تعاني عديد الاحزاب السياسية صراعات داخلية ومشاكل بين اعضاءها ومنخرطيها في اطار تحولات جذرية اطاحت ببعض الاسماء وافرزت نزاعات على المناصب داخل الحزب الواحد بل بلغ الامر الى التراشق بالتهم وتسجيل انسحابات بالجملة للمنخرطين والذي شمل ايضا احزاب الترويكا . ومن المنتظر ان ينضاف الى هذه الوضعية اشكال جديد يتمثل في محاسبة الاحزاب الفائزة في انتخابات المجلس الوطني التاسيسي على استغلال اموال خزينة الدولة . فالى اليوم عديد الاحزاب والقائمات الفائزة في انتخابات المجلس الوطني التاسيسي لم تقدم كشف حساباتها الى دائرة المحاسبات ومن المنتظر ان تصدر الدائرة تقريرها النهائي في النصف الثاني من شهر ماي القادم وتكشف عن اسماء الاحزاب والقائمات المنتفعة بمنحة تمويل الانتخابات التي امتنعت الى حد الساعة عن تقديم كشف الحساب البنكي المفتوح بعنوان الحملة الانتخابية مرفوقا بكل وثائق الاثبات عن المداخيل والنفقات مع ادراج كل المساعدات العينية التي قد انتفعوا بها في كشوفاتهم المالية وماهو مؤكد ان حركة النهضة قد التزمت بتقديم كشوفاتها البنكية وقدمت كل الوثائق المطلوبة في اجالها لدائرة المحاسبات ويبقى عدد هام من الاحزاب ومنها ايضا احزاب الترويكا لم تلتزم بعد بتسوية وضعيتها المالية . فقد انتفع قرابة 1600 بين احزاب وقائمات مستقلة وائتلافية بمبالغ هامة وزعت عليهم لضمان تساوي الحقوق والفرص بين المترشحين في سباق الانتخابات وقد تجاوز المبلغ الجملي الذى وزع على الاحزاب والقائمات 8 مليون دينار. وحسب مصادرنا فان قرابة 35 بالمائة فقط من القائمات والاحزاب قدمت كشفا لحساباتها اي ان الاغلبية لم تلتزم بنداءات دائرة المحاسبات ، فهل الامر مرتبط بفساد مالي ام ان الاحزاب انشغلت بصراعاتها الداخلية على حساب تسوية وضعياتها القانونية فتصبح معرضة لخطايا مالية وتزيد من تعميق ازماتها بل ان المخالفات التي يعاقب عليها القانون تشمل من تأخر ومن لم يقدم كشفه ومن لم يقدم الايضاحات اللازمة. والمطلوب ايضا ان ترجع كل قائمة او حزب تحصل على اقل من نسبة 3% من الاصوات وفاز بمقعد بالمجلس الوطني التاسيسي 50 بالمائة من المنحة التي استفادت بها والمتأمل في النتائج النهائية لانتخابات المجلس الوطني التاسيسي يكتشف بكل يسر عديد الاسماء من المجلس الوطني التاسيسي التي تمكنت من كسب مقعد دون بلوغ ثلاثة بالمائة من الاصوات . ويبدو ان وزارة المالية تتجه الى المطالبة باسترجاع نصف المنحة المسندة دون التراجع عن ذلك ومن المنتظر ان تطبق القانون دون امكانية التعديل اواعفاء هؤلاء النواب بالمجلس من دفع المبلغ المطلوب في اطار احزابهم . فاذا لم تكن هذه الاحزاب قادرة على ارساء الشفافية المالية في معاملاتها ولم تحسن التصرف في اموال الدولة وتغاضت عن كشف حساباتها فكيف تسهم في ادارة البلاد من مختلف مواقعها سواء في الوزارات او في المجلس الوطني التاسيسي... وللتذكر فانه حسب المرسوم الخاص بالانتخابات المجلس الوطني التاسيسي تسلم منحة الحملة الانتخابية وتوزع 50 بالمائة منها بين القائمات المترشحة قبل انطلاق الحملة و50 بالمائة المتبقية اثناء الحملة : 35 - الف دينار عن كل الف ناخب لكل قائمة تقدمت في الدوائر الانتخابية التي لايفوق عدد الناخبين المرسمين بها 200 الف ناخب . 25 - الف دينار على كل الف ناخب في دوائر انتخابية يساوي ام يفوق عدد الناخبين بها 200 الف ناخب وحسب المرسوم عدد35 لسنة 2011 والمتعلق بانتخابات المجلس التاسيسي اسندت مهمة المراقبة المالية على الحملة الانتخابية الى دائرة المحاسبات كما تم توسيع مهامها لكي لاتقتصر الرقابة على الحساب البنكي بل تشمل المراقبة كل عمليات التمويل المنجزة .