ألقى السيد مهدي جمعة رئيس الحكومة ليلة أول أمس بمتحف باردو بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة كلمة في ما يلي نصّها: «سيّدات تونس وآنساتها،لقد حرصت هذه السنة على المشاركة شخصيّا مع نساء بلادي في الاحتفال بالذكرى 58 لصدور مجلة الأحوال الشخصية وهي مناسبة نستحضر فيها بكلّ فخر واعتزاز المسيرات النّضاليّة لنساء خالدات تركن بصمات واضحة في نحت مسيرة الحداثة والتقدّم التي انتهجتها البلاد. ولقد عرفنا هذه النساء الخالدات في معركة التّحرير وفي ملحمة 9 أفريل وخلال المطالبة ببرلمان تونسي ولدى مشاركتهنّ سنة 1959 في صياغة دستور الجمهوريّة الأولى وفي صياغة دستور الجمهورية الثانية.ولا يمكن أن نغفل عن ذكر أسماء نساء من رائدات الحركة الوطنيّة، ومن طلائعهنّ بشيرة بن مراد رائدة الحركة النسائيّة في تونس وراضية الحدّاد مؤسّسة الإتحاد القومي النسائي التّونسي ورائدة العمل الإنساني وتوحيدة بالشّيخ الطّبيبة التونسيّة الأولى وشريفة المسعدي أوّل نقابيّة تونسيّة.ولا يسعني في هذا المقام الكريم إلاّ أن أتوجّه إلى جميع نساء بلادي بخالص عبارات الشّكر والتّقدير والعرفان مثمّنا ما أنجزنه طيلة تاريخ تونس المجيد كما لا يفوتني أن أحيّي بكلّ إجلال أمّهات وزوجات شهدائنا الأبرار من رجالات المؤسّستين الأمنيّة والعسكريّة الذين بذلوا أرواحهم ودماءهم فداء للوطن وصونا لعزّة تونس ومناعتها. سيّدات تونس وآنساتها،لقد شاركت المرأة التونسيّة بفاعليّة في تركيز دعائم الجمهوريّة وساهمت بنجاعة في إرساء مقوّمات الدولة الحديثة،وأثبتت أنّ مشاركتها وإسهاماتها لم تكن أبدا شكليّة وأنّها جديرة بما اكتسبته من حقوق وما حققته من منجزات. وأنّها لجديرة بالثقة التي نالتها في تقلّد جميع المسؤوليّات التي كلّفت بها على جميع الأصعدة وخاصّة في المواقع العليا والحسّاسة في الدّولة،وهي اليوم تكشف عن قدرتها الفائقة في تأدية أعمالها وفي تحقيق الإضافة النوعيّة،وهي اليوم تنتج وتنجز وتبتكر وتبدع وتتألّق. انّ المرأة في هذا الظّرف الإنتقالي الدقيق الذي تعيشه بلادنا هي حصن ثورتنا الواقي من كلّ الإنحرافات،وهي سدّنا المنيع أمام جميع مظاهر الإنغلاق والتطرّف وخاصّة الإٍرهاب الذي يريد ضرب النمط المجتمعي التّونسي. وان الدولة ضامنة لأن لا تكون المرأة موضوع مزايدات، ملتزمة بالتصدي لكل محاولات فرض وصاية عليها أو الاعتداء على حقوقها وحريتها أو تغيير نمط حياتها. سيّدات تونس وآنساتها،ان هذه الحكومة باقية على العهد في دعم الدولة المدنية الحديثة ومناصرة نضال المرأة المتواصل لنيل حقوقها كاملة.وإنّ المراتب الرّفيعة التي بلغتها المرأة التونسيّة والكفاءة والمهارات التي اكتسبتها في مجالات عديدة هامّة في ميادين السياسة والاقتصاد والتّعليم والصحّة والقضاء والإعلام والمحاماة والهندسة والفلاحة والفنون وغيرها من الميادين تمثل ثمرة مجهوداتها المتواصلة منذ عقود طويلة، ونتيجة توجهات واختيارات مؤسسي الدولة الحديثة والتي تعهدنا بمواصلة تكريسها. ان هذه النجاحات التي حققتها المرأة وتألقها في الحياة المهنية لا تنسنا الدور المحوري الذي تلعبه في تربية الأجيال وتجذير قيم التسامح وحب الوطن والرغبة في التفوق والإبداع. وهنا أدعو كل نساء تونس من ربات بيوت وعاملات وإطارات وصاحبات اعمال وجنود والناشطات في مختلف المجالات الى الاسهام في اعلاء قيمة العمل والمثابرة والابتكار.ونأذن بهذه المناسبة بإحداث 5 جوائز يتمّ إسنادها لنسائنا المبدعات في كلّ المجالات وخاصّة في ميادين الأعمال والابتكار والتكنولوجيات الحديثة والفلاحة وفي مجالات الإعلام والثقافة والفنون وذلك تكريما لهن على جهودهن وتضحياتهن من اجل تونس متطوّرة وحديثة وجميلة. سيّدات تونس وآنساتها،أجدّد،في الختام،التأكيد على أنّ المرأة التّونسيّة كانت وستبقى رائدة التحرّر في الفكر والممارسة في محيطها العربي والإسلامي وأنها تضطلع اليوم بمسؤولية كبيرة في هذه الأوضاع الصعبة والتحديات الجسام.ونحن واثقون في قدرتها على تحمل مشاغل المجتمع وتطلعات الشعب بمختلف مكوناته، ومتأكدون أن النجاح في تخطي الصعوبات وكسب الرهانات لن يتحقق دون حضور قوي ومشاركة فاعلة للمرأة التي تعتبر عنوان نجاح المرحلة بل كل المراحل التي عاشتها وستعيشها تونس.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».