الأزهر: لا فرق بين الفيلم والرسومات المسيئة للرسول مفتي السعودية: عمل مفسدين الشيخ فريد الباجي: تجسيد سيّد الكونين مرفوض إدارة السينما: لا حكم قبل المشاهدة متابعة: أحمد فضلي شرعت مؤخرا دور العرض الايرانية في عرض فيلم «محمد رسول الله» والذي يروي حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وخصوصا ايام طفولته وتحديدا الى سنّ قبل الرسالة، أي منذ ولادته حتى سن 13 عاماً من خلال تقديم البيئة التي نشأ فيها وعلاقته بأقرانه وبمن حوله، وكيفية تعامله مع أبناء جيله صغاراً وكباراً. ومنذ الاعلان عن انجازه وعرضه في دور السينما بكندا وصولا الى ايران، أثار الفيلم جدلا في المرجعيات الإسلامية التي عارض قسم كبير منها وخصوصا مشائخ السنّة وعدد من المراجع الشيعية الايرانية عرضه باعتبار أنه لا يجوز شرعا تجسيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، معتبرين في ذات الاطار ان في ذلك استنقاصا من مكانة الرسول الاكرم الروحية. وبما ان الفيلم أسال الكثير من الحبر، ومواكبة منها للاحداث وردود الفعل، سعت «التونسية» لمعرفة موقف دار الإفتاء التونسية منه، فاتصلنا امس حوالي الساعة الواحدة ظهرا بالمكلف الاعلامي لدى سماحة مفتي الجمهورية، لنفاجأ بالمكلّف بالاعلام يطلب منا بداية ارسال بريد الكتروني نشرح فيه مرادنا من مفتي الجمهورية، ولدى سؤالنا عن المدة المحددة للاجابة على طلبنا قال انه يلزم بين يومين الى ثلاثة ايام ليرد علينا المفتي. استغربت من الجواب، وواصلت الاستفسار عن سبب طول الفترة الزمنية للردّ فاحتج المكلف بالاعلام بأن «كلام المفتى هو عبارة عن فتوى وعليه العودة الى مراجع»، جواب دفعني لانتقاد الجواب حرفيا:«يعني مواطن يرغب في استشارة المفتي أو سؤاله عن موضوع عاجل يلزمه شهر على الاقل للرد عليه..» فما كان من المكلف بالاعلام الاّ أن اتهمنا بعدم المهنية. وهنا اود ان اوضح للمكلف بالاعلام:«أولا أن المهنة هي التي دفعتنا للاتصال بدار الافتاء لمعرفة موقفها من امر محسوم..وهي ذات المهنية التي دفعتني للاستنجاد بعالم دين آخر ليوضح لي بعض النقاط بعيدا عن دار الافتاء..ثانيا ذكرت انه على المفتي مراجعة بعض المصادر وهنا أتساءل : هل يعود سماحة المفتي في كل موضوع إلى الكتب والمراجع والحال انه مدعو للاجابة عن كل استفسار حينيا .. لقد غاب عن المكلّف بالإعلام أننا في عصر السرعة والانترنات ..وان الخبر لا ينتظر ونحن شركاء في نقل المعلومة للمواطن حتى لا يبحث عنها بعيدا في وسائل أخرى». ولمعرفة فقه الزيتونة المعتدل، التجأنا الى الشيخ فريد الباجي مؤسس دار الحديث الزيتونية، الذي اكد ان موقف الزيتونة والازهر اتفق على ان الرسول الاكرم لا مثيل له ولا يمثل، و أن تصوّر فيلم عن الرسول وتجسيده لا يجوز في مذهب اهل السنة والجماعة على خلاف مذهب الشيعة الذي يبيح ذلك، وعن موقف الزيتونيين من امكانية عرض الفيلم في تونس شدد الشيخ فريد الباجي على ان تصوير سيد الكونين وتجسيده مرفوضان شرعا وتابع:«نحن لا ندعو للفوضى او ما شابه ذلك ..ولكننا نرفض تجسيد الرسول صلى الله عليه وسلم.». من جهة اخرى قالت السيدة منيرة بن حليمة مديرة السينما بوزارة الثقافة ل«التونسية» ان موضوع جلب الفيلم الى تونس لم يثر بعد وأنه لا يمكن الحكم على النوايا وأنه لا يوجد موزع تقدّم لجلب الفيلم موضحة أن الوزارة تعمل وفق مبدإ أنه لا يمكن الحكم على الفيلم قبل مشاهدته. على الصعيد العربي اعتبر الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية، الفيلم بالعمل المعادي للاسلام والمشوّه والمسيء له مشيرا إلى أن عرض إيران للفيلم أمر لا يجوز شرعاً، محذرا في بيان أصدره من تداول الفيلم ومشاهدته. وشدد الشيخ على أن الرسول «منزّه عن ذلك.. وله صفاته المعينة وخلقية معروفة، وأضاف: «هؤلاء يصورون شيئاً غير الواقع، فيه استهزاء بالرسول، وحط من قدره». وبيّن مفتي عام السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء انه على من أراد تبيان حياة الرسول المصطفى، نشر سنّته، واصفا فيلم «محمد رسول الله» . من جهتها نددت مشيخة الأزهر وعلمائها بشدة بالفيلم الايراني الذي يجسد النبي صوتا وصورة، داعين طهران الى منع عرض الفيلم وذلك في بيان أصدره الأزهر الشريف عشية عرض الفيلم اكد فيه رفضه واعتراضه التام على تجسيد الأنبياء والرسل في الأعمال الدرامية والفنية، وذلك لمكانتهم التي لا ينبغي لأحد أن يمسها بشكل من الأشكال. واكد بيان الأزهر أن رفض تجسيد الأنبياء لا يختصر فقط على حد منع إظهار وجوههم بشكل واضح في هذه الأعمال ولكن أيضا عدم تجسيد الأنبياء صوتًا أو صورة أو كليهما في الأعمال الدرامية، بالاضافة إلى أن مثل هذه الأعمال تنزل من مكانة الأنبياء من صفة الكمال الأخلاقي ومقامها العالي في القلوب والنفوس. وإلى جانب ذلك، حذر عدد من شيوخ الدين في مصر ومسؤولون من عرض الفيلم، داعين إيران للعمل على وقفه مؤكدين أنّ تصوير الفيلم غير مسؤول ولا يختلف عن نشر رسومات مسيئة للرسول الاكرم. أغلى فيلم في تاريخ السينما الإيرانية يعد فيلم «محمد رسول الله» إنتاجا ضخما حول طفولة النبي محمد، وبلغت ميزانيته بتمويل جزئي من الحكومة الإيرانية نحو 40 مليون دولار، ليصبح أكثر الأفلام كلفة في تاريخ السينما الإيرانية، حيث صور في جنوبطهران ومدته ساعتين ودام تصويره 8 سنوات. وسيعرض الفيلم في 143 قاعة سينما بإيران، وقدّم في افتتاح مهرجان «مونتريال السينمائي»، ويأمل المخرج أن يلفت انتباه موزعين أوروبيين. ويتمنى مجيدي أن يكون الفيلم الجزء الأول من أصل ثلاثة، اعتقادا منه أنه لا يمكن تغيير صورة الإسلام السيئة والنمطية عبر فيلم واحد، لكنه يوضح أن الأجزاء الأخرى لن تكون من إخراجه بالضرورة، داعيا كل السينمائيين المسلمين إلى أن ينتجوا أفلاما أخرى حول ما سماه «الإسلام الصحيح» لمواجهة النظرة الخاطئة والزائفة التي ترسخت في عقول عدد كبير من الغربيين. ويذكر أن فيلما آخر بعنوان «الرسالة» أنجز في عام 1976 حول حياة الرسول محمد من قبل المخرج الأمريكي السوري الأصلي مصطفى العقاد باللغتين العربية والإنقليزية. وأثار هذا الفيلم في حينه جدلا واسعا في العديد من الدول الإسلامية والعربية وعلى رأسها السعودية، لكن في المقابل تم تقبله في دول أخرى مثل تونس والجزائر حيث تم بثه على شاشة التلفزيون عدة مرات. من هو المخرج الإيراني مجيد مجيدي ؟ مجيد مجيدي هو مخرج ومنتج وكاتب سيناريو إيراني، ولد يوم 17 أفريل 1959 في طهران وفي سن المراهقة أصبح من هواة المسرح، ثم درس بمعهد الفنون المسرحية في العاصمة طهران وبعد قيام الثورة الإسلامية في عام 1978 شارك في مجموعة من الأفلام حيث كان أول ظهور له في فيلم «المقاطعة» سنة 1985 لمحسن مخملباف بصفته المدير وكاتب النصوص السينمائية. وتم عرض أفلامه في مسارح كثيرة، وفازت بجوائز دولية من ذلك انه رشح لجائزة اوسكار أفضل فيلم بلغة اجنبية مع فيلم «أطفال الجنة» سنة 1998 ولكنه خسر الجائزة لصالح الفيلم الإيطالي «الحياة حلوة» لروبرتو بينيني. سنة 2001 تلقى مجيد مجيدي جائزة «Douglas Sirk Award» وفي عام 2003 جائزة «Amici Vittorio de Sica Award». ماذا قال مخرج الفيلم ؟ أكد مخرج الفيلم الإيراني مجيد مجيدي أنه استخدم تقنيات التصوير ثلاثية الأبعاد لكي لا يظهر وجه الرسول محمد. كما نفى مجيد مجيدي أن تكون لديه أية نية في تشويه صورة الرسول محمد مشيرا إلى أنه يريد الترويج لديانة إسلامية متفتحة على الآخرين وغير عنيفة مختلفة عن تلك الصورة التي تسوقها الجماعات الإرهابية والجهادية كتنظيم «الدولة الإسلامية». وقال مجيد مجيدي «الهدف الذي أسعى إليه هو تقديم صورة إيجابية عن الإسلام تكون مخالفة للصورة التي يروجها الغرب والتي غالبا ما تسوق أن الإسلام هو دين العنف والإرهاب وليس دين التسامح والسلام والمحبة». كما رد المخرج الإيراني على انتقادات السعودية والأزهر بالقول إن فيلمه لا يتحدث عن الرسول شخصيا بل كيف كان ينظر إلى الحياة والدنيا وكل الأمور المحيطة به وهو كان صبيا. وأضاف مجيدي أنهم استندوا في تصوير أحداث الفيلم إلى كتب سنية على غرار كتب الطبري ومراجع شيعية.