أدّى أمس السيد حافظ بن صالح وزير العدل وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والسيدة نائلة شعبان كاتبة الدولة لدى وزير الشباب والرياضة والمرأة والأسرة المكلفة بالمرأة والأسرة زيارة عمل إلى مقر مركز إصلاح الجانحين بقمرت، هذا وقد استقبل السيد عبد الرؤوف الزريبي مدير المركز صحبة العاملين فيه وزير العدل وكاتبة الدولة والوفد الإعلامي المرافق لهما، حيث قدم للحاضرين المركز والذي يمتد على مساحة تتجاوز 12 هكتارا (فيه جانب غابي) وأقسامه والفضاءات المخصصة للأنشطة الرياضية والتربوية وللتكوين. مركز إصلاح الجانحين بقمرت في وضع مزري وكارثي، بنية تحتية سيئة، غرفة الشغل ذات سقف من الزنك مسرب لمياه الأمطار، ملعب غير مجهز، وما زاد الأمر سوءا هو اللاّمبالاة بكل ما يتعلق بالأساسيات والضروريات الواجب توفرها لضمان الحماية الصحية للأطفال الموجودين بالمركز، إذ تمّت معاينة عدم وجود التجهيزات اللازمة في المطبخ إضافة إلى الحالة السيئة والمتردية له، كما شدد وزير العدل السيد حافظ بن صالح على ضرورة الإسراع بتعيين طبيب مباشر في المركز إذ لا يعقل أن يكون مركز مختص لإصلاح الجانحين دون طبيب والأدهى والأمر وجود ممرض ليست له شهادة على حد تعبيره. هذا بالإضافة إلى المبيتات ذات الشبابيك المكسورة. وقد أكد السيد حافظ بن صالح ل «التونسية» على ضرورة التدخل والإسراع لإصلاح الوضع في مركز إصلاح الجانحين والعمل مع جميع الجهات والأطراف المعنية لتحقيق ذلك. من جهتها أعربت السيدة نائلة شعبان ل»التونسية» عن تفاجئها بالوضعية الكارثية التي يمر بها المركز، مؤكدة أن هذه الظروف الصعبة لا يكمن أن تساعد على إنجاح عملية إعادة التأهيل التي يمر بها الأطفال، مضيفة أنه «يجب اتخاذ القرارات الضرورية لإصلاح ما يمكن إصلاحه، بالتعاون مع جميع الأطراف من بينها وزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية»، وقد أبدت كاتبة الدولة قلقها إزاء وضعية المركز معربة عن وجود نية لنقل الأطفال إلى مركز أخر. «التونسية» تحدثت الى المقيمين في المركز، فأكد العديد من الأطفال أنهم مازالوا على ذمة التحقيق، وانه لم تصدر في حقهم أحكام نهائية بعد. وبالاستفسار عن الظروف التي يعيشونها، أكد عدد منهم بأن الظروف عادية، حيث يمكن لعائلاتهم زيارتهم يوميا ما عدا يومي الأربعاء والأحد، وأنهم بصدد تعلم حرف يدوية كالنجارة وغيرها، كما أنهم يقومون بأنشطة مندرجة تحت إطار التواصل الاجتماعي وتعلم اللغة الانقليزية، مضيفين أن المشكل الأساسي الذي يواجهونه هو سوء الأطباق المقدمة لهم، كما أن بعضهم يتعرض للضرب والاعتداءات من قبل الحراس الموجودين بالمركز، مؤكدين أنهم لم يقدموا أية شكايات لمدير المركز خوفا من قيام الحراس بكتابة تقارير ضدهم وإعادة تكرار الاعتداءات بالضرب والشتم. من جهته نفى السيد عبد الرؤوف الزبيدي رئيس المركز وجود أي اعتداء على الأطفال بالضرب، أو وجود سوء معاملة، مبرزا أن أساليب العقاب واضحة في المركز وهي إما بالتنبيه على الطفل أو بالحديث مع الأبوين خلال الزيارة، أو عرض الجانح على الطبيب النفسي، مؤكدا بان الأطعمة المقدمة مناسبة وصحية، أما بالنسبة لموضوع عدم وجود طبيب بالمركز، فقد أوضح الزبيدي ل «التونسية» أن عدد الأطباء الموجودين تحت الطلب لا يغطي عدد السجون، وهو ما يفسر تواجد الطبيب مرتين فقط في الأسبوع. وفي توضيح ل «التونسية»، أكد السيد عبد القادر قرباي مربي في الإصلاحية، أن الحالة المزرية التي يوجد عليها المركز تعود إلى التراكمات الكبيرة منذ وقت «بن علي»، وحتى اليوم، والتي كانت تسعى إلى محو وجود هذا المركز، كما أن التوجه التربوي المتبع في المركز غير بيداغوجي على حد تعبيره، منبها إلى أن المركز لم يقع تجديده أو تحسينه منذ سنة 2000، وهو ما يدل على اللاّمبالاة وغياب إرادة حقيقية لتحسين الوضع بالمنشئة، كما أكد أن من اخطر الأخطاء المرتكبة داخل المركز تعيين من كانوا يعملون في الوحدات السجنية مشرفين على الطفولة وعلى البيداغوجية الواجب إتباعها، معتبرا أن كل من ليست له علاقة بالعمل أو غير مطّلع على المناهج التربوية غير قادر على تسيير الإصلاحية. وتعليقا على زيارة وزير العدل لمركز إعادة التأهيل، قال عبد القادر قرباي «هناك تهميش كبير ورجوع إلى منظومة 7 نوفمبر عند زيارة وزير أو إحدى الشخصيات لمكان معين، حيث يتم القيام بالترتيبات اللازمة، من تنظيم واستقبال وتنظيف للمنشئة التي ستتم زيارتها وتهيئة الأطفال باللباس المناسب (أحذية نظيفة، ميدعات جديدة وغيرها)».