نظم أمس معهد الصِّحافة وعلوم الإخبار بجامعة منوبة ندوة حوارية تحت عنوان «الهيئات المستقلة للمجتمع المدني والاستحقاقات الانتخابية القادمة»، بمشاركة كل من شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والنوري اللجمي رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري وسمير العنابي رئيس هيئة مكافحة الفساد ، وعدد من ناشطي المجتمع المدني وخبراء وباحثين في الشأن الإنتخابي. وقد اجمع ممثلو الهيئات المشاركة (هيئات الإعلام والانتخابات ومكافحة الفساد) على ضرورة تعزيز الحوار وعقد جلسات ماراطونية بين مختلف الهياكل المعنية بالانتخابات بغية إعادة تقاسم الأدوار والبت في ما اسموه «ملفات مشبوهة في مجال الإعلام والسياسة». وفي هذا السياق أكدت رشيدة النيفر عضو الهيئة المستقلة للإعلام السمعي البصري ان نجاح مراقبة العملية الانتخابية وضمان شفافيتها يستوجب العمل المستمر قبل الانطلاق الفعلي في الحملة الانتخابية وصولا إلى يوم الصمت الانتخابي وهو ما لا يمكن ان يتحقق على حد قولها الا بتوفّر الإمكانيات المادية والبشرية الكفيلة بذلك. من جانبه اشار النوري اللجمي رئيس الهيئة المستقلة للإعلام السمعي البصري الى وجود تداخل في بعض فصول قانوني إحداث هيئة الانتخابات وهيئة الاعلام بشأن الحملة الانتخابية مشيرا الى ان دور «الهايكا» لا يتعدى حدود مجال اشتغالها وحدود المرسوم 116 علاوة على تكوين مرصد مهمته تتبع كل القنوات التلفزية والصحافة المكتوبة والاذاعات ورصد المخالفات واعداد تقارير في ذلك. وأوضح رئيس هيئة الاعلام أن المرصد الذي وقع بعثه داخل «الهايكا» يخضع الى عمليّة تكوين في انتظار اعتماد البرمجيّات والتقنيات الحديثة في هذا المجال ليشمل كل مناطق الجمهورية وليتلاءم والمبادئ الأساسية المتعارف عليها في التّجارب الدّيمقراطيّة دون المساس بالمسؤولية الاجتماعية لوسائل الاعلام وحرّيّة التعبير وتنوّع وسائل الإعلام وتعددها. واشار اللجمي الى ان مهمة انجاح الاستحقاق الانتخابي موكولة الى اطراف عدة تبدأ من مدى احترام المؤسسات الاعلامية الى قواعد اخلاقيات المهنة الصحفية مذكرا باهمية تفعيل كراسات الشروط التي تعتبر نصوصا ترتيبية تدخل في إطار منظومة التعديل الجديدة والتي تشرف عليها هيئة مستقلة تدعم حرية وتعددية منشآت الاتصال السمعي والبصري واحترامها للضوابط المهنية. من جانبه اكد شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على ضرورة ضبط عدة نقاط في قانون الهيئة حتى تبقى بعيدة عن التجاذبات السياسية، مشيرا الى الصعوبات التي تعاني منها الهيئة كمشكل المقرات والميزانية ... و اشار رئيس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات الى أن عملية التسجيل في الانتخابات المقبلة ستكون جدّ دقيقة لتجنب أخطاء عملية التسجيل المعتمدة في انتخابات 23 أكتوبر، مضيفا أن الهيئة إثر استلامها الدفعة الأولى من ميزانيتها شرعت في ضبط برنامج عملها وما يتطلبه من مصاريف. أمّا سمير العنابي رئيس الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد فقد بيّن ان هيئته تلقت حوالي 11 ألفا و500 ملف متعلق بالفساد مشيرا الى أنّه تمت احالة قرابة ال 500 ملف على القضاء لكن لم يتم النظر الا في 50 منها. و حمل العنابي المسؤولية الى حكومات «الترويكا» المتعاقبة التى حدّت من صلاحيات هيئة مكافحة الفساد قائلا: «لا اعرف لمن احمل المسؤولية في تعطيل عمل الهيئة بالتحديد للدولة ام لحكومات الترويكا؟ لكن الاهم هو ان هذه الهيئة ظلت خلال حكومة حمادي الجبالي مثلا حبرا على ورق حيث لم يمنحها صلاحيات تسليط عقوبات على المتورطين وإنما يمكنها فقط إحالة الملفات المتعلقة بالفساد على القضاء» وأوضح العنابي ان مهمة هيئته تتمثّل في البحث والتقصّي في جرائم الفساد والبحث أيضا عن الملفات الكبرى في المجال، وعندما يثبت لها حالات وبراهين على وجود جرائم فساد فإنها تُحيل الملفات إلى السلطة القضائية التي تتولى لاحقا القيام بدورها . وقال العنابي في ردّه عن سؤال «التونسية» حول تواصل دور الهيئة في تقصي جرائم الفساد في عهد «الترويكا» ان عمل الهيئة مستمر ولا يقتصر على الحقبة التي كان يرأسها الرئيس المخلوع بل وتمتد كذلك إلى عهد حكومتي «الترويكا» وبعده، ملاحظا ان نسب الفساد خلال عهد «الترويكا» شهدت تراجعا واضحا مقارنة بفترة حكومة المخلوع، مفسرا ذلك بتراجع المشاريع الضخمة بعد الثورة لنقص السيولة من ناحية ولتفطن رجال الاعمال والتزامهم بالحذر بعدم تركيز هيئات مراقبة والتي كانت شبه غائبة قبل الثورة من ناحية اخرى. واضاف العنابي «رغم التراجع النسبي للفساد في عهد حكومتي «الترويكا» فإنّه لا يمكن القضاء عليه تماما لان الفساد متفش في كل المجتمعات الدولية ومن الضروري اليوم مواصلة العمل على مقاومته بكل انواعه من خلال تكريس ثقافة الوعي والنزاهة».