لا تزال الجماهير التونسية تجتر خيبة الانسحاب المبكر من نهائيات كأس أمم إفريقيا المقامة على أراضي غينيا الاستوائية و التي سيسدل ستارها اليوم بنهائي ساخن سيضع أفيال الكوت ديفوار في مواجهة نجوم غانا، و يتعمقون في تحليل أسباب الخيبة الجديدة، ولئن أجمع الكل تقريبا على الدور الكبير الذي لعبه الحكم الموريسي سيشورن في الخروج المبكر لعناصرنا الوطنية من المسابقة الأغلى في القارة فإن لغة العقل تفرض علينا نقدا لاذعا لذواتنا لأن الفشل في تجاوز منتخبات بتلك الأحجام يضعنا أمام حقيقة ثابتة و هي أن منتخبنا لم يبلغ بعد درجة الكمال و أن المردود الذي قدمه تحت إمرة الفيلسوف البلجيكي جورج ليكنز لم يكن ليمكنه من الذهاب بعيدا في ال«كان» و لا بد من التوقف عنده و إعطاءه الأهمية التي تستحق حتى يقع تطويره قبل الدخول في منافسات و تصفيات «كان» 2017 هذا إن سمح لنا «حياتو» و زمرته المشاركة فيها طبعا. كلام كثير قيل عن ديكتاتورية «حياتو» و التي سطى بفضلها على كل مفاصل الحكم في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، ولكن البعض تغافل بقصد أو دونه عن ديكتاتورية البلجيكي جورج ليكنز و التي سممت أجواء المنتخب ووترت العلاقات بينه وبين بقية أعضاء طاقمه الفني و نخص بالذكر المدرب المساعد ماهر الكنزاري. ورغم محاولات أعضاء الجامعة تكذيب هذا الخلاف و التأكيد على صفاء العلاقة التي تربط الرجلين، تفيد الأخبار التي تسربت إلينا من مصدر قريب من المنتخب أن العلاقة بين الكنزاري و جورج ليكنز وصلت إلى طريق مسدود بسبب الاختلاف الكبير في طرق العمل. مصادرنا أكدت لنا أن الشرارة الأولى للخلاف انطلقت مباشرة بعد نهاية المباراة الأولى ضد الرأس الأخضر حيث احتج الكنزاري عن اختيارات «عرفه» و حمله المسؤولية في فقدان نقطتين هامتين أمام منتخب كان في المتناول، المدرب السابق للترجي أكد لليكنز أن التشكيلة و الخطة التكتيكية التي اعتمدها في مواجهة «الكاب فاردي» لم تكن موفقة وساهمت في ظهور زملاء الشيخاوي بوجه شاحب و مكنت المنتخب المنافس من الخروج بنقطة ما كان ليغنمها لو تعامل البلجيكي بشكل مغاير مع المواجهة. ليكنز و بحسب ما بلغنا من أخبار لم يستسغ تدخل مساعده و لم يقبل مناقشة اختياراته وأعلم الكنزاري بأنه الرجل الأول في المنتخب و أن لا قرار يعلو على قرارته التي وقف الجميع على قلة فاعليتها و جدواها. ماهر الكنزاري الذي وقع الاختيار عليه لتدعيم الطاقم الفني للنسور نظرا لخبرته الكبيرة و لمعرفته الجيدة بأدغال القارة السمراء رفض أن يكون مجرد «كومبارس» و أن يقتصر حضوره على الجلوس على دكة البدلاء ومباركة قرارات البلجيكي الذي أثبت مجددا بأنه لا يهتم لملاحظات مرافقيه و هذا ما اعترف بها مساعده الثاني حاتم الميساوي في أحد الحصص الإذاعية قبل التحول إلى غينيا الاستوائية. ما تسرب لنا من أخبار يفيد بأن المدرب السابق للترجي لم يكن راضيا على اختيارات ليكنز في مباراة الكونغو الديمقراطية و خاصة في مباراة ربع النهائي ضد البلد المستضيف حيث أكد لكل المحيطين به أن ليكنز رفض التأهل إلى نصف النهائي عندما دخل المواجهة بتلك التشكيلة التي أفقدت المنتخب توازنه و جعلته غير قادر على حسم نتيجة المباراة مبكرا. نبقى مع الكنزاري لنشير إلى أنه أشعر أعضاء المكتب الجامعي بأنه غير مستعد للتعامل مع البلجيكي إذا ما واصل عناده و تفرده بالرأي و أنه يفضل الانسحاب على أن يبقى مجرد ديكور و أن يسكت عن أخطاء البلجيكي الذي دفع منتخبنا ثمنها غاليا. قناعة «الكنزاري» يشاطرها فيها عدد كبير من أعضاء المكتب الجامعي و كذلك المدير الرياضي للجامعة كمال القلصي الذي علمنا أنه ضمن التقرير الذي أعده جملة من المؤاخذات على أداء البلجيكي ليكنز الذي ستكون له جلسة مساءلة أولى مع القلصي و ثانية مع أعضاء المكتب الجامعي. و بحسب ما وردنا من معلومات فإن البلجيكي سيكون مطالبا بتعديل سلوكه مع معاونيه و تغيير طريقة عمله و إلا فإنه لن يواصل المسيرة على رأس المنتخب الوطني.