بقلم: مصطفى قوبعة في اليوم العالمي لحرية الصحافة «يتألّق» السيد الباجي قائد السبسي رئيس حركة «نداء تونس» بإهانته لصحفي يمثل المؤسسة الإعلامية الوطنية وكالة «تونس إفريقيا للأنباء» وذلك على خلفية سؤال ألقاه هذا الأخير خلال لقاء إعلامي على هامش المؤتمر الوطني حول الانتخابات وحياد الإدارة يوم السبت الماضي. قد لا يعلم السيد الباجي قائد السبسي أن يوم السبت الماضي الذي تزامن مع إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة هو يوم رمزي يحمل الكثير من المعاني على الأقل بالنسبة للعائلة الإعلامية الموسّعة، وقد لا يعلم السيد الباجي قائد السبسي أن السياسي مهما علا شأنه مطالب باحترام رجل الإعلام على قاعدة أن رجل السياسة هو القدوة الحسنة للغير. من حق السيد الباجي قائد السبسي أن يتجاهل أيّ سؤال يوجّه إليه ومن حقّه أن يمتنع عن الإجابة عنه ومن حقه أن يستعمل كل تقنيات المراوغة السياسية والاتصالية للالتفاف على أيّ سؤال يطرح عليه لم يرق له ولكن ليس من حقّه أن يأتي ردّه إهانة شكلا ومضمونا لصحفي يمثل مؤسسة وطنية يقوم بواجبه بصرف النظر عن تقييمنا الشخصي والذاتي لأدائه. ليس كل ما ينطق به السياسيون يروق بالضرورة للإعلاميين وليس كل ما يطرحه الإعلاميون من أسئلة ومن تساؤلات تروق للسياسيين، فهذه حقيقة لا يمكن لنا أن نتغافل عنها، وعلى هذه الحقيقة تتأسّس قواعد العلاقة الطبيعية والصحيحة بين السياسيين والإعلاميين بعيدا عن التجريح والشيطنة والتوظيف، ولكن في كل الحالات قد لا يكون السيد الباجي قائد السبسي السياسي الأنسب لتقديم دروس للإعلاميين وهو الذي بدأ وختم مسيرته السياسية التي سبقت 14 جانفي 2011 في أحضان الإعلام الواحد والرأي الواحد والخطاب الواحد حيث تربّى ونشأ وتطبّع بطباعه التي لا تزال بعضها تحكم جانبا من سلوكه كرجل سياسة فاعل في المشهد الوطني اليوم، والتي لا يزال إعلامنا يعاني من مخلفاته ومن رواسبه. إهانة و«تجلطيمة» في غير محلهما ولا مبرّر لهما قد تخفيان شيئا من شخصية السيد الباجي قائد السبسي التي تريد أن تحكم وحدها والتي تضع نفسها فوق النقد والمساءلة والتي تدعي امتلاك الحقيقة المطلعة. «أنا نحكم وحدي» قالها بالأمس السيد الباجي قائد السبسي لما تولّى رئاسة الحكومة التي خلفت حكومة السيد محمد الغنوشي، واليوم ليس بمقدور أحد داخل حركة «نداء تونس» أن ينفي أن السيد الباجي قائد السبسي هو بلا منازع يحكم وحده. وعوض أن يتسرّع السيد الباجي قائد السبسي في إهانة صحفي كان بمقدوره مثلا أن يعيب عليه وعلى بقيّة الصحافيين الحاضرين من مختلف المؤسسات الإعلامية غياب حضورهم الذهني بسهوهم عن طرح أهم سؤال اليوم وهو التالي: ما المقصود بالضبط وأية علاقة بين ما قاله السيد الباجي قائد السبسي يوم 14 جانفي 2014 في الاجتماع الشعبي لحركة «نداء تونس» بقصر المؤتمرات بتونس وبين إسقاط الفصل المتعلق «بالعزل السياسي» من القانون الانتخابي الجديد لما توجه برسالة مشفّرة إلى حركة «النهضة» نصها الحرفي «تحاسبونا على اللي عملناه، نحاسبوكم على اللي عملتوه». لن يجيب السيد الباجي قائد السبسي عن السؤال / التساؤل لأن الإعلام غفل عن توجيه هذا السؤال له، وحتى إن بادر فإنه لن يقدم الإجابة الصحيحة لأن الإجابة الصحيحة ستنير الرأي العام عن الحقائق المخفية التي سبقت التصويت على القانون الانتخابي الجديد. وكما يقول أشقاؤنا الشرقيون «شد حيلك يا بلد من شيخك إلى الولد».