يبدو أن المهلة التشاورية التي طالبت بها حركة «نداء تونس» لانتخاب رئيس مجلس نواب الشعب كانت جد إيجابية حيث تم يوم أمس كما كان متوقعا انتخاب النائب عن حركة «نداء تونس» محمد الناصر رئيسا للمجلس ب176 صوتا فيما أسفرت الانتخابات عن انتخاب كل من عبد الفتاح مورو عن حركة «النهضة» نائبا أولا ب157 صوتا وفوزية بن فضة عن الإتحاد الوطني الحر نائبا ثانيا ب150 صوتا . بالنظر في نتائج التصويت يتضح جليا أن الناصر حظي بدعم كتلة حزبه وأصوات نواب الأحزاب الديمقراطية وجزء من أصوات نواب حركة «النهضة» كما حظي كذلك النائب الأول عبد الفتاح مورو على نفس التصويت ما عدا أصوات «الجبهة الشعبية» التي ذهبت إلى منافسته على هذا المنصب مباركة عواينية التي لم تتمكّن من حصد سوى 33 صوتا ،كما لقيت النائبة الثانية فوزية بن فضّة أيضا دعم كتلة حزبها الاتحاد الوطني الحر وكتلة «نداء تونس» وجزء من حركة «النهضة» . ضبط رزنامة عمل وقد سهّلت الأجواء التوافقية التي سادت الجلسة العامة ليوم أمس المرور إلى ضبط جدول أعمال البرلمان خلال المدة القادمة حيث أكد محمد الناصر في ندوة صحفية عقدها مباشرة إثر توليه المنصب الجديد أن المجلس سيكوّن مباشرة لجنة مؤقتة للنظام الداخلي تضبط طريقة عمل البرلمان في انتظار صياغة ومناقشة النظام الداخلي الجديد ،كما تم تكليف لجنة فنية للنظر في مشروع قانون المالية الذي سيصادق عليه المجلس قبل نهاية الشهر الجاري على أقصى تقدير حسب ما أكده الناصر على أن يعقد المجلس خلال الأسبوع القادم جلسة عامة ستخصّص للنظر في مشروع قانون المالية . ويُنتظر أن تتركّب اللجنة غير القارة التي ستنظر في مشروع الميزانية حسب التمثيل النسبي المنصوص عليه في الدستور من 22 نائبا 9 منهم عن «نداء تونس» و7 عن حركة «النهضة» ونائبين عن الاتحاد الوطني الحر ونائبين عن «الجبهة الشعبية» ونائب عن حزب «آفاق تونس» ونائب من غير المنتمين. وتعهّد الرئيس الجديد لمجلس نواب الشعب بالمحافظة على الأجواء التوافقية داخل الغرفة التشريعية وتقريب وجهات النظر بين مختلف الحساسيات السياسية خدمة للمصلحة الوطنية. كما وعد الناصر بتأسيس تقاليد برلمانية جديدة تعتمد على التشاور المسؤول وتبني نظام جمهوري تشاركي في إطار دولة مدنية تكون السيادة فيها للشعب وعلوية القانون وحقوق الإنسان مع الاسراع بالنظر في مشروع قانون الإرهاب ومشروع قانون حماية الأمنيين والعسكريين وعائلات ضحاياهم . ولم يغفل الناصر في الندوة الصحفية الحديث عن الاستحقاقات الإجتماعية المتأكدة وعلى رأسها مجابهة غلاء المعيشة ومعالجة مظاهر تهميش الشباب مؤكدا على ضرورة إيلاء هذه الجوانب الأهمية التي تستحق لانتشال الشباب من براثن اليأس ودوامة العنف والإرهاب المحيطة به . وشبّه الناصر الأجواء التي عاشها مجلس نواب الشعب يوم أمس بالمرحلة التاريخية التي عاشتها تونس في جويلية 1957 إثر الاعلان عن تكوين المجلس الوطني التأسيسي الذي كان اللبنة الأولى لبناء النظام الجمهوري معتبرا المجلس الحالي نقطة الإنطلاق نحو تأسيس الجمهورية الثانية التي رسم الدستور ملامحها . وحول إذا ما كان التقارب في نتيجة التصويت بينه وبين النائب الأول عبد الفتاح مورو إعلانا لبداية تحالف بين حركتي «نداء تونس» و«النهضة» قال الناصر أنّ التصويت كان نتاج توافق حول المصالحة الوطنية ودرءا لمضيعة الوقت مؤكدا على عدم إمكانية الحديث عن تحالفات ما لم تتشكل الحكومة .