k التونسية (تونس) لم يعد للكتل النيابية بالمجلس التأسيسي مجال للارتجال في المواقف أو لردات فعل غير مدروسة، فالوضع أصبح يتطلب مواقف متزنة للخروج من الأزمة، لذلك اجتمعت كل كتلة بالمجلس، طوال يوم أمس، في اجتماعات مغلقة لبلورة مواقفها في ما يتعلق بتنقيح أحكام النظام الداخلي قبل انعقاد اجتماع رؤساء الكتل. وقد انقسمت مواقف الكتل النيابية بين مؤيد لتنقيحات النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي وهم نواب حركة «النهضة» و«حزب المؤتمر» و«التيار الديمقراطي» و«حركة وفاء» وبعض المستقلين، وبين داع إلى التراجع عن هذه التنقيحات باعتبارها تخل بالتوازنات السياسية التي يقوم عليها المجلس الوطني التأسيسي وهياكله وتمس من دور مكتب المجلس وهم نواب المعارضة ونواب حزب «التكتل» الضلع الثالث في الائتلاف الحكومي. حلول ترقيعية وتنقيح التنقيح حزب «التكتل من أجل العمل والحريات» بلور موقفه منذ أمس الأول في اجتماع مكتبه السياسي واصدر على اثره بيانا عبّر فيه عن تعلقه بالحوار الوطني داعيا إلى استئناف أشغاله في أقرب الآجال ومؤكدا على أهمية الاسراع بالتوافق حول اختيار رئيس الحكومة القادم. أما بخصوص تنقيح أحكام النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي فقد اعتبر أن ما تم اقراره من تنقيحات، يخل بالتوازنات السياسية التي يقوم عليها المجلس الوطني التأسيسي وهياكله ويمس من دور مكتب المجلس كما يمس من الدور الذي تضطلع به المعارضة صلبه، وهو ما اعتبره تعقيدا للأزمة التي تعيشها تونس ومضر بالمناخ الذي يجب أن يتوفر لضمان نجاح الحوار الوطني. وجاء في ذات البيان، أنه «اعتبارا لخطورة هذه التنقيحات على المسار التأسيسي ولتداعياتها على سير أشغال المجلس وعلى سلامة التجربة الديمقراطية الناشئة ببلادنا، ونظرا لما تكتسيه من تهديد لخارطة الطريق والمسار الانتقالي برمته، فإن المكتب السياسي لحزب التكتل طالب رئيس المجلس الوطني التأسيسي أن يقوم بالمشاورات الضرورية مع رؤساء الكتل النيابية والمنظمات الراعية للحوار الوطني من أجل تدارك ما حصل»، مشيرا الى أنه في انتظار ما ستفضي اليه المشاورات من نتائج فإن المكتب السياسي يقرر تعليق نشاط كتلته بالمجلس التأسيسي في اللجان وفي الجلسة العامة. وقد أكد النائب عن حزب «التكتل» جلال بوزيد أن الحزب سيسعى في اجتماع رؤساء الكتل إلى اقناع حليفيه «النهضة» و«المؤتمر» وبقية الأحزاب التي تؤيد تنقيح النظام الداخلي إلى العدول عن هذه التنقيحات وذلك بتقديم حلول ترقيعية تتمثل في «تنقيح التنقيح». كما اجتمع نواب المعارضة والذين أطلقوا على أنفسهم اسم «نواب ضد الانقلاب»، وقرروا بعث لجنة تتشكل من خمسة نواب إلى الرباعي الراعي للحوار الوطني للاجتماع بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي وذلك قصد تبليغه خطورة التنقيحات التي أقحمت على احكام النظام الداخلي ولتحميل الطرف المقابل وتحديدا حركة «النهضة» مسؤوليتها أمام التزامها بتغليب منطق التوافق. وقد أفادت في هذا السياق، النائبة عن التحالف الديمقراطي نجلاء بوريال، أن رئيس الكتلة الديمقراطية محمد الحامدي سيجتمع مع رؤساء الكتل وسيسعى معهم إلى ايجاد صيغة اجرائية للتراجع على الفصلين 36 و79 من النظام الداخلي خاصة وقد أكدت أن رئيس حزب التكتل مصطفى بن جعفر تجاوب مع المعارضة واعتبر أن هذه التنقيحات فيها تشف من شخصه باعتباره رئيسا للمجلس الوطني التأسيسي. ائتلاف للدفاع عن الشرعية في المقابل اجتمع كل من نواب حزب «المؤتمر» و«التيار الديمقراطي» و«حركة وفاء» و«تيّار المحبّة» وبعض النوّاب المستقلين ممن لم يشاركوا في الحوار الوطني، لتنسيق مواقفهم ومن المنتظر حسب بعض التسريبات أن يعقدوا اليوم ندوة صحفية للإعلان عن «ائتلاف للدّفاع عن الشرعية»، علما أن هذه الأحزاب الممثلة داخل المجلس الوطني التأسيسي من مؤيدي التنقيحات التي شملت أحكام النظام الداخلي إلى جانب حركة «النهضة». كما اجتمعت كتلة «النهضة» بحضور رئيس الحزب راشد الغنوشي وتناولت بالنظر الحوار الوطني وآفاقه والحلول، وقد أفاد في هذا السياق رئيس الحركة الذي التقى بدوره رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر أن هناك بوادر حلول في المسارين التأسيسي والحكومي مع أواخر هذا الأسبوع. في حين أكد رئيس كتلة «النهضة» الصحبي عتيق أن الحركة منفتحة على كل الحلول التي ستقدمها المعارضة في ما يخص تنقيحات النظام الداخلي، مشيرا إلى أن الكتلة ستبحث مع الطرف المقابل عن صياغة جديدة لحل الإشكال، والى أن الأهم في نظرهم هو الجلوس معا على طاولة الحوار. وحسب بعض التسريبات فإن حركة «النهضة» مستعدة للتراجع عن التنقيحات التي شملت أحكام النظام الداخلي، خاصة أن حليفها حزب «التكتل» أعلن عن «تمرده» وانضمامه للمعارضة بتعليق نشاطه صلب المجلس التأسيسي، لتعيده مجددا إلى مربع الائتلاف. هذا الأمر سيؤكده أو ينفيه ما سيعلنه اجتماع رؤساء الكتل الذي تواصل أمس إلى وقت متأخر من الليل.