قبل المصادقة على الدستور برمته بساعات، عاد أمس الحديث حول الترفيع في منح النواب، وطغا الخلاف مجددا بينهم، في اطار تنقيح التنظيم المؤقت للسلط العمومية واعطاء «التأسيسي» الاستقلالية الادارية والمالية. فقد أعربت الكتلة الديمقراطية في مفتتح الجلسة العامة المنعقدة أمس في المجلس التأسيسي للنظر في مقترحي تنقيح القانونين عدد 19وعدد 6 والمتعلقين بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية، عن رفضها التام لجدول أعمال الجلسة. وأكدت الكتلة الديمقراطية على لسان نائب الرئيس سلمى بكار أن الكتلة فوجئت بإقحام تعديل الفصل 6 من التنظيم المؤقت للسلط العمومية وعرضه أمس على الجلسة العامة، في حين أنه تم إعلامهم بأن الجلسة مخصصة للنظر في تنقيح الفصل 19 الخاص بتحصين الحكومة فقط، مبينة أن الفصل 6 لم يكن مقترح الحوار أو خارطة الطريق، وأن الكتلة عبرت سابقا عن رفضها تمرير هذا الفصل خاصة في هذا الوقت بالذات.وطالبت الكتلة الديمقراطية إمهالها ربع ساعة للتشاور. وتنص المطة التي من المقرر إضافتها للفصل 6 من قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية على: التسيير الإداري والمالي للمجلس التشريعي. وقد اختلف نواب الكتلة الديمقراطية حول تنقيح الفصل 6 بين مؤيد للترفيع في منح النواب وبين رافض لذلك نظرا للوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد. ونشب خلاف كبير بينهم خلال الاجتماع المغلق الذي عقدوه أمس قبيل استئناف الجلسة العامة. وخرجت مجموعة من نواب الكتلة الديمقراطية غاضبين من زميلهم في «الجبهة الشعبية» منجي الرحوي الذي أصرّ داخل الاجتماع على رفضه المطلق لتنقيح الفصل السادس، والذي لاقى معارضة كبيرة صلب كتلته. وأمام رفض عدد من نواب الكتلة الإدلاء بتصريحات، بادرت نائبة الرئيس سلمى بكار إلى التحدّث لوسائل الاعلام باسم الكتلة، مؤكدة أن نواب الكتلة الديمقراطية اختلفوا فعلا حول تنقيح الفصل 6 من التنظيم المؤقت للسلط العمومية والذي بمقتضاه يتم الترفيع في منح النواب، مشيرة إلى أن الأغلبية ضد هذا الفصل نظرا لأن المرحلة التي تمر بها البلاد تشهد وضعا اقتصاديا واجتماعيا صعبا وبإمكان النواب التنازل على منحهم لرصد المبلغ (5.5 مليون دينار) للتنمية. من جهته، ذكّر النائب عن «الجبهة الشعبية» منجي الرحوي بتاريخ الفصل 6، مشيرا إلى أن المقرر العام للدستور الحبيب خضر كان قد مرره كمقترح في قانون المالية لسنة 2012 في وقت متأخر من الليل، واعترضت المحكمة الإدارية عليه، ليمرّر في القانون الأساسي عدد 20 لسنة 2013 المتعلق بالمفعول الرجعي للمنح وانه تمّت معارضته مرة أخرى من قبل النواب. وأكد الرحوي ان المواطنين يعيشون فقرا وبؤسا شديدين وهو ما جعله يرفض تمرير فصل ينص على الزيادة في منح النواب، وأشار إلى أن عددا من النواب بصدد القيام ب «مقايضة رخيصة» بحسب تعبيره، حيث أكدوا أنه لن تتمّ المصادقة على الدستور قبل المصادقة على الفصل6. وأضاف قائلا «لو يتم تمرير هذا الفصل فإنني أتهم كتلة الأغلبية لأنها هي التي صوتت بالأغلبية في اجتماع لجنة التشريع العام لتمرير هذا الفصل على الجلسة العامة لتتم الزيادة في منح النواب». ودعا في حالة المصادقة على هذا الفصل الشعب إلى الانتفاض على المجلس. واعتبر عدد من النواب الذين يدافعون على تنقيح الفصل السادس من التنظيم المؤقت للسلط العمومية أن منجي الرحوي بصدد القيام بدعاية انتخابية، وقال النائب عن كتلة «وفاء» مبروك الحريزي «عيب على نائب منتخب من الشعب أن يحاول اضعاف المجلس الذي ينتمي إليه بكل الوسائل»، مشيرا إلى أنه من أبسط القواعد أن يتمتع المجلس التأسيسي بالاستقلالية المالية والإدارية. من جانبه أفاد النائب عن حركة «النهضة» كمال السعداوي، أنه في إطار استقلالية السلط لا بد أن تتمتع كل سلطة بالاستقلالية الأخرى في ادارتها وماليتها. واشار إلى ان الدستور الجديد تضمن عديد الهيئات ووقعت دسترة استقلاليتها إداريا وماليا لتوفير الظروف الملائمة لعملها حتى لا تكون في تبعية لأي طرف أو سلطة، متسائلا كيف لا يتمتع المجلس التأسيسي باعتباره سلطة تشريعية باستقلاليته المالية والإدارية مثل بقية السلط والهيئات؟ وقال النائب عن حركة «نداء تونس» محمد علي النصري إنه وقع التنصيص في الأحكام الانتقالية للدستور على أن المجلس التأسيسي ليس له امكانية تقديم أية مبادرة تشريعية بعد المصادقة على الدستور ، مشيرا إلى أنه نظرا إلى ان الاستقلالية المالية والإدارية قد أسندت لكل الهيئات الدستورية فإن العديد من النواب متمسكون بادخال تعديل على الفصل 6 ينص على الاستقلالية المالية والإدارية للمجلس التأسيسي لما يعنيه هذا التعديل في نظره من أهمية لنواب المجلس وموظفيه. وإلى حدّ كتابة هذه السطور (التاسعة من ليلة أمس) تم قبول مبدأ التعديل في الفصل 6 من التنظيم المؤقت للسلط العمومية والمتعلق بالاستقلالية المالية والإدارية للمجلس، خلال الجلسة العامة، ب90 نعم و29 محتفظا و52 «لا» فيما توقفت أشغال الجلسة وظل النواب في حالة ترقب ما ستفضي إليه جلسات الحوار الوطني حول تشكيل الحكومة الجديدة.