يكرم المهرجان الدولي للفيلم بمراكش الممثلة الفرنسية الكبيرة «إيزابيل أوبار» (Isabelle Huppert) التي تعد أيقونة السينما الفرنسية بامتياز. لم تكن إيزابيل أوبار تعلم ، وهي واحدة من بين ثلاث شقيقات احترفن الفن، أن حرص والدتها، أستاذة اللغة الإنقليزية، على إدخالها معهد التمثيل في فيرساي، سيفتح لها أبواب الشهرة والنجومية، رغم أنها كانت تعيش على إيقاع التشجيع والإثراء من قبل جميع من حولها، بمن فيهم والدها الذي كان يملك مصنعا للخزائن الحديدية المصفحة. صدقت التوقعات، فقبل أن تدخل إيزابيل مجال الاحتراف، توجت بالجائزة الأولى في التمثيل، عن دورها في مسرحية «نزوة» لموسيه، وهاهي اليوم تقف مكرّمة على خشبة مسرح المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في دورته الثانية عشرة بحضور مشاهير الفن السابع في العالم. ومنذ أول أدوارها في السينما «فوستين والصيف الجميل» للمخرجة نينا كومبانيز، لفتت تلك المراهقة، انتباه النقاد ببراءتها التي تنطوي على سحر ما، فتوالت عليها الأدوار حتى تكرست نجمة، عندما فازت، وهي في الخامسة والعشرين، بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان «كان» السينمائي، عن دورها في فيلم «فيوليت نوزيير» للمخرج ذائع الصيت كلود شابرول. ورغم أن عشق إيزابيل، التي سمعت أسرتها صرختها الأولى سنة 1953 ، في باريس، كان للمسرح، الذي وقفت على خشبته منذ بداياتها الفنية، إلا أن نجوميتها في ميدان السينما كانت استثنائية، إذ لعبت أدوارا مختلفة في أكثر من 80 فيلما، شاركت في خمسة وعشرين منها في مهرجان «كان» السينمائي، كما نالت جوائز قيمة من مهرجانات سينمائية مرموقة كمهرجان برلين وموسكو والبندقية. أثرت أوبار السينما الفرنسية والعالمية بأفلام لكبار المخرجين السينمائيين، مثل جان لوك جودار ومايكل هانكه، بالإضافة إلى مخرجها المفضل كلود شابرول، الذي شاركت في العديد من أفلامه، هذا المخرج الذي قالت في أحد حواراتها السابقة، إن التعرف عليه يشكل بالنسبة إليها سعادة كبيرة، مضيفة «ليس هناك مخرج استطاع أن يفهمني مثل شابرول، لقد أتاح لي فرصة تنفيذ ما تمنيت تنفيذه، لم أشعر بالحرية التامة إلا في أفلامه». وبعد سلسلة من أبرز الأدوار، التي جسدتها في فرنسا، ذهبت «أوبار» إلى هوليوود، بعد أن حصلت على فرصة للتمثيل مع المخرج مايكل شمينو في فيلم «باب الجنة»، وكانت تلك الخطوة تذكرة عبرت من خلالها عوالم مخرجين عالميين أمثال فاجدا، وفيريري ولوزي، رغم أن كلود شابرول ظل المخرج الذي تعود إليه بعد كل مغامرة في الخارج. وجد شابرول في إيزابيل، تلك الممثلة المثقفة، فأعطاها فرصة تجسيد أجمل وأقوى أدوارها في «مدام بوفاري»، و«الطقس»، و«قضية نسائية»، ونالت عن الفيلمين الأخيرين جائزتي التمثيل في مهرجان البندقية السينمائي الذي أسند لها العام الماضي جائزة الأسد الذهبي عن مجمل مسيرتها الفنية. وسبق لإيزابيل أوبار أن حصلت على السعفة الذهبية كأفضل ممثلة من مهرجان كان مرتين، إحداهما عام 1987 عن دورها في فيلم «مغامرة فيوليت» لكلود شابرول، والثانية عام 2001 في فيلم «عازفة البيانو» للمخرج مايكل هانيكي.