وزير السياحة: طلب كبير على طبرقة عين دراهم...التفاصيل    عاجل: سقوط صواريخ إيرانية على حيفا وبئر السبع... وأضرار مادية جسيمة    كأس العالم للأندية: برنامج النقل التلفزي لمواجهة الترجي الرياضي ولوس أنجلوس    الفرق الطبية بالمستشفيين الجامعيين بصفاقس تنقذ 5 مرضى من جلطات قلبية بواسطة منصّة "نجدة TN"    حماية المستهلك والتجارة الإلكترونية: تذكير بالقواعد من قبل وزارة التجارة وتنمية الصادرات    وائل نوار: الرهان المستقبلي لقافلة الصمود حشد مئات الآلاف والتوجه مجددا لكسر الحصار    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    مقترح قانون لتنقيح قانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلّغين    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    بداية من 172 ألف دينار : Cupra Terramar أخيرا في تونس ....كل ما تريد معرفته    عاجل: القلق الإسرائيلي يتصاعد بسبب تأجيل القرار الأميركي بشأن الحرب على إيران    الحماية المدنية: 552 تدخلا منها 98 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    النادي الإفريقي يعلن عن موعد الجلسة العامة الانتخابية    صلاح وماك أليستر ضمن ستة مرشحين لجائزة أفضل لاعب من رابطة المحترفين في إنقلترا    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    وزير الإقتصاد في المنتدى الإقتصادى الدولي بسان بيترسبورغ.    عودة التقلّبات الجوّية في تونس في ''عزّ الصيف'': الأسباب    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    بلومبيرغ: إيران تخترق كاميرات المراقبة المنزلية للتجسّس داخل إسرائيل    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    عامان سجناً لمعتمد سابق و15 سنة سجناً لنائب سابق بالبرلمان المنحل    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    صاروخ إيراني يضرب بئر السبع وفشل تام للقبة الحديدية...''شنو صار''؟    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    بطولة برلين للتنس: أنس جابر توانجه اليوم التشيكية "فوندروسوفا"    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    ما تستهينش ''بالذبانة''... أنواع تلدغ وتنقل جراثيم خطيرة    100 يوم توريد... احتياطي تونس من العملة الصعبة ( 19 جوان)    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    خامنئي: "العدو الصهيوني يتلقى عقابه الآن"    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    كأس العالم للأندية: أتليتيكو مدريد يلتحق بكوكبة الصدارة..ترتيب المجموعة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    الاستثمارات الاجنبية المباشرة تزيد ب21 بالمائة في 2024 في تونس (تقرير أممي)    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    إسناد المتحف العسكري الوطني بمنوبة علامة الجودة "مرحبا " لأول مرة في مجال المتاحف وقطاع الثقافة والتراث    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    قافلة الصمود تُشعل الجدل: لماذا طُلب ترحيل هند صبري من مصر؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال الدين العويديدي (حزب «التحالف الديمقراطي») ل «التونسية»:واهم من يعتقد أنّ الانتخابات ستكون مثالية
نشر في التونسية يوم 25 - 06 - 2014


مناورات «النهضة» و «النداء» تحكم الساحة السياسية
لا بدّ من التحرّر من سطوة الشركات الاجنبية
اتفاقية الشراكة مع أوروبا أضرّت باقتصاد البلاد
المال الفاسد يهدّد بفسخ التعدّدية
حوار: أسماء وهاجر
جمال الدين العويديدي خبير اقتصادي وصناعي وعضو بالمكتب السياسي لحزب «التحالف الديمقراطي» مكلف بلجنة البرامج اعد البرنامج الاقتصادي لحزب «التحالف» من خلال تشخيص الوضع الاقتصادي للبلاد والعمل على ايجاد حلول قادرة على توفير العيش الكريم لكل المواطنين وذلك بتشجيع الانتاج الوطني في كل المجالات. «التونسية» التقته في حوار تطرّق لعدة مواضيع تشغل الرأي العام وفي مقدمته النخبة السياسية وتتعلق بالانتخابات التشريعية والرئاسية وقدرة القانون الانتخابي على ضمان انتخابات نزيهة وشفافة ودور الاعلام في الفترة المقبلة واتفاقية الشراكة مع اوروبا وانعكاساتها على الاقتصاد التونسي وغيرها من المواضيع الاخرى ...
تقديم الانتخابات التشريعية على الرئاسية من الناحية القانونية هل فيه مزايا لأحزاب معينة على حساب أحزاب أخرى؟
في اعتقادنا المسألة ليست قانونية بالدرجة التي يصعب تخطيها بقدر ما هي في الحقيقة مسألة رؤية سياسية تهدف في مضمونها إلى الحد من الاستقطاب الثنائي الذي طغى على هذه المرحلة التاريخية من الانتقال الديمقراطي في بلادنا. من ذلك مثلا أن تقديم الانتخابات الرئاسية كان يمكن ان يمثل فرصة لبروز مرشح من خارج ثنائي الاستقطاب من شأنه أن يلعب دورا هاما في تعديل المشهد السياسي في الانتخابات التشريعية. في الحقيقة أخشى ما يخشاه كل الديمقراطيين في البلاد هو عزوف الناخبين عن الانتخابات مما سيفسح الطريق للثنائي الذي يتمتع بقواعد أكثر انضباطا من غيره للفوز بأكثر سهولة. وهذا السيناريو يراهن عليه الطرفان بقوة ومن هذا المنطلق يمثل تقديم الانتخابات التشريعية فرصة إضافية لتعميق التمشي الديمقراطي في البلاد خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار البرامج الاقتصادية والاجتماعية لطرفي الاستقطاب الثنائي و التي ترتكز على نفس الرؤيا الليبرالية المشطة التي اعتمدها النظام السابق عبر تطبيق نفس المنوال الاقتصادي اللاوطني الذي انتهجه النظام السابق و الذي ادّى بالبلاد إلى وضع كارثي بالنظر إلى البطالة التي ناهزت المليون عاطل عن العمل، و عجز تجاري هيكلي في حدود 17,863 مليار دينار في موفى 2013 لا يمكن تغطيته إلا باللجوء للمديونية، مما سيؤدي حتما إلى مزيد من التبعية و مزيد من رهن ثروات البلاد لصالح القوى الكبرى المهيمنة و هذا ما نلاحظه حاليا بكل أسف.
كل الأحزاب الكبرى تعتمد على صورة زعيم... من هو الزعيم المثالي ل «التحالف»؟
نحن في «التحالف الديمقراطي» لا نؤمن بالزعامة لأننا نعتقد أن نظرية الزعيم الأوحد و الأحد أظهرت سلبياتها في كل التجارب التاريخية القريبة التي مرت بها جل البلدان العربية تقريبا. في الحقيقة «التحالف الديمقراطي» بصفته حزبا فتيا يراهن على الطاقات و الخبرات الشبابية التي لديه وهو في اعتقادي أفضل مكسب لهذا الحزب. يبقى أن الحزب لديه قيادات مشرفة أثبتت جدارتها في الدفاع عن مصالح الوطن بكل كفاءة و بكل جدية خاصة في الفترات العصيبة التي مرت بها البلاد. و يبقى طبعا للهياكل التسييرية للحزب الحسم بطريقة ديمقراطية في مسألة تقديم مرشح له في الانتخابات القادمة.
ما رأيك في ما يقوله السياسيون بأن تقديم التشريعية على الرئاسية يخدم مصالح «النهضة» وان ذلك «صفعة» من الأحزاب الحداثية للباجي قائد السبسي وهدية ل «النهضة»؟
في الحقيقة هناك مناورة تتشكل خيوطها بين طرفي الواقع الحالي. «النهضة» أبدت مرونة في التخلي عن التزامن و لكن شرط قبول الطرف الآخر بتقديم الانتخابات التشريعية عن الرئاسية حتى يتسنى لها إحكام التمركز في الساحة السياسية و لعب دور الحسم في الرئاسية كورقة ضغط على جميع الأطراف المتهافتة على قصر قرطاج طبعا مع التلويح من الآن بإمكانية تزكية مرشح «نداء تونس» في صيغة مرشح توافقي وهو ما تم الترويج له مؤخرا بصفة واضحة. في هذا الإطار يبقى دور الأحزاب الأخرى في التأثير على الموقف النهائي نسبيّا و هذا واقع الحال الذي لمسناه في آخر الأمر.
هل أنّ قواعد القانون الانتخابي كفيلة بتحقيق انتخابات نزيهة وشفافة؟
بقطع النظر عن طريقة الانتخاب بالقائمات التي تم اتباعها و التي بالتأكيد تعمل لصالح الأحزاب الكبرى والأكثر انتشارا في البلاد مما يعني الأحزاب ذات الإمكانيات المالية الكبرى،تبقى مسألة تحقيق انتخابات نزيهة و شفافة رهينة إصرار الشعب و يقظته و وعيه السياسي بالتوازي مع دور المجتمع المدني و جميع الحراك السياسي في البلاد من أجل التصدي إلى كل عملية غش أو تزوير في الانتخابات القادمة. من يعتقد أن هذه الانتخابات ستكون مثالية فهو واهم إن لم نقل ساذجا. ما تم مؤخرا في مصر لم يكن يتصوره الديمقراطيون المصريون بعد ثورة 25 جانفي 2011.
وهل هي كفيلة بأن تضمن مواصفات المسؤولية في الأطراف المنتخبة خاصة بعد «صدمة التأسيسي» إثر الانتخابات السابقة؟
هذا السؤال يذكرني بمقولة مشهورة للزعيم الهندي الراحل المهاتما غاندي الذي يقول توجد سبعة أشياء تدمر الإنسان» ذكر في مقدمتها «السياسة بلا مبادئ» كما ذكر «الثروة بلا عمل» و«التجارة بلا أخلاق». ما حصل في بلادنا خاصة بعد الثورة أكد بكل أسف وجود ممارسة السياسة بلا مبادئ وقد دمرت الممارسات عديد الشخصيات والأحزاب مهما جنّدوا من ذخيرة المال الفاسد لمجابهة الحملة الانتخابية القادمة. والشعب شاهد على ذلك وواع به. لذا الضامن الوحيد هو يقظة الشعب التونسي الذي يجب أن يتجند للقيام بحقه وبواجبه الانتخابي وأن يميز على أساس المبادئ والوطنية الصادقة وأن يعمل على تحييد ومعاقبة كل من خذله بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011.
يقول الاستاذ العبدلي إن عقلية السلطة غنيمة وان الفساد المستشري في كل القطاعات اكبر عائق أمام أية حكومة مهما كانت ميزاتها ومواصفاتها. ما رأيك في ذلك ؟
نعم أشاطر الدكتور عبد المجيد العبدلّي هذا الرأي ولكن السؤال المطروح أيضا هو هل أن الحكومات كانت جادة في القضاء على ظاهرة الفساد التي تفشت في المجتمع بجميع أجزائه؟ ثم لنضيف أيضا بكل صراحة هل أن كل الحكومات التي تداولت على السلطة سواء كانت حكومة ما بعد الثورة أو حكومات ما بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 أظهرت جدية لتقليص ظاهرة الفساد والمحسوبية؟ في الحقيقة يمكن الجزم أن هذه الظاهرة زادت استفحالا منذ ثلاث سنوات بشهادة كل الجهات المحلية والأجنبية المختصة مما يؤكد ثبوت وجود عقلية الغنيمة التي لا يمكن أن تكون خارج ظاهرة الفساد من ذلك تفشي ظاهرة التجارة الموازية والتهريب في البلاد وهذه الظاهرة لا يمكن لها أن تنتشر دون تغطية من جهات متنفذة. في هذا الصدد أتذكر قول أحد رموز المعارضة الحالية في ندوة حول الصراع السياسي والمال الفاسد في تونس حيث أجاب عند إعلامه بأن حزبه أيضا عليه مآخذ في هذا الباب قائلا ان حزبه اكتشف أن العدو يستعمل سلاح الدمار الشامل (يقصد المال الفاسد) فاختار حزبه أن يحارب بنفس السلاح... وهذا يعطينا صورة قاتمة عن طبيعة الحملة الانتخابية القادمة مع الأسف.
اليوم دور الإعلام رئيسي في توجيه الرأي العام. هناك لوبيات حزبية تتشكل وبصدد تملك القنوات التلفزية فهل الهايكا قادرة بما لها من صلاحيات على التصدي لمثل هذه الظواهر؟
هذا السؤال يثير أهم معضلة تتعرض لها البلاد حاليا خاصة ونحن على أبواب انتخابات مصيرية. الإعلام في تونس تسوده ضبابية خاصة على مستوى القوانين المنظمة لسيره وتكوينه كما تسوده تجاذبات تجري في الخفاء والظاهر بين أهم الأطراف السياسية أهمها أحزاب «الترويكا» وفي مقدمتها حزب «النهضة» وقوى النظام السابق في صيغه وصفاته الحالية والتي تتمتع بمساندة مطلقة من رجال الأعمال التابعة له والتي سعت حكومة «الترويكا» للتودد لها ولكن يبدو أن نجاحها كان نسبيا. ففي موضوع رجال الأعمال يجب أن يعلم الشعب أن بعض المجموعات الاقتصادية الكبرى في البلاد تنفق أكثر من عشرين مليون دينار سنويا في الإشهار يتم صرف جزء كبير منها في كل وسائل الإعلام. هذا في حد ذاته يعطي فكرة واضحة عن مدى تشابك المصالح السياسية والمالية والإعلامية وينذر بمدى تأثيره المرتقب على سير الحملات الانتخابية القادمة. من هنا يأتي دور الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري. هي هيئة دستورية تعنى بالمشهد الإعلامي السمعي والبصري التونسي وهي مع الأسف لم تبد أي دور فعال وصارم لتصويب التجاوزات والإخلالات التي نشهدها منذ مدة في الشكل والمضمون للمشهد الإعلامي حيث نلاحظ دخول رؤوس أموال تونسية وخارجية في أهم القنوات الخاصة دون قيود أوشروط تضمن أدنى قسط ممكن من الحيادية ولونسبيا. كما نشهد تراجعا على مستوى تكريس تعددية الرأي في المشهد الإعلامي بوصفها أهم مكسب من مكاسب الثورة.
الجميع يعلم انه لا انتخابات دون مال ولا نجاح إلا بالمال. هل وجد «التحالف» من يدعمه امام اللوبيات المالية التي تقف وراء الأحزاب الكبرى؟
صحيح أن للمال دورا كبيرا في السياسة ولكن مهما عظم دوره تبقى المبادئ الوطنية والأفكار النيرة وحب الوطن والعمل على خدمة البلاد والعباد قوام العمل السياسي وهذه المعاني هي أهم وأشرف حافز يمكن أن يتعلق به كل مناضل صادق مع نفسه ومع شعبه. إذا توفر هذا الصدق فسيتوفر الدفع النضالي بالعمل والفكر والمال مثلما انطلقت ملحمة تحرير البلاد من طغيان الاستعمار الفرنسي حيث بعد تعثر وتشكيك قدّم الشعب التونسي كل التضحيات بما فيها المالية من أجل نيل مبتغاه. مع التذكير أننا اليوم نخوض نفس الملحمة لاسترداد استقلالنا الاقتصادي والسياسي الذي سلب منذ أكثر من ثلاث عشريات.
ما هو موقف «التحالف الديمقراطي» من اتفاقية الشراكة مع أوروبا ؟وهل هي اتفاقية أم وصاية في شكل اتفاقية كما يرى البعض؟
كما يعلم الجميع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تم في سنة 1995 في عهد يسوده الطابع الدكتاتوري حيث لم تتم استشارة الشعب في الأمر كما أن معظم المنظمات الوطنية كانت تحت السيطرة او في بيت الطاعة والموالاة التامة مثل اتحاد الأعراف الذي كان يهلل لكل قرار حتى ولو كان انتحاريا. طبعا كان من الاولى قبل الدخول في شراكة مثل التي حصلت والتي تنص على أنها نهائية وغير محددة بتاريخ عكس معاهدة باردو التي كانت محددة بمدة تاريخية حتى وإن كانت فضفاضة على استفتاء شعبي مباشر بعد مناقشة حرة ونزيهة من طرف كل الجهات والمنظمات المعنية وهذه شيمة البلدان الديمقراطية. لذا من الناحية الشكلية كانت عملية مسقطة ومفروضة بطريقة استبدادية واضحة.
ولكن الملفت للنظر والمبهت أيضا أنه بعد مضي قرابة العشرين سنة على تفعيل هذا الاتفاق لم تتمّ رسميا أو حتى على المستوى الأكاديمي الجامعي التونسي أوالمنظمات ذات الشأن (اتحاد الصناعة والتجارة والاتحاد العام التونسي للشغل) أية دراسة تقييمية لنتائج هذا الاتفاق رغم قيمة تأثيره على مسيرة البلاد التنموية.
أما من ناحية النتائج على المسيرة التنموية للبلاد منذ تفعيل هذه الاتفاقية فبكل موضوعية نقول إن نسبة البطالة ارتفعت حيث لدينا أكثر من ثماني مائة ألف عاطل عن العمل بينهم أكثر من ربع مليون من حاملي الشهائد العليا ولدينا أيضا عجز تجاري عميق وهيكلي بلغ 17,863 مليار دينار في موفى سنة 2013 أي بنسبة 65 بالمائة من ميزانية الدولة لسنة 2014 من بينها عجز مع الاتحاد الأوروبي بقرابة 6 مليار دينار يمثل 40 بالمائة من العجز الإجمالي وهذا العجز لا يمكن تغطيته إلا باللجوء للمديونية وهذا ما نعيشه اليوم ومنذ عدة سنين. كما أن بلادنا فقدت أكثر من 48 بالمائة من نسيجها الصناعي الوطني نتج عنه فقدان مئات الآلاف من مواطن الشغل المستديمة وذلك لعدم تحملها المنافسة المباشرة مع الشركات الأوروبية التي تعمل في ظروف أفضل بكثير مما هو عليه واقع الحال في تونس من ذلك مثلا فائض القروض البنكية للاستثمار الذي لا يتجاوز اثنين أو ثلاثة بالمائة في البلدان الأوروبية بينما يتراوح بين سبعة وعشرة بالمائة في تونس. هذا بقطع النظر عن الفارق في المردودية والإنتاجية بين الإدارتين في كلا الجهتين. ثم لا يجب أن ننسى أن بلادنا تخلت عن مداخيلها من الضرائب القمرقية التي كانت موظفة على توريد البضائع الأوروبية والتي تمثل من سبعين إلى ثمانين بالمائة من وارداتنا حيث كلفنا ذلك بين 4,8 نقطة من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الأولى من تطبيق الاتفاقية وقرابة 2,8 بالمائة حاليا. بعض الدراسات الأخيرة بينت أن المبالغ الإجمالية المفقودة في هذا الباب تناهز الثلاثة وعشرين مليار دينار أي ما يعادل نصف المديونية الحالية وهي مبالغ تحولت من مداخيل جبائية إلى مديونية. هذه النتيجة أدت إلى التقليص من ميزانية الدولة مما جعلها تعجز عن تنفيذ برامج تنمية لتوفير الشغل الملائم لأبنائها خاصة في الجهات الداخلية التي تعمق تهميشها خلال هذه المدة لقلة الموارد كما جرها أيضا للتفويت في قطاعات وطنية هامة ومحورية كمصانع الإسمنت مثلا وغيرها من القطاعات الأخرى. مع العلم أن الاستثمار الخارجي الذي راهنت عليه السلطة آنذاك لم يف بوعوده لتعويض الخسائر في مواطن الشغل. ثم ما يجب أن يعلمه الجميع اليوم هو أن النسيج الصناعي التونسي الذي يعد قرابة الستة آلاف وحدة يتكون أساسا بنسبة خمسين بالمائة من شركات غير مقيمة (ثلاثة آلاف شركة تقريبا) أي أن هذه الشركات تخلق الثروات الطائلة داخل البلاد وتقوم بتحويلها كاملة إلى بلد المصدر ولا توظف عليها أي ضريبة ولا تساهم في المسيرة التنموية للبلاد لأن القانون التونسي وفر لها الإعفاء الكامل من كل الضرائب كما وفر لها منح التشغيل ومنح التأهيل من الخزينة العامة للبلاد وهي موارد متأتية من الجباية التي تسدد من طرف المواطنين التونسيين ومن المؤسسات التونسية المقيمة. كما أن المؤسسات غير المقيمة تتمتع بحق ترويج منتوجها داخل السوق المحلية بنسبة 30 بالمائة والحال أن تجهيزاتها لا تخضع لأية ضريبة مما يشكل خرقا واضحا لقواعد المنافسة النزيهة وأضر بالمؤسسات المحلية. طبعا هذا الوضع الذي سمح للشركات غير المقيمة ان تشغل تدريجيا ما يناهز 260 ألف مواطن من بين 470 الف موطن شغل في القطاع الصناعي جعل البلاد رهينة حيث لم تستطع توظيف أية جباية على هذه الشركات في خرق صارخ لحقوق البلاد حيث عمدت هذه الشركات إلى التهديد بغلق مصانعها إذا أقدمت السلطة التونسية على توظيف أداء على المرابيح وآخر محاولة فاشلة كانت أثناء تقديم قانون المالية لسنة 2014 حيث تم اقتراح أداء بعشرة بالمائة تم التخلي عنه في النهاية اثر ضغط اللوبيات الخارجية وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي ومع الأسف بمساندة كبيرة من منظمة الأعراف في خرق صارخ للمصالح العليا للبلاد.
باعتبارك معد البرنامج الاقتصادي لحزب «التحالف» ...هل أن الحلول المقترحة من قبلكم للخروج من الأزمة الراهنة هي حلول عملية أم مجرد دعاية انتخابية؟
بالنظر لما تعرضنا له سابقا من تحليل للمنوال الاقتصادي الحالي نحن نعمل بكل جدية وموضوعية على تقييم وتشخيص الوضع الاقتصادي للبلاد بعيدا عن كل المزايدات والتجاذبات السياسية ونعمل على صياغة برنامج اقتصادي واجتماعي من شأنه أن يعزز استقلال ومناعة البلاد ويوفر العيش الكريم لكل المواطنين وفي كل الجهات وذلك عبر رد الاعتبار لمسيرة تنموية وطنية أساسها التشجيع على تعزيز الإنتاج الوطني في كل المجالات الفلاحية منها والصناعية والخدماتية وغيرها من القطاعات الأخرى كالصناعات التقليدية قوامها أساسا الجودة والسعر التنافسي حتى تتمكن من إعادة افتكاك مكانتها في السوق المحلية التي غزتها البضائع الخارجية والعمل على اكتساح الأسواق الخارجية خاصة منها المجاورة. وهذا التمشي نعتبره الضامن الوحيد لخلق القيمة المضافة وخلق الثروات الوطنية التي ستكون المحرك الأساسي للتنمية في البلاد. طبعا هذا البرنامج الذي سيمتد على عدة سنوات يتطلب القيام بإصلاحات جوهرية وتغييرا في العقلية السائدة حاليا والتي لا تتصور التنمية إلا عبر استجداء التدخل الخارجي.
تصوير: نبيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.