شهد شهرا أكتوبر ونوفمبر من العام الجاري ارتفاعا ملحوظا بل انفلاتا واضحا في التحركات الاحتجاجية وتنفيذ عدد كبير من الاضرابات في العديد من القطاعات والجهات، إذ لا يكاد يمر يوم حتى يتم تسجيل تحرك احتجاجي أو تهديد وتلويح بالاضراب أو تنفيذ إضراب من شأنه ابلاغ صوت النقابيين ومنخرطيهم ومنظوريهم إلى السلط المعنية وخاصة الحكومة الحالية بمطالبهم. ولئن عرف شهر أكتوبر المنقضي نموا ملحوظا في نسبة الاضرابات فإن شهر نوفمبر الجاري عرف بدوره حراكا نقابيا هاما ومن المنتظر أن يشهد تسجيل اضرابات نوعية وكبيرة في قطاعات حيوية وإستراتيجية على غرار التعليم العالي والتعليم الاساسي وقطاع النقل. وتشير المعطيات المستقاة من المركزية النقابية إلى أنه سيتم في ما تبقى من هذا الشهر تنفيذ إضراب أعوان مخابر التربية غدا وتنفيذ اضراب التعليم الاساسي وأعوان المسرح الوطني وأعوان التخطيط والمالية. وسيتم يوم 28 نوفمبر تنظيم احتجاج وطني لاتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل. كما أنه من المنتظر يوم 4 ديسمبر القادم تنفيذ إضراب لأساتذة التعليم العالي الى جانب تمسك الاتحاد العام التونسي للشغل بتنفيذ إضراب عام يوم 12 ديسمبر القادم في قطاع النقل برا وجوا وبحرا. أرقام محيّرة وأبرزت المعطيات المتوفرة أن عدد الإضرابات تطور خلال شهر أكتوبر من هذه السنة ب 71 بالمائة مقارنة بشهر سبتمبر من نفس السنة وانخفاض بنسبة 18 بالمائة مقارنة بشهر أكتوبر 2012 كما تم تسجيل خلال شهر أكتوبر الماضي 83 إنذارا وبلغت نسبة الإضرابات الصادرة عن الاتحاد العام التونسي للشغل 93 بالمائة في حين بلغت نسبة الإنذارات الصادرة عن اتحاد عمال تونس 7 بالمائة. كما ارتفع عدد المؤسسات المعنية بالإضرابات مقارنة بشهر سبتمبر من نفس السنة بنسبة 67 بالمائة وسجل انخفاضا بنسبة 15 بالمائة مقارنة بشهر أكتوبر 2012 ، وارتفعت نسبة المشاركة في الإضرابات مقارنة بالشهر الماضي من 68 إلى 74 بالمائة. وأفادت ذات المعطيات ان عدد الأيام الضائعة بسبب الإضرابات مقارنة بشهر سبتمبر 2013 سجل تطورا بنسبة 12 بالمائة لتبلغ 9671 يوما ضائعا مقابل 8653 يوما ضائعا خلال شهر سبتمبر من نفس السنة وانخفاضا ب 83 بالمائة مقارنة بشهر أكتوبر من السنة الماضية. وبلغ عدد العمال المشاركين في اضرابات الشهر الماضي 4903 عاملا مقابل 3546 عاملا في شهر سبتمبر. وقد شملت الإضرابات 40 مؤسسة منها 32 مؤسسة خاصة ومؤسستين عموميتين وهما «تونس للطرقات» و«ديوان تربية الماشية» و6 منشآت عمومية ذات صبغة ادارية وتم خلال شهر أكتوبر الماضي تسجيل 23 إضرابا قانونيا من جملة الإضرابات المسجلة وعددها 41 اضرابا وبذلك بلغت الإضرابات القانونية نسبة 56 بالمائة. واحتلت المطالبة بتحسين ظروف العمل أعلى نسبة من الإضرابات بنسبة 45 بالمائة تليها المطالبة بصرف الأجور بنسبة 28 بالمائة فالمطالبة بتحسين العلاقات المهنية 16 بالمائة ثم التضامن مع العملة 11 بالمائة. وشهدت الإدارة العمومية والمنشآت ذات الصبغة الإدارية خلال شهر أكتوبر 2013 أعلى نسبة من الإضرابات (17 بالمائة) يليها قطاع النسيج والملابس بنسبة 15 بالمائة فقطاعي الصناعات المعدنية والميكانيكية والخدمات (12 بالمائة)، بينما عرفت ولايات قابس وجندوبة وتطاوين وباجة واريانة والمهدية والمنستير وتونس2 نسبة اضرابات لم تتجاوز 2 بالمائة خلال الشهر الماضي. وشهدت ولايتا سوسة وبن عروس أعلى نسبة من الإضرابات بنسبة 17 بالمائة تليهما ولاية نابل ب 12 بالمائة فولاية صفاقس 10 بالمائة. وبخصوص الانذار بالإضرابات فقد تم خلال شهر اكتوبر المنقضي تسجيل 83 انذارا بالإضراب يضاف اليها 55 انذارا بقيت في طور المصالحة منذ الشهر الماضي اي شهر سبتمبر ليصبح مجموع الانذارات 138 إنذارا وقد وفقت مصالح وزارة الشؤون الاجتماعية في الغاء 61 انذارا بالإضراب في حين أدى 23 انذارا الى اضرابات ولا يزال 54 انذارا في طور المصالحة وبذلك تقدر نسبة نجاح هياكل المصالحة ب 72 بالمائة. المنظمة الشغيلة تشكك في صحة الأرقام وكذّبت مصادر من الاتحاد العام التونسي للشغل ونفت نفيا قطعيا صحة الأرقام ودقة البيانات الاحصائية والمعطيات التي أوردتها وزارة الشؤون الاجتماعية بخصوص ارتفاع عدد الإضرابات المسجلة خلال شهر أكتوبر 2013. وقالت هذه المصادر إنه لا علاقة لارتفاع الاضرابات في المدة الأخيرة بالحوار الوطني ولا علاقة له أيضا بضعف الحكومة واستغلال بعض الأطراف النقابية تعهدها بالاستقالة قصد الضغط للحصول على مطالب مهنية ومادية. وشددت نفس المصادر على أن الإضرابات التي تم تنفيذها خلال شهر أكتوبر 2013 وكذلك شهر نوفمبر الجاري تعود أساسا إلا تلكؤ الحكومة المؤقتة في تنفيذ بعض الاتفاقيات المبرمة والممضاة ولكنها لم تنفذ منذ حوالي سنة ونصف وأنه لأجل ذاك تم تسجيل بعض التحركات الاحتجاجية. وبينت مصادر الاتحاد ان المنظمة الشغيلة قامت في العديد من المناسبات بتأجيل تنفيذ إضرابات وفتح باب الحوار للتفاوض وان جانبا كبيرا من برقيات التحذير بالاضراب كلّل بالنجاح من خلال التوصل الى اتفاق. ولفتت مصادر الاتحاد النظر إلى أن الإضرابات الصادرة عن الاتحاد العام التونسي للشغل تسبقها جلسات تفاوض طويلة وانه قبل الإعلان يتم إرسال برقية إضراب قبل التنفيذ لإعلام الجهات المعنية. وجدّدت المصادر تمسك المنظمة الشغيلة بإقرار إضراب عام في قطاع النقل (برا وبحرا وجوا) يوم 12 ديسمبر 2013 موضحة أن قطاع النقل في تونس شهد لخبطة كبيرة وسوء إدارة الأمر الذي تسبب في تراجع أدائه وتواصل اهتراء الأسطول خاصة حافلات النقل العمومي المشترك.