دخلت حزب الباجي لتقديم الإضافة وليس لأنّني دستوري علاقتي بالطيّب البكّوش قديمة وطيّبة على حكومة مهدي جمعة دفع الحوار وقيادة التغيير التحق مؤخرا ب«نداء تونس» وعُيّن نائبا لرئيسه الباجي قائد السبسي, كان مرشحا بارزا لرئاسة الحكومة. محمد الناصرضيفنا في حوار اليوم هو خريج معهد الدراسات العليا في القانون بتونس، وحاصل على شهادة الدكتوراه في القانون الاجتماعي من جامعة باريس /بانتيون - السوربون/ سنة 1976. شغل محمد الناصر منصب وزير العمل والشؤون الاجتماعية في مناسبتين الأولى في حكومة الهادي نويرة قبل أن يستقيل (1974 / 1977) والثانية في حكومة محمد مزالي(1979 / 1985). كما عين منذ سنة 2005 منسق الميثاق العالمي للأمم المتحدةبتونس ومدققا اجتماعيا وهو مستشار دولي منذ 2000. وبين 1991 و1996، شغل السيد محمد الناصر منصب رئيس البعثة الدائمة لتونس لدى الأممالمتحدة والهيئات الدولية المختصة بجنيف، وعين مندوبا عاما لديوان العملة التونسيين بالخارج (1973 - 1974). ويعتبر محمد الناصر الرئيس المؤسس للجمعية التونسية للقانون الاجتماعي سنة 1985 والمدير المؤسس للمجلة التونسية للقانون الاجتماعي وهو نائب رئيس المؤسسة الدولية لقانون الشغل والضمان الاجتماعي والرئيس المؤسس لمعهد التدقيق الاجتماعي بتونس والرئيس المؤسس للمهرجان الدولي للموسيقى السمفونية بالجم. كما شغل منصب رئيس معهد الاستشارات الاجتماعية وعضو المعهد الدولي للتدقيق الاجتماعي بباريس ومستشارا بمركز الدراسات الاستشرافية والاستراتيجية بباريس، وانتمى إلى العديد من الهيئات الإقليمية والدولية المختصة في حقوق الإنسان. وكان آخر منصب سياسي شغله هو منصب وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة الباجي قائد السبسي. تحدثنا معه عن أسباب انضمامه إلى حزب «نداء تونس» والصلاحيات التي أسندت إليه داخله بالإضافة إلى رأيه في الحكومة الجديدة والإنتخابات وعدة مسائل أخرى نترك لكم فرصة اكتشافها في هذا الحوار. نبدأ من آخر حدث وهو انضمامك المفاجئ إلى حزب «نداء تونس» بعد أن كنت مرشحه ومرشح العديد من الأحزاب لرئاسة الحكومة كمستقل, لماذا «نداء تونس» بالذات ولماذا أسندت إليكم خطة نائب رئيس الحزب؟ لقد كان ترشيحي إلى رئاسة الحكومة ككفاءة وطنية وهذه الحكومة مستقلة عن الأحزاب. و ليس من الضروري ألاّ تكون الكفاءات الوطنية عديمة الصلة بالسياسة .أنا لدي ماض سياسي في الحكومة وفي الحزب الاشتراكي الدستوري الذي تربيت فيه وتكونت فيه. إذن لدي ماض وانتماء سياسي مع بعض من الإختصاص في الميدان الإجتماعي بحكم دراستي والمسؤوليات الحكومية التي توليتها.خرجت من العمل السياسي منذ أكثر من 25 سنة ورجعت بعد الثورة في حكومة محمد الغنوشي ثم حكومة الباجي قائد السبسي كوزير للشؤون الإجتماعية .و رغم دخولي إلى الحكومة لم أنتسب إلى أي حزب رغم علاقتي الطيبة مع عدة أحزاب . بعد أن أتممت مسؤوليتي في الحكومة الأولى بقيت مستقلا عن الأحزاب رغم اتصال العديد منها بي حيث طلبوا مني تولّي عدة مسؤوليات في تلك الأحزاب منها موقع قيادي في أحدها . من هي هذه الأحزاب؟ لا أستطيع التصريح بأسمائها لكنني شكرت مبادرتها وقلت لهم إنّني لست مستعدا لتحمّل تلك المسؤوليات حينها.بعد ذلك تلقيت اقتراحا ثانيا لقيادة حزب آخر تكوّن حديثا . هل هم الدساترة؟ نعم هم الدساترة لكنني اعتذرت لأنني لم أكن مستعدا لقيادة حزب حينها لأسباب شخصية . رجعت إلى المشهد السياسي حين رشحت إلى منصب رئيس الحكومة, كيف كان ذلك ولماذا قبلت ذلك الترشيح؟ جاءت فكرة تكوين حكومة كفاءات وطنية وأنا لم أرشح نفسي بل اتصلت بي عدة أحزاب على غرار «نداء تونس» و«الحزب الجمهوري» و«التحالف الديمقراطي» و«المسار» وعدة أحزاب أخرى لأن لدي علاقات شخصية مع الكثير من القيادات. وقبلت الترشيح ذاك لأنّني لم أكن انتمي إلى أي حزب سياسي في تلك الفترة. ما أردت قوله أنني حين رجعت إلى الحكومة مع السيد محمد الغنوشي اطلعت على الواقع الإجتماعي لتونس وهو واقع مؤلم جدا وكان مخفيّا. التقارير الرسمية والإحصائيات أثبتت واقعا مريرا فنسبة الفقر مرتفعة حيث قدرنا النسبة ب25 بالمائة حينها. وإلى جانب هذا وجدت احتقانا ونقمة في الإدارة لأن نظام الترقيات لم يكن نزيها. وحاولت حينها القيام ببعض الإصلاحات البسيطة كبعض المنح ومحاولة خلق بعض موارد الرزق. وعشت الثورة من قريب بكل تفاصيلها. ودعيت بعد ذلك للمشاركة في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة وحدثتهم عن مشكلة الفقر واقترحت إطلاق حوار وطني لمناقشة مشاكل الشعب لكن لم يحدث شيء حينها. بعد ذلك أعدت طرح نفس الفكرة وجلست مع عياض ابن عاشور والمهدي الجورشي ومجموعة من الشخصيات المستقلة وكتبنا وثيقة لبعث المنتدى الوطني للحوار والذي يجمع ممثلي الأحزاب والمنظمات الوطنية والفاعلين في الميدان الإقتصادي والإجتماعي وممثلي المجتمع المدني. هذه الفكرة طرحتها على الحكومة وعلى رؤساء الاحزاب منهم احمد الشابي واحمد ابراهيم بالإضافة إلى الإتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة ,وأول الأمر لاقت الفكرة استحسانا لكن رأوا انه لا يمكن تحقيقها .بعد هذا جاءت مبادرة الإتحاد العام التونسي للشغل . سي محمد نعود إلى أسباب انضمامك إلى «نداء تونس»؟ أنا أحمل تجربة وانتسابا إلى حزب سياسي ألا وهو الحزب الإشتراكي الدستوري وهو يحمل البعد التحديثي والتقدمي والإجتماعي والوطني واليوم «نداء تونس» تبنى هذا التوجه وهو امتداد للحزب الأول. وخطاب وتأثير «نداء تونس» ساهم في النتائج الإيجابية التي وصلنا إليها. وقد أثّرت هذه الحركة في الحراك السياسي على غرار اقتراح الشرعية التوافقية التي قبلت بها كل الأحزاب السياسية في الأخير بما في ذلك «النهضة». هل كانت لك اتصالات أو نوايا للالتحاق ب«النداء» في الفترة التي رشحتم فيها إلى منصب رئاسة الحكومة؟ لا... لم تكن هناك أيّة اتصالات للإنضمام إلى «نداء تونس» ولا أنكر أنهم رغبوا في ضمي إلى الحزب منذ خطواته الأولى شأنه شأن العديد من الأحزاب الدستورية كما أسلفت. وعندما رُشّحت إلى منصب رئاسة الحكومة كنت على نفس المسافة من جميع الاحزاب ولم أكن انتمي أو راغبا أو مستعدّا للانضمام إلى أي حزب بل كنت رافضا لهذا المبدأ تماما. ما الذي جدّ حتى تعيد حساباتك؟ الجديد هو ما طرأ على الساحة السياسية من وفاق وطني وقد تبنيت هذا الوفاق قبل حصوله . الأمر الذي جعلني قريبا من حزب «نداء تونس» لأنّه يمثل امتدادا للحركة التحديثية التقدمية الإصلاحية الوطنية وتأثيره كان إيجابيّا في الساحة السياسية في هذا الوقت القصير. ولا أنفي أنني ترددت كثيرا قبل الإنضمام إليه وخاصة في المدة الأخيرة وقبلت للأسباب التي أسلفت ذكرها ولأنني رأيت أن خطابه معتدل ويهدف إلى تجميع الناس وضد عداء الأحزاب . لكن التحاقك ب«النداء» وتعيينك في منصب نائب رئيس الحزب أثار حفيظة بعض أعضائه وهناك أخبار تقول إنّ السيد الطيب البكوش الأمين العام ل«النداء» يعتزم الإنسحاب من الحركة لأنه لم يكن على علم بالتحاقك بها؟ علاقتي بالطيب البكوش طيبة حتى قبل التحاقي ب«النداء» خاصّة حين كان في الإتحاد العام التونسي للشغل وكنت وقتئذ اشغل خطة وزير الشؤون الإجتماعية. والأمر الذي أعلمه أن مسألة التحاقي بالحزب نوقشت على مستوى قيادته وقد رحب الجميع بمقترح انضمامي. وفي يوم التحاقي بالحزب فرح ورحب بي وجلسنا معا . هناك من اعتبر التحاقك ب«النداء» خطوة لهيمنة الدستوريين على الحزب ؟ أنا لدي رؤية وأحب خدمة البلاد وقد قدمت الكثير وأنا لا أستطيع أن أبقى متفرجا وأقدرو على تقديم المزيد .و دخولي للحزب لا أريد ربطه بالدساترة فأنا امثل الماضي ولدي تجربة ورأي. أنا دخلت هذا الحزب لتقديم الإضافة وليس لأنني دستوري. وجودي اليوم في «النداء» يهدف إلى إبراز البعد الإجتماعي في برامجه وتوجهاته . كيف سيخوض «نداء تونس» الانتخابات القادمة وهل هناك تحالفات مع أحزاب سياسية في الأفق؟ هذه المسألة لم نخض فيها بعد . لكن ترشيح الباجي قائد السبسي للانتخابات الرئاسية مسألة محسومة في الحزب؟ لا... لم نتحدث بعد في مسألة الإنتخابات .البلاد خرجت للتوّ من أزمة وأكملنا الدستور والقانون الانتخابي لم يحسم بعد والميزانية كذلك لم تتوضح بعد... والعديد من الاشياء الاخرى لم تتضح بعد هذا بالإضافة الى ضمان انتخابات نزيهة وشفافة. لذلك لا بد من تضافر جهود جميع الأحزاب لإيجاد حلول لهذه المسائل وضمان مدة من الاستقرار السياسي للبلاد. لذلك لا بد من مواصلة الحوار مع جميع الاطراف لإيجاد الحلول. هل ترى أن بإمكان المعارضة بمختلف مكوناتها تقديم حل مقنع وناجع لكل ما انتقدت من أجله «الترويكا»؟ ما أعيبه على كل الأحزاب السياسية هو الحكم والخطر أن جزءا كبيرا من الشعب التونسي «فد» من السياسة والسياسيين. وهذا الأمر بإمكانه أن يؤثر سلبا على نسبة المشاركة في الإنتخابات. الأمر المغيّبُ اليوم هو الحديث عن مشاكل الناس وهي المسألة الأساسية التي قامت من أجلها الثورة. هناك انتقادات كبيرة لنظام الانتخابات السابقة والذي ارتكز على الاقتراع على القائمات, هل تؤيّد هذا النقد أم تفضل الحفاظ على نفس التمشي في الانتخابات القادمة؟ أنا شخصيا مع مبدإ انتخاب الأشخاص لكن بالإمكان إيجاد صيغة توافقية بين الأشخاص والقائمات. هل أنت مع فكرة إجراء الإنتخابات الرئاسية والتشريعية معا أو كل واحدة على حدة؟ تنظيمهما معا ينقص من التكاليف لكن في الحقيقة لم نتحدث الى الآن في هذه المسألة داخل الحزب . نأتي إلى حكومة المهدي جمعة, ما الذي تستطيع إنجازه في هذه الفترة القصيرة التي ستتولى فيها إدارة البلاد حسب رأيك؟ تستطيع فعل الكثير وكإنجاز لن تستطيع تحقيق الكثير لكنها قادرة على تشخيص الحالة وترتيب الأولويات وتقوية هيكل الحوار الوطني والحثّ على دفع التوافق حول اختياراتها. وربما رسم بعض خيارات الحكومة المقبلة.لا بد لها أن تكون حكومة دفع الحوار وقيادة التغيير. كيف ترى دور الاتحاد العام التونسي للشغل في الفترة القادمة؟ له دور كبير في كل العملية التي مرت بها البلاد ودوره المستقبلي واضح. الحديث عن هدنة اجتماعية لا يعني حرمان الناس من حقوقهم بل تطبيق القانون وإذا استوجب وجود تضحيات فلا بدّ أن تكون مشتركة ومتقاسمة بين الجميع وفي إطار الحوار. نعود إلى مسألة انضمامك إلى حزب «نداء تونس», هناك من يقول انه بالتحاقك به ستنطلق حربُ زعامات خاصة بين الدساترة ومختلف مكوّناته خاصة الشق المحسوب على الإتحاد العام التونسي للشغل؟ التجربة أثبتت أنّ التّوافق يوجد بالحوار ولا ننكر مبدأ الطموح لكن نؤمن أن المصلحة العامة ستغلب . هل حددت مهام صلاحياتك في «نداء تونس»؟ أنا حديث الإلتحاق بالحزب ولكن أعتقد انه من الضروري تحديد هذا الأمر. في وقت من الأوقات قلت انك لا تطمح إلى أي منصب سياسي, ما الذي تغير الآن؟ وحتى الآن لا أرغب في أي منصب ولم أدخل إلى «النداء» من اجل ذلك. ولا أريد التضييق على الناس أو مزاحمة احد. كيف تردّ على من قال إنّه ندم على ترشيحك لمنصب رئيس حكومة؟ أولا هناك من اتصل بي من «التحالف الديمقراطي» واعتذر على تصريحات بن غربية، فتصريحاته فيها حيف وتجن على شخصي لأنني لم اطلب منه ترشيحي بل حزبه والكثير من الأحزاب قامت بذلك. وهم أيضا تخلّوا عن ترشيحي لاحقا وأنا ليس لديّ حقد سياسي أو معنوي عليهم ومن حقي أن أختار الالتحاق بأي حزب أريد وليس ثمّة ما يمنعني من ذلك.