لا نبالغ إن قلنا ان ما شاهدناه تعجز لغة الضاد عن وصفه... عائلة تعيش كل يوم على وقع المجهول, المجهول الذي قد يسوق إليها قوتها أو قد تبقى بطون أفرادها خاوية لأيام وليال لولا صدقات الإحسان التي يقدمها أصحاب القلوب الرحيمة لهم. قصة هذه الأسرة المشحونة بالألم روتها ل«التونسية» المتضررة سهيلة الشارني امرأة في مقتبل العمر : انطلقت مأساة هذه الأسرة منذ سنتين تقريبا وتحديدا يوم 29مارس 2011عندما قرر زوج محدثتنا «الحرقان» نحو ايطاليا بعد أن تعب من ظروفه المادية ولهثه وراء لقمة العيش دون ان يقدر على توفير ما يكفي لحاجيات أسرته الصغيرة المتكونة من طفلين هيبة (5 سنوات) وريان (3 سنوات) وزوجته. كان يقضي يومه في العمل الشاق ليتحصل على مبلغ مالي زهيد لايكفي حتى لتوفير فطور الصباح تحمل ذلك علّ الايام تجود عليه بمتنفس يخرجه من الدوامة التي يعيش فيها. العجز قتله وهو يرى معالم الشقاء والبؤس على وجه طفليه اللذين لم ينعما بملابس جديدة في العيد يفرحان بها عند ملاقاة أترابهما لكن ما باليد حيلة. انسدت أمامه السبل حتى أصبح يرى الحياة والموت سيان فاقترض مبلغ الرحلة ولم يعلم زوجته بالأمر ليقينه التام انها لن تتركه يرحل ,غادر في صمت دون ان يودّع أحدا وبعد ان بلغ صفاقس وتحديدا منطقة سيدي منصور اتصل بزوجته وأعلمها انه متجه إلى ايطاليا ترجّته ان يعود وأن يتحمل قساوة الحياة لكنه رفض. كان هذا آخر عهد زوجته به لأنه منذ ذلك اليوم انقطعت أخباره فهي لاتعلم إن كان على قيد الحياة أم ان المنية اختطفته. اتصلت بالجهات المسؤولة لكن لا أحد قدم لها إجابة شافية تنتشلها من براثن المجهول حاولت جاهدة ان تستنهض همتها حتى تكمل رسالتها في الحياة بعد أن فقدت عائلها لكن الفقر أنهك كاهلها فهي تعيش بمبلغ مالي بسيط يقدمها له والد زوجها كل ثلاثة أشهر وحتى أقربائها الذين كانوا يساعدونها من حين الى آخر أحجموا منذ فترة بسبب تغير ظروفهم مما عمق أزمتها وألمها لأنها أحست انها تعيش في غياهب النسيان فالجميع يتجاهلها. توجهت إلى السلط المحلية بالمنطقة لتمكينها من منحة المعوزين التي هي في أمس الحاجة إليها والتي ترى فيها الأمل في حياة كريمة على تفاهتها لكن تم تجاهل مطلبها رغم انها في قائمة الأولويات فمن أين لها ان تطعم طفليها وهي لا تملك مدخولا قارا ؟ من يرحم عجزها بعد أن اغلق المسؤولون أبوابهم ؟ هذه الأسرة تحتاج إلى التفاتة من السلط الجهوية لوضعيتها المزرية بصفة عاجلة عل تدخلها يكفكف دموعها ويبعث في نفس أفرادها عبيق الحياة بعد أن دبّ اليأس في نفوسهم ولا نظن السلطة الجهوية بالكاف الممثلة في شخص الوالي ستبخل عليها بذلك ؟