهم خاصة ان السلطات السورية كانت قد اعربت عن نيتها بتسليمهم الى تونس شريطة تدخل السلطات التونسية للعودة بهم الى بلادهم. «التونسية» بحثت في الموضوع وتحدثت الى أفراد بعض عائلات الشباب ال43 العالقين بالسجون السورية منذ ما يناهز السنتين فكانت شهاداتهم كالاتي: اشهر مرت منذ ان تعهدت دمشق بضمان «محاكمة عادلة» للمقاتلين التونسيين الذين «يضعون السلاح ويسلمون أنفسهم» للسلطات السورية...4 اشهر عن تاريخ الموافقة السورية على مبادرة اطلقها ممثلون عن منظمات المجتمع المدني في كل من تونس وسوريا والقاضية بتسليم 43 سجينا تونسيا جندوا للقتال في سوريا،مؤكدة ان سبب الاعفاء عنهم انهم لم يشاركوا في المعارك...والى حد اللحظة لم تتطأ قدم أي منهم التراب التونسي. «أبناؤنا وإن أخطؤوا» محمد بلحاج عمر ابن التاسعة عشر ربيعا واصيل «قليبية»،مثال الشاب الذي ودع الاراضي التونسية باتجاه السجون السورية ولم يخلف لعائلته غير المصائب والاحزان.. اصيب والد محمد عند تلقيه لخبر تواجد ابنه بالاراضي السورية بوعكة صحية جعلت من جسده فريسة سهلة لمرض خبيث جعله مقعدا وعاجزا عن الحركة... اما امه المريضة بالسكري فلم تدر ما تفعل وتشتت أفكارها وإنهارت قواها بين الركض الى المستشفى حيث يقبع الاب وبين وزارة الخارجية والسفارات وقصر الرئاسة والمجلس التأسيسي.. عساها تتمكن من استعادة فلذة كبدها الذي تمنت دائما ان يكون سندا لها وسببا لراحتها لا ليزيد من معاناتها ويضاعف من تعبها. و رغم المعاناة التي تسبب لها فيها ابنها،قالت ام محمد «هم ابناؤنا وان اخطؤوا..و الدم عمروا ما يوليّ ماء»-على حد تعبيرها-،مطالبة بتحرك السلطات التونسية في اتجاه تفعيل قرار الاعفاء عن ال 43 تونسيا وتونسية معتقلين بالسجون السورية. و اضافت ام محمد : «ما نطلب شي من الدنيا كان يرجعولنا أولادنا..لا اخاف شيئا بقدر ان يموت احدهم في السجون السورية لا قدر الله في حين ان السلطات السورية قد اقرت ببراءتهم»،متوجهة الى الحكومة التونسية بالقول: «صغار وغلطوا نطيشوهم؟؟.. وهاهي السلطات السورية صفحت عنهم أفلا تصفحون؟؟...فلا دليل من الجانب التونسي على ان تونس تريد استرجاع ابنائها». «تخاذل وتقاعس» من جانبه،اكد والد سامي بن عاشور (طالب بكلية الفنون الجميلة بسوسة واحد الذين وردت اسماؤهم بقائمة الاعفاء السورية) ان ابنه من المغرر بهم ،مضيفا: «كل الحكاية ان احدهم اصطحب ابني الى ليبيا بتعلة انجاز عمل دراسي بليبيا قبل ان تنقطع اخباره بعد اسبوع ليظهر بالسجون السورية». و شدد والد سامي بن عاشور على ان ابنه من الشباب المغرر بهم،مؤكدا ان ابنه «ليس متدينا وعادي مثل اغلب الشباب التونسي من حيث اللباس والهيئة»-حسب قوله-،مضيفا: «زرنا ابناءنا في السجون السورية ولم نجد غير الترحاب وحسن الاستقبال من السلطات السورية التي وافقت بالاعفاء عن ابنائنا المغرر بهم فلماذا كل هذه المكابرة التونسية ورفض التعامل مع سوريا لاسترجاع ابنائنا؟؟.. 4 اشهر تونس ما عملت شي في سبيل استعادة ابنائنا في حين ان سوريا اعفت عنهم في يومين اثنين فقط !». «الفرق بين تونس..و اسرائيل» و اضاف والد سامي: «قبل ان تحاكموا ابناءنا على نواياهم اذهبوا وحاكموا شيوخ الفتنة المغررين بالصغار والقصر...عجبا انهم يتكلمون عن الارهاب وكانه غريب عنهم والحال انه متأصل فيهم... من اجل جلعاد شاليط أطلقت اسرائيل المئات من الفلسطنيين ...اما رئيس الجمهورية فلا يريد أن يتنازل ويعترف باخطائه تجاه سوريا وأنه ضحى بالمئات من الشباب التونسيين !». و في السياق ذاته قال والد وسام اليحياوي(19 عاما معتقل بالسجون السورية) ان اوليا ء المعتقلين ال43 لم يتركوا مكانا في تونس الا وقصدوه في سبيل حث السلطات على استرجاع المعفى عنهم،مضيفا: «ذهبنا الى سوريا وقابلنا ابناءنا ولضيق وقت الزيارة لم نتمكن من معرفة الجهة التي غررت بهم ثم باعتهم الى السلطات السورية والا لكنا اوقفنا هؤلاء عند حدهم ولرفعنا عليهم قضية حتى لا يستمروا في التغرير بابنائنا». و استغرب والد وسام ما وصفه ب «التخاذل والتقاعس» من الجانب التونسي «في حين ان سوريا لم تشترط على تونس شيئا في سبيل استرجاع أبنائها عدا تحول وفد رسمي لنقلهم الى ارض الوطن»،متوجها الى الحكومة التونسية بالقول: «صغار وغلطوا...و كانكم متغششين منهم جيبوهم لتونس وعاقبوهم». «فرحونا في هالعيد يفرحكم ربي» و في سياق متصل،طالبت ام الشاب بلال العياري الحكومة التونسية بالعمل على استرجاع ابنها الذي قالت انه عائلها الوحيد وانه لم يكن ليبتعد عنها لحظة لو لم يغرر به،مضيفة «أسألكم بالله ان تعيدوه لي فهو عائلنا الوحيد منذ ان توفي والده..فرحونا في هالعيد رجعولنا اولادنا يفرحكم ربي». فؤاد مبارك