تتجه أنظار الشارع الرياضي في تونس نهاية هذا الأسبوع إلى الملعب الاولمبي بسوسة الذي يحتضن مباراة الكلاسيكو بين النجم الساحلي وضيفه الترجي التونسي في إطار الجولة الرابعة من دوري المجموعتين لكأس رابطة أبطال افريقيا وكان الترجي قد فاز في لقاء الذهاب منذ أسبوعين بملعب رادس بنتيجة هدف لصفر مكّنه من تدعيم موقعه في صدارة المجموعة برصيد 9 نقاط من جملة ثلاثة انتصارات فيما تجمّد رصيد النجم عند النقطة الرابعة مما يجعله مطالبا بالانتصار ولا شيء غير ذلك في مباراة السبت القادم... مباراة الكلاسيكو بين الكبيرين عادة ما تكون مشحونة حتّى لو خلا فيها الرهان بالنظر إلى طبيعة العلاقات التي تجمع بين جماهير الناديين وهو ما تحفظه المواجهات السابقة التي جمعت الفريقين كما أن أهمية الرهان في مباراة السبت القادم خاصة للمحليين بما انه لا سبيل سوى تحقيق الانتصار قد يجعل المباراة مصيرية في عيون الأحباء وقابلة للانفجار بين الفينة والأخرى...النجم مطالب بالانتصار وسيسعى لتحقيق ذلك على أرضية الميدان وهذا مفهوم جدّا بالنظر إلى وضعية الفريق في الترتيب العام والترجي المنتشي بانتصارات الجولات الأخيرة سيبحث عن تمرير أوراق اعتماده إلى نصف نهائي المسابقة وتأكيد سطوته محليّا وخارجيا وهذا ما ترفضه جماهير النجم التي تبحث على موضع قدم لها بين الكبار بعد تشتت السنوات الأخيرة وتسعى جاهدة لتركيع الترجي أمتارا قليلة قبل خطّ الوصول سيّما وان الفوز في «الكلاسيكو» يعني في حدّ ذاته تتويجا له مذاق خاص ويعتبر مؤشّرا صحيّا على تعافي هذا الفريق على حساب ذاك... المباراة تتزامن مع ليلة العيد وهذا ما سيكسبها طابعا احتفاليا مميّزا خاصة وان جماهير النجم استعدت مبكّرا لهذا الحدث الكروي الكبير حيث تشير آخر الأخبار التي استقيناها من سوسة بان الجماهير أعدّت دخلة على المقاس وبأن أعداد الشماريخ قد تفوق أعداد الجماهير ورغم أننا نبارك عودة الروح الى ملاعبنا و نثّمّن وقوف الجماهير خلف نواديهما خاصة في مثل هذه المحافل الإقليمية فان كلّ ما نخشاه هو أن تخرج المباراة عن إطارها الرياضي ويطّل غول العنف برأسه من جديد ويتحوّل مسرح العيد إلى مأتم لا قدّر الله... ما جرّنا إلى هذا الكلام هو ما رصدناه من تحركات غير بريئة داخل بعض الجماهير المحسوبة على فريق جوهرة سوسة والتي تجهّز نفسها لإفساد «الكلاسيكو» مهما كانت نتيجته...الدعوات إلى غزو الملعب الاولمبي بسوسة انطلقت مبكرّا عبر شبكة التواصل الاجتماعي من خلال عديد الصفحات المعروفة بانتمائها للنجم والغريب في الأمر أن بعض هذه الصفحات تعمد إلى تحريض جمهور النجم ودفعه إلى الثوران في موقعة السبت وكأنها مباراة حياة أو موت...الحديث هنا لم يعد عن مباراة كرة قدم بل عن حرب ضروس عنوانها ردّ الاعتبار والانتقام لكن مِن مَن و لماذا هذا ما نجهله على الأقلّ إلى حدّ هذه اللحظة...البعض يتحدّث عن هراوات وسكاكين واقتحام لأرضية الميدان ولا ندري حقيقة ما الذي يريده هؤلاء تحديدا ولمصلحة من...؟؟؟ من حسن الحظّ أن المباراة ستقتصر على حضور جمهور النجم فحسب وبذلك سنتفادى على الأقلّ مواجهة علنية بين جماهير الفريقين لكن مع ذلك تبقى الدعوة لإفساد المباراة في حدّ ذاتها عنوانا للخوف ومؤشّرا خطيرا على حالة الاحتقان التي تعيشها ملاعبنا وربّما عقليات البعض منا وهذا هو مربط الفرس. وحتى لا نعيش السيناريو المصري ومجزرة بورسعيد لا قدّر الله وجب التحلّي بضبط النفس وتهدئة الخواطر قبل الموعد المرتقب حتى لا تحيد الأمور عن مسارها الطبيعي كما أن المنظمين في ملعب أولمبي سوسة ولجان أحباء النجم في سوسة وفي كافة مدن الساحل مدعوّون لتوعية الجماهير وتذكيرهم بأنّها مباراة كرة قدم فيها الغالب والمغلوب وبأنّ المواجهة مصيرية لكنها تبقى أوّلا و أخيرا بعناوين تونسية خالصة... مباراة النجم والترجي أصبحت عنوانا للثورة خاصة وأنّ خماسية الموسم الفارط جاءت أياما قليلة قبل اندلاع ثورة 14 جانفي وأصحاب النفوس المريضة ممّن يتزعمون صفحات التحريض والترهيب في «الفايسبوك» ويدعون لإفساد مباراة العيد يتباهون بميلاد ثورة جديدة ستتفجرّ في الملعب الاولمبي بسوسة...لذلك على الجميع توخّي الحذر وعلى رجال الأمن أن يقوموا بدورهم على أكمل وجه لانّ الحدث ضخم واستغلاله على هذه الشاكلة قد تكون وراءه مآرب سياسية دفينة تهدف لزعزعة استقرار البلاد وربما لحرقها تدريجيا...