كل المتتبعين لشأن الترجي الرياضي والقريبين منه والعارفين بخفايا الكواليس داخله يدركون جيدا طبيعة العلاقة بين المدرب الهولندي رود كرول والمدير الفني للشبان و«المانادجار» العام الفرنسي سيباستيان دو سابر وهي علاقة أقل ما يقال عنها أنها باردة وفاترة «لا سلام ولا كلام» يكتنفها التعارض في الآراء والأفكار والإختلاف التام في وجهات النظر والإختيارات حتى لا نقول إنها علاقة عداء كبير يسودها التوتر ولا تخدم مصلحة شيخ الأندية التونسية بتاتا بل هي تعصف بنقاوة الأجواء داخل النادي ككل وكان بالتالي لزاما على المسؤولين وفي مقدمتهم رئيس النادي حمدي المدب فصل مهام ومسؤوليات كل منهما تفاديا للتشنج والتداخل وخاصة الأزمة التي حلت محل التفاهم والعمل المشترك المجدي والمفيد على رأس فريق أكابر كرة القدم ... لقد شكلت القرارات التي اتخذها الرجل الأول في نادي باب سويقة السبب الأول والمباشر في شحن الأجواء بين الهولندي والفرنسي من خلال حشر هذا الأخير في مهام تتداخل بشكل مباشر مع مسؤوليات المدرب الأول وتضع بالتالي العصا في العجلة لعمله الطبيعي وخاصة نتائجه التي يعد المسؤول رقم واحد عنها يحاسب لوحده على سلبياتها ومن هذا المنطلق فإن المنطق يفرض تشريكه في تجديد العقود وفي الإنتدابات وهذا أمر بديهي يعد أبسط ما كان من واجب أصحاب القرار في النادي فعله لتسهيل عمل الهولندي وتوفير كل ممهدات النجاح له من جهة ولمحاسبته عند الضرورة من جهة ثانية... هذه الأمور البديهية لم تحصل بدليل تكليف دو سابر بملفي تجديد العقود والإنتدابات. خطأ كبير لا يغتفر في فريق «كبير» نبدأ بملف تجديد العقد الذي تولاه الفرنسي دو سابر منذ فترة ولم يوفق فيه إلى حد هذه الساعة لافتقاده للخبرة اللازمة في مثل هذه الجوانب لنؤكد أن هذا الإختيار أو بالأحرى القرار يعتبر خطأ كبيرا لا يغتفر في فريق كبير مثل الترجي الرياضي قدره التتويج بالألقاب وبالتالي تمهيد كل الظروف السانحة بذلك وأولها منح مثل هذه الملفات للمسؤول الفني الأول في فريق الأكابر ونعني هنا رود كرول، فهو الذي يعرف احتياجاته ويعلم من هم اللاعبون الذين سيعوّل عليهم ويعمل بالتالي على المحافظة عليهم وبالتالي تمديد مسيرتهم مع مجموعته... كرول وحده مؤهل لمثل هذه الإختيارات فهو الذي سيستغلها ويعمل على ضوئها ولا دخل لزيد أو عمرو فيها مهما كانت صفته ومهمته وقيمته في الفريق ، وما أدرى دو سابر بالأسماء التي يريد الهولندي إبقاءها في ظل غياب التفاهم والتشاور وحتى الكلام بينهما... صراحة الأمر غريب يعطي للفرنسي صلاحيات لا ناقة ولا جمل له فيها بالمرة وهذا خطير يتنافى والمصلحة العليا للفريق ، وفي هذه الحالة نقول ونؤكد أنه كان حريّا بحمدي المدب إبقاء دو سابر في خطته مدربا لفريق الأكابر وعدم التعاقد مع كرول ومنح الفرنسي كل الصلاحيات والقرارات الفنية، أما أن تعيّن مدربا أول و«تقطع» يديه وتحد من مهامه بل أكثر من ذلك بأن تمنحها لغيره ممن لا يتفق معه في شيء فهذا خطأ فادح وهو سوء تصرف خطير يفتح المجال واسعا وشاسعا أمام الفشل والخيبات والعجز عن تحقيق الأهداف. فشل الإنتدابات الأخيرة ...وفشل الصفقات القادمة المهمة الثانية التي أوكلها حمدي المدب لسيباستيان دو سابر هي الإنتدابات وهو قرار يحكم مسبقا على كل صفقات الترجي الرياضي بالفشل لسببين بسيطين يتمثل الأول في غياب الكفاءة الفنية اللازمة لدى الفرنسي لحسن اختيار وجلب اللاعبين الذين يفيدون الفريق فعلا وهذا الفشل مرده قلة خبرته وحنكتة وعدم امتلاكه للمستوى الفني والكروي الأدنى الذي يسمح له بإنجاح الصفقات وضم اللاعبين القادرين فعلا على تقديم الإضافة للفريق فالسيرة الذاتية لهذا المدرب « فارغة» من أية تجربة كبيرة وناجحة في فريق في قيمة الترجي الرياضي ولا مجال للمقارنة هنا بينه وبين رود كرول لا من حيث الكفاءة والتمرس والخبرة لا كلاعب ولا كمدرب... أما السبب الثاني فيكمن في جهل الفرنسي للمراكز التي يحتاجها المدرب كرول ويرغب في تعزيزها لانعدام التواصل بين الرجلين وغياب التفاهم بحكم اختلاف الآراء ووجهات النظر. هذا التعيين العشوائي وغير المدروس حكم على انتدابات الترجي الرياضي الأخيرة والتي صممها دو سابر بالفشل بدليل خروج بوبا وماكون من حسابات الهولندي وعدم نجاحهما في فرض مستواهما وافتكاك مكانا كأساسيين لكن الأخطر والأدهى من ذلك هو أن هذا التعيين سيحكم على الصفقات القادمة بنفس المصير والمآل وهو الأمر الذي يحيّر ويقلق أنصار النادي ويجعلهم غير مطمئنين على نجاح وجدوى التعزيزات التي سيقوم بها فريقهم مستقبلا والتي هو في أمس الحاجة إليها لتدعيم حظوظه في كأس رابطة الأبطال الإفريقية والتطلع إلى التألق والتتويج بلقبها. «واحد يحلب وواحد يشد المحلب» هذه اللخبطة التي تسبب فيها سوء الإختيار والقرار والتصرف ينطبق عليها تماما المثل الشعبي «واحد يحلب وواحد يشد المحلب» وهو مثل يؤكد فشل التوجه وعشوائيته وعدم اندراجه في سياسة النجاح التي من المفروض أن يتبعها مسؤولون في ناد كبير يطمح إلى الأفضل ويتطلع إلى مزيد حصد الألقاب خاصة الخارجية منها... فدو سابر هو الذي حدد القائمة الإفريقية وحكم على كرول بضرورة التعامل معها ، ودو سابر هو الذي انتدب اللاعبين وحكم على كرول بضرورة العمل معهم والتعويل عليهم ، ودو سابر هو الذي يختار الآن اللاعبين الذين ستشملهم عملية تجديد العقود وسيحكم على كرول بقبول الوضعية والرضوخ لقرارات وآراء الفرنسي، ودو سابر هو الذي سيقوم مستقبلا بالإنتدابات وسيفرضها على الهولندي ... الوضعية غير طبيعية بالمرة بداية بغياب أبسط ممهدات وظروف النجاح للفريق وكل أطرافه وصولا إلى تحديد المسؤوليات أولا في حالة الفشل ثم المحاسبة ثانيا وهنا يكمن داء هذه القرارات العشوائية التي جعلت المهام متداخلة بشكل عجيب في فريق عرفناه بحسن التنظيم والقرارات الرصينة الناجحة. إذا كان دو سابر محل كل هذه الثقة ...لماذا تمت إقالته من تدريب الأكابر؟ في ظل كل هذه العشوائية التي لا تخدم مصلحة الترجي الرياضي بالمرة فإن السؤال الكبير الذي يفرض ويطرح نفسه هو لماذا تم إبعاد دو سابر من تدريب الأكابر وتعويضه بكرول إذا كان يحظى بكل هذه الثقة من أصحاب القرار في فريق باب سويقة وعلى رأسهم حمدي المدب؟ سؤال يستحيل على غير رئيس الترجي الرياضي الإجابة عليه لأن المنطق يفرض أن توكل كل هذه المهام إلى المدرب الأول بوصفه المسؤول رقم واحد على الأمور الفنية ومن ستشمله المحاسبة في صورة الفشل... في انتظار وضوح الرؤية في شأن هذا الغموض الكبير فإن الثابت والأكيد لدينا أن وضعية كرول لم يعرفها قبله أي مدرب أجنبي في الترجي الرياضي فإلى أي حد سيتواصل صبر الهولندي يا ترى؟ ومتى سيسقط بالضربة القاضية من غريمه الفرنسي الذي يبدو أنه يتلذذ بتدخله في شؤون غيره ويحسن استغلال الصلاحيات التي أهداها له رئيس النادي رغم افتقاده لأبسط المقومات للنجاح في ذلك وإفلاسه الكروي كمدرب مقارنة مع اسم كبير في عالم الكرة كرود كرول؟