تحت عنوان "الديمقراطية كفر" تطرّقت صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر أمس إلى موضوع الجهادية السلفية في تونس حيث أشارت إلى الصورة التي كان يحملها البعض عن تونس لعقود من الزمن و المتمثّلة في كونها بلد الانفتاح والاعتدال والحداثة و أنّها بلد الحضارات التي لا تسمح ببروز فئات تسلك التطرف منهجا في النظرة إلى العالم والآخر. و أفادت الصحيفة أنّ هذه الصورة سيطرت على العقول و ظلّت صامدة حتّى بعد أحداث 11 سبتمبر بعدما ثبت أنّ تونس كانت حاضرة في التنظيمات السلفية الجهادية بانضمام شبان تونسيين ومنهم من تولى تنفيذ عمليات خطيرة وتم التعاطي مع ضلوعهم في الأعمال الموصوفة بالجهادية، كحالات شاذة تُحفظ ولا يقاس عليها. لكنها أوضحت أنّ تونس ما بعد الثورة احتوت هذه الظاهرة و أصبح موضوع السلفية الجهادية فيها معلنا و واضحا للعموم بعد أن أصبح لها شيخ وناطق رسمي استقبله رئيس الجمهورية و قد صرح علانية بأنه يوالي تنظيم القاعدة الذي يُجاهد ضد الصليبيين واليهود. و أشارت إلى أنّ السلفية الجهادية قطعت شوطا مهمّا في مسار التعبير عن مواقفها من خلال فرض أفكارها المتطرفة بشتى الطرق و من خلال اتباع منهج العنف الذي ييسّر فرص تحقيق مطالبهم و أوضحت تدرجهم في مظاهراتهم من المطالبة بحرية ارتداء النقاب وصولا إلى رفع شعار يقول إن الديمقراطية كفر!. و أكّدت الصحيفة أنّ تصريحات بعض وزراء الحكومة في تونس يمهّد لمعركة مع هذا التيار خصوصا و أن الائتلاف الحاكم قد غض الطرف طيلة الأشهر السابقة عن خطر السلفية الجهادية لتنفرد النخبة الحداثية بالتصدي والمواجهة من خلال التنبيه إلى خطر الزحف السلفي الجهادي الذي يتبنى أفكارا هجينة عديمة الصلة بالتربة الثقافية. و أشارت إلى أنّ موضوع السلفية الجهادية اليوم في تونس مشكل عويص لخطورتها المزدوجة سواء في الداخل أو في الخارج و ذلك بحكم خصائصه السوسيولوجية والثقافية التي لا تقبل التعامل مع أفكار متطرفة و أوضحت أن علاقات تونس الخارجية تقتضي معالجة ملف السلفية الجهادية بأسرع وقت ممكن لأن أطروحات هذه الجماعات تشكل خطرا على الاقتصاد التونسي المنهك بطبيعته. و أكّدت الصحيفة أنّ الفترة القادمة ستكون حاسمة في ملف السلفية الجهادية و أنّه لا شك في أن القراءة السوسيولوجية لمحدّدات بروز السلفية الجهادية قد تنتهي في جزء مهم منها إلى كونها نتاج القمع الذي عاشته تونس قبل الثورة لتشير إلى أنّه حتى و إن تمت المواجهة وحصل تبادل العنف فذلك لا يعني أن الملف قد عولج و إنّما سيركن لفترة تحت الرماد ثمّ يعود من جديد خاصّة و أنّها مسألة طالما تبناها النظام السابق لكنّ التاريخ و الثورة ذاتها أثبتا محدوديتها.