رئيس الجمهورية يشرف بمقر المجلس الاعلى للتربية والتعليم على الاحتفال بعيد الشجرة    نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي    بطولة الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 14 – الدفعة 2): النتائج والترتيب    عاجل: أولى الساقطات الثلجية لهذا الموسم في هذه الدولة العربية    بشرى للشتاء المبكر: أول الأمطار والبرق في نوفمبر في هذه البلدان العربية    عاجل/ تعلّيق عمل شركة "شي إن" الصينية في فرنسا..    عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا    من صفاقس إلى منوبة: تفاصيل صادمة عن مواد غذائية ملوّثة تم حجزها    حجز أكثر من 14 طنا من المواد الفاسدة بعدد من ولايات الجمهورية    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل    ممرض ألماني أنهى حياة 10 مرضى... ليخفف عبء العمل عليه    جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية    تونس تطلق أول دليل الممارسات الطبية حول طيف التوحد للأطفال والمراهقين    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    5 أخطاء يومية لكبار السن قد تهدد صحتهم    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    مدير ديوان رئيسة الحكومة: قريباً عرض حزمة من مشاريع القوانين على البرلمان    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    المنتخب التونسي للبايسبول 5 يتوج ببطولة إفريقيا    مونديال أقل من 17 سنة: تونس تواجه بلجيكا اليوم...شوف الوقت والقناة الناقلة    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير المفوّض صلاح الدين بن عبيد (خبير في الشأن الليبي والعربي) في حديث ل«التونسية»:تونس خسرت الكثير جرّاء الأزمة الليبية... والتدخّل العسكري العربي مستبعد
نشر في التونسية يوم 10 - 09 - 2015

الأوضاع في اليمن ولبنان مفتوحة على كلّ الاحتمالات
الديبلوماسية التونسية بصدد استعادة ثوابتها.. وفتح القنصلية التونسية في دمشق قرار صائب
تونس أَولى باحتضان الحوار الليبي من جينيف وغيرها
وسط ليبيا تحوّل إلى بؤرة للتطرّف.. وشرقها في حالة حرب
أجرى الحديث: فؤاد العجرودي
حث صلاح الدين بن عبيد الديبلوماسي السابق وآخر قائم بالأعمال لتونس في طرابلس على تحرّك أكبر من قبل تونس في ملف المصالحة الليبية معتبرا إعادة فتح الأجواء وكذلك اعتزام تونس استئناف نشاط تمثيلياتها الديبلوماسية خطوات هامة في الاتجاه الصحيح.
كما لاحظ في هذا الحديث مع «التونسية» أنّ الأزمة الليبية وإلى جانب تداعياتها على الأمن القومي فقد تسبّبت في خسائر جسيمة للاقتصاد التونسي جرّاء تراجع التبادل التجاري وعدد التونسيين الذين يشتغلون في ليبيا وكذلك عدد الليبيين الذين يتدفقون سنويا على تونس داعيا في هذا الصدد إلى موطإ قدم أكبر لتونس في الأراضي الليبية يساعدها على حفظ مصالحها الاقتصادية والاضطلاع بدور أكثر فاعلية في المفاوضات بين الفرقاء الليبيين.
السفير صلاح الدين بن عبيد الذي اشتغل في عدة عواصم عربية كما باشر الملفّين الليبي والمغاربي لسنوات طويلة في وزارة الخارجية، أكّد أنّ الأوضاع على الأرض جدّ معقّدة حيث تسيطر فجر ليبيا على شرق ليبيا فيما تحوّل وسطها ولا سيما مدينتا سرت ودرنة إلى بؤرة للجماعات المتطرّفة كما أنّ الوضع في الشرق وخاصة في بنغازي مشابه لحالة حرب نتيجة الصراع الدائر بين جيش حفتر والجماعات الإرهابية. في ذات الإطار قلص صلاح الدين بن عبيد من احتمالات حصول تدخل عسكري عربي في ليبيا مؤكدا أنه إذا حدث تدخّل عسكري فسيكون دوليا عربيا تحت لواء الأمم المتحدة.
أما في الشأن الوطني فقد أكّد محدثنا بأنّ الديبلوماسية التونسية بصدد التعافي من تداعيات الارتباك الذي أصابها خلال السنوات الأخيرة مُرجّحا أن تمضي تونس قدما في استعادة ثوابت سياستها الخارجية وتموقعها الفاعل في محيطها الإقليمي والدولي، منوّها في هذا الصدد بقرار إعادة فتح مقر القنصلية التونسية في دمشق.
صلاح الدين بن عبيد أشار من جهة أخرى إلى أنّ الأوضاع في لبنان ازدادت تعقيدا بفعل الفراغ المتواصل في أعلى هرم السلطة إلى جانب تداعيات الأزمة الاقتصادية بما يجعلها مفتوحة على كلّ الاحتمالات.. فيما أكد أنّ التطوّرات الأخيرة في الملف اليمني ولا سيما زيادة التعزيزات العسكرية الخليجية إما ستدفع باتجاه حسم الأزمة نهائيا أو إلى مزيد تعميق المستنقع اليمني.
الحديث الذي أتى أيضا على مسألة الربط الجوّي بين تونس وليبيا والحركة الأخيرة في سلك السفراء بدأ من هذه الزاوية:
كيف تنظر إلى الأوضاع الراهنة في ليبيا وأنت الديبلوماسي الذي اشتغل فيها خلال ذروة الانفلات كما تابعت ملف التعاون التونسي الليبي عدة سنوات في وزارة الخارجية؟
- الأوضاع في ليبيا وصلت للأسف إلى منعرج خطير بعد سلسلة من اللقاءات بين الفرقاء الليبيين في كلّ من المغرب والجزائر وجينيف لم تسفر المفاوضات عن نتائج ملموسة أو بوادر انفراج تجعل إمكانية التوصل إلى وفاق ليبي في الأمد القريب قائمة.
وعلى الميدان ما حقيقة ما يحدث اليوم سواء في شرق ليبيا أو غربها؟
- على الميدان هناك سيطرة واضحة لفجر ليبيا على الغرب فيما يسيطر ما يعرف بتنظيم «داعش» وعدة مجموعات متطرّفة أخرى على المنطقة الوسطى وأساسا مدينتا سرت ودرنة المتاخمتين لما يُعرف بالهلال النفطي.. هؤلاء لهم أعلامهم وأسلحتهم كما يديرون معسكرات تدريب وسيطرتهم واضحة على هذه المنطقة وخاصة درنة حيث تعم حالة من الفوضى.. أما الوضع في الشرق فهو متوتّر إلي أبعد حدّ والوضع في مدينة بنغازي مثلا هو أشبه بحالة حرب نتيجة التناحر القائم بين جيش حفتر والجماعات المتطرفة والذي لم يفض إلى حدّ الآن لنتائج ملموسة في القضاء على تلك الجماعات المتطرّفة.
وما هي حسب اعتقادك أسباب الانحصار الحاصل في مسار المفاوضات بين الفرقاء الليبيين؟
- لاتوجد تنازلات متبادلة وكلّ طرف متمسّك بموقفه في حين أنّ التوصل إلى وفاق وطني يقتضي بالأساس استعدادا حقيقيا لتقديم تنازلات من هذا الطرف وذاك من أجل المصلحة العليا لليبيا وشعبها.. أعتقد أنه لا توجد إرادة سياسية حقيقية لدى كلّ الأطراف لإيجاد مخرج من الصراع الدائر بين الفرقاء الليبيين والذي جعل الأوضاع تزداد تأزما من فترة إلى أخرى.
ألا تعتقد أنّ المعطى الخارجي قد أثّر بدوره على الأوضاع بليبيا وربما يحول دون توفّر الأجواء الملائمة للتوصّل إلى توافق وطني؟
- لا شكّ أنّ المعطى الأجنبي فعل فعله في المشهد الليبي الذي يبدو واضحا أنّه واقع تحت تأثير أطراف إقليمية وأخرى دولية لها أجنداتها ومصالحها.. تقاطع تلك الأجندات واضح وهو يزيد في تأزيم الأوضاع.. الغرب مثلا هدفه هو استنزاف الثروات الطبيعية الهائلة التي تمتلكها ليبيا وتحقيق تلك المطامح يمرّ وجوبا عبر إضعاف الدول وهذا ما حصل في ليبيا وأدّى إلى استشراء الانفلات بكل أشكاله بدأ من تفاقم خطر الجماعات الإرهابية وهو ما جعل الأوضاع في هذا البلد الشقيق تمثل تهديدا حقيقيا لدول المنطقة.. ليبيا اليوم هي أوّل خزان لا فقط للإرهاب وإنّما أيضا للهجرة غير الشرعية.. هناك شبكات منظمة تتاجر في البشر انطلاقا من الأراضي الليبية وهي شبكات استغلت أساسا ضعف الدولة الذي فسح المجال كما ذكرت منذ حين لزخم من أشكال الانفلات.
ألا تعتبر أنّ التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي في ربيع 2011 من أسباب الأزمة الليبية وحالة الانقسام التي عصفت بهذا البلد؟
- لا شكّ أنّ تدخل الناتو كان له تأثيره العميق في المشهد الليبي الذي مازالت تداعياته متواصلة إلى حدّ الآن لجهة أنه ساهم في خلق أجواء الانفلات التي أدت إلى ضرب الدولة الليبية خاصة من خلال إفلات ملايين قطع السلاح بما في ذلك أسلحة ثقيلة من سيطرة الدولة ووقوعها في أيادي أطراف ومجموعات غير نظاميّة.. هذا المعطى كان بمثابة القاعدة اللوجستية التي قامت عليها المجموعات الإرهابية والمتطرّفة بسائر مسمياتها والتي لا تتوقف مخاطرها عند الحدود القطرية لليبيا بل تتجاوزها لتمثل تهديدا حقيقيا متناميا للأمن القومي لبلدان المنطقة بما في ذلك تونس.. وهذا المعطى يشكل بدوره أول عائق أمام إعادة بناء الدولة الليبية.
تمّ منذ أشهر التلويح بتدخل عسكري عربي في ليبيا لدحر الجماعات الإرهابية قبل أن يعود إلى واجهة الأحداث مؤخرا.. هل تعتقد أنّ التدخل العسكري في ليبيا خيار صائب؟
- لا شكّ أنّ كلا من انحصار مسار التسوية السياسية في ليبيا من جهة وتنامي خطر الجماعات الإرهابية من جهة أخرى يشكلان مصدر قلق متزايد لدول المنطقة المغاربية والعربية وربما الأورومتوسطية برمتها وهذا القلق المتنامي يدفع باتجاه خيارين هما إما زيادة الدعم السياسي للمساعدة على التعجيل بحصول توافق ليبي يكون الأساس لإعادة بناء الدولة أو إلى خيار التدخّل العسكري كحل جذري تبقى نتائجه على الأرض رهينة توفّر جملة من الشروط أولها مساندة ليبيا واسعة لهذا الخيار.
وتبعا لذلك أعتقد أنّ احتمالات حصول تدخل عسكري عربي تحت راية الجامعة العربية تبقى ضعيفة.. إذ لا يبدو أن الجزائر تساند هذا الخيار فيما تبدو مصر منهمكة أكثر في أوضاعها الداخلية أي تسريح مسار البناء وإنعاش الأوضاع الذي بدأ بعيد الانتخابات الرئاسية الأخيرة.. أما تونس فهي اليوم في موقع دفاعي، إذا حصل تدخل عسكري أجنبي في ليبيا فسيكون تدخلا عربيا دوليا تحت مظلة الأمم المتحدة كما أنّ هذا الخيار يظل رهين توفّر إرادة قوية ومشتركة غربية وعربية لزحزحة الأوضاع، كما لا تنسى أيضا أنّ من العوامل التي تقلّص من احتمالات حصول تدخل عسكري عربي في الظرف الراهن هي تواتر بؤر التوتّر لا سيما المستجدّات الساخنة في اليمن منذ عدة أشهر والتي أدّت إلى استنزاف القدرات العسكرية لدولة مثل السعودية.
نعود إلى تونس لأسألك عن مدى تأثرها بالوضع القائم في ليبيا سواء على الصّعيد الأمني أو في المجال الاقتصادي؟
- الأوضاع في ليبيا كان لها للأسف تداعيات عميقة على المشهد التونسي... هناك تهديدات أمنية حقيقية.. مخاطر تسلّل العناصر الإرهابية والأسلحة واستفحال التهريب هي من أكبر التحديات التي تواجهها تونس في معركتها ضد الإرهاب.. ويبدو جليا أنّ الحكومة التونسية كسبت أشواطا وقائية هامّة عبر الإجراءات الأخيرة التي تهدف إلى زيادة تحصين تونس ضد التهديدات الإرهابية التي يمكن أن تنطلق من ليبيا.. خاصة لجهة الترابط العضوي بين الإرهاب والتهريب.
على الصعيد الاقتصادي يبدو أنّ الخسائر الحاصلة هي من الوزن الثقيل.. لا تنسى في هذا الإطار أنّ ليبيا كانت الشريك الاقتصادي الأوّل لتونس بعد الاتحاد الأوروبي وبالتالي فإنّ تداعيات الوضع في ليبيا كانت جسيمة.. حجم الصادرات التونسية كان في حدود مليارين من الدنانير والجالية التونسية كانت أدركت 150 ألفا.. كان نحو 2 مليون ليبي يزورون تونس سنويا.. هذا التعاون قد تراجع إلى الأدنى، لا تنسى أيضا ديون المصحات التونسية المتخلّدة بذمّة الجانب الليبي والتي أدركت 100 مليون دينار.. كل هذا أثّر بلا شك على مسار التنمية في تونس.. لا شكّ أنّ الوضع معقّد في ليبيا لكن يجب التعاطي معه للحفاظ على مصالحنا وكذلك لدفع جهود المصالحة في ليبيا.. تونس أولى من جينيف وسائر الأطراف الأخرى في احتضان الحوار الليبي الليبي...
تونس تُحظى بثقة أكثر من غيرها ينبغي استثمارها من خلال ربط قنوات الاتصال مع كلّ الفرقاء السياسيين حتى لا نظهر بكوننا طرف في الصراع القائم.. نحتاج إلى حياد فاعل في المشهد الليبي.. وهذا يتطلب أيضا دعوة النخب ومكونات المجتمع المدني في ليبيا إلى الاجتماع في تونس.. تلك الأطراف بإمكانها أن تهيّء للمصالحة السياسية في ليبيا.
وكيف تفاعلت مع قرار إعادة فتح الأجواء بين تونس وليبيا واستئناف العلاقات الديبلوماسية عبر إعادة فتح التمثيليات التونسية؟
- تلك القرارات عكست بلا شك تعاطي عقلاني مع الأوضاع في ليبيا وسيكون لها تداعيات إيجابيّة على حجم التعاون.. دعم حضور تونس سيكون له وقعه الإيجابي على الشعب الليبي وكذلك انعكاسات إيجابيّة هامة على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنيّة.. كما سيسهّل بلا شكّ اضطلاع تونس بدور أكبر في ملف المصالحة الليبية.
وأقترح في هذا الصدد أن يتمّ تشكيل خليّة أزمة تضم سائر الأطراف ولا سيما الخارجية والدفاع والداخلية والشؤون الاجتماعية والخطوط التونسية والسياحة حتى تكون لنا أولا صورة كاملة عمّا يحدث في ليبيا وحتى تكون خطواتنا ثابتة في كلّ المجالات.. كما أعتقد أنّه من المجدي وبعد قرار إعادة فتح الأجواء استئناف الخطوط التونسية رحلاتها إلى ليبيا.
بعد نحو ثمانية أشهر من تشكل حكومة الصيد وعقب سنوات تراجع فيها حضور تونس ودورها الفاعل على الساحة الإقليمية والدولية كيف تقيّم اليوم أداء الديبلوماسية التونسية؟
- أعتقد أن الديبلوماسية التونسية بدأت تتعافى من الارتباك الذي أصابها في السنوات الأخيرة.. وهي اليوم بصدد العودة إلى الثوبت التي قامت عليها السياسة الخارجية منذ عقود.. وأذكر على سبيل المثال عدة خطوات إيجابية منها قرار إعادة فتح القنصلية التونسية في دمشق وكذلك القرار المماثل بخصوص تمثيلياتنا في ليبيا.. تلك القرارات إيجابيّة وتتيح لتونس موطأ قدم على الأرض يخدم مصالحنا على كلّ الأصعدة.
الحركة الأخيرة لرؤساء البعثات الديبلوماسية والقنصلية عكست بدورها هذا التحوّل الإيجابي في السياسة الخارجية حيث احتكمت إلى معايير الكفاءة والمهنية مما يضفي نجاعة أكبر على العمل الديبلوماسي ودوره المحوري في دعم مسار التنمية في تونس وكذلك تعزيز إشعاع تونس في الخارج.
ننتقل الآن إلى الأوضاع العربية لأسألك عن التطوّرات المحتملة للأوضاع في لبنان عقب المستجدات الأخيرة ولا سيما العودة إلى لغة الشارع؟
- الوضع في لبنان مفتوح على احتمالات كثيرة.. فَهم الأوضاع في لبنان يحتاج إلى تفكيك العناصر التي تصنع الخصوصية اللبنانية.. هذا البلد كان دائما عرضة لارتدادات ما يحدث على الساحة الإقليمية والتي زاد تأثيرها بفعل الأزمة السورية حيث يوجد اليوم نحو مليون لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية إلى جانب قرابة 400 ألف فلسطيني.
المعطى الطائفي بدوره لا يزال فاعلا في المشهد اللبناني وقد هيّأ له ما يُعرف باتفاق الطائف.. لا تنسى أيضا وجود السلاح في أيدي عديد الجماعات.. وكل هذه العوامل تضعف سيطرة الدولة وتحدّ من نجاعة الحكومة.. والوضع زاد تعقيدا في خضم المعطيات الداخلية المستجدة ولا سيما وجود فراغ في أعلى هرم السلطة نتيجة عدم التوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية منذ نحو عام.. ومن هنا نفهم الاحتجاجات الأخيرة للتيار الوطني الحر.. كلّ هذه المعطيات تؤثّر بلا شك في قدرة الحكومة وكذلك استقلالية القرار اللبناني.. ويبدو جليا أن تونس تتابع بانشغال ما يحدث في لبنان وهي تتطلع لأن تُغلّب كل الأطراف منطق الحوار لحل الخلافات وحلحلة الأزمة الراهنة التي تزداد تعقيدا بفعل تداعيات الأزمة الاقتصادية التي يواجهها لبنان على الأوضاع الاجتماعية ولا سيما استفحال البطالة وغلاء المعيشة.
الوضع في اليمن دخل منعرجا خطيرا منذ عدة أشهر وهو مرشح لتطورات جديدة خاصة في خضمّ وجود تعزيزات عسكرية خليجية.. كيف تستقرئ تطورات المشهد اليمني؟
- اليمن دخل منعرجا جديدا إثر التدخل العسكري الخليجي والذي جعل اليمن ساحة مفتوحة لصراعات وأجندات جيوستراتيجية بين قوى إقليمية وأساسا الرياض وطهران.. تلك التطورات الجديدة انضافت إلى معطيات أخرى معقّدة على الميدان ومنها وجود كميات ضخمة من السلاح لدى الأطراف المتنازعة وكذلك ثقل المعطى القَبلي... وهي عوامل متداخلة ومتضادة ساهمت في تأجيج الأوضاع وجعل إمكانية حصول مخرج سياسي في الوقت الراهن احتمالا ضعيفا.
أعتقد في المقابل أنّ التلويح بتعزيزات عسكرية خليجية سيؤدّي إلى واحد من أمرين هما إما حسم المعادلة لفائدة عبد الله منصور هادي أو مزيد تعميق المستنقع اليمني.. وعلى هذا الأساس أعتقد أنّ المعطى الداخلي له الدور الأكبر في استعادة الاستقرار وتجسيم الوحدة الوطنية وهو ما يقتضي أساسا جلوس الأطراف المتنازعة إلى طاولة الحوار وتغليب المصالح العليا لليمن الشقيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.