تصريحات سامية عبّو حول استثناء الباجي قائد السبسي ومحمد الغنوشي من قانون تحصين الثورة أثارت جدلا كبيرا في أروقة «التأسيسي» وفي المشهد السياسي العام خصوصا انه سبق لسامية أن هاجمت مرارا وتكرارا حركة «نداء تونس» ومؤسسها السبسي الى درجة تحميله المسؤولية في اغتيال شكري بلعيد.. فماذا وراء هذه التصريحات المفاجئة وغير المتوقعة ؟ وهل هي مغازلة ناعمة ورمي ورود للسبسي بعد استقالتها وزوجها من «المؤتمر» وخسارة كل رهانات الفوز بمنصب قيادي في حكومة الترويكا (بالنسبة لزوجها) واعتزامهما تأسيس حزب جديد؟ وهل إرفاق اسم محمد الغنوشي الوزير الاول الأسبق باسم السبسي هو فقط لمجرد التذييل أو هو محاولة للتضليل ليبقى المعني الرئيسي والمحوري هو الباجي؟ أم أن الأمر لا يعدو ان يكون مجرد مناورة سياسية وشطحة من شطحات سامية عبّو للفت الأنظار لا أكثر؟؟. «التونسية» طرحت جملة هذه الأسئلة على رموز سياسية وحصلت على أجوبة: «نحن ضد قانون الاقصاء ولا نريد استثناءات» بهذا اجاب الصحبي قريرة القيادي في «الحزب الجمهوري» مضيفا ان علوية القانون فوق الجميع واصفا تصريحات سامية عبو ب «المناورة السياسية والكلام الفارغ وبدون معنى» ملاحظا أن عبّو تسعى فقط الى احداث ضجة ولفت الاهتمام على حد قوله. ذر رماد على العيون وأوضح قريرة انه لا معنى لإرفاق اسم محمد الغنوشي بقائمة المعنيين بمشروع الثورة ولا بقائمة المستثنين منه لان هذا الاخير اعلن عديد المرات انه اعتزل الحياة السياسية تماما وأنه لن يتقلد أي منصب قيادي في المستقبل في مؤسسات الدولة ملاحظا ان سامية عبو تسعى الى ذر الرماد على العيون مشددا على ان تونس حاليا في مرحلة بناء للقوانين والمؤسسات مما سيؤثر على مستقبل الأجيال القادمة وأنه لذلك يجب ان يكون البناء على اسس «صحيحة وصلبة» تقطع مع سياسات التخاذل خدمة للمصلحة الوطنية حسب ما جاء على لسانه. وأكد الصحبي قريرة ان خلاف حزب «المؤتمر» مع الائتلاف الحاكم وخاصة مع حركة «النهضة» بسبب عدم فوزه بمناصب او مواقع قرار قيادية رغم ان «المؤتمر» ساند «النهضة» بكل ما أوتي من قوة على حد تعبيره هو السبب الحقيقي لاستقالة هذا الاخير وزوجته وسعيهما الى تأسيس حزبهما الجديد (حزب الارادة) مرجحا ان يكون استثناء سامية عبو للسبسي يصب في خانة تأسيس الحزب الجديد ومغازلة خفية لنداء تونس تمهيدا لتحالفات قد تكون ممكنة مع القوى الديمقراطية ومن بينها النداء بعد ان «رجع شاهد العقل للثنائي عبّو وقررا المحافظة على مسافة الامان او مسافة فاصلة مع حركة «النهضة» على حد قوله. وعن تفعيل قانون تحصين الثورة ضد كل من تحمل مسؤوليات سياسية في الدولة منذ سنة 1989 قال عضو المكتب السياسي للحزب الجمهوري ان الهدف من ذلك هو استثناء حركة «النهضة» التي يعرف القاصي والداني انها باركت وامضت على الميثاق الوطني الذي جاء به بن علي من مشروع التحصين مؤكدا على ضرورة ان تتحمل كل الاطراف مسؤولياتها كاملة على حد تعبيره. صك الغفران اما زهير المغزاوي قيادي «حركة الشعب» فلاحظ بدوره ان تصريحات سامية عبو «كلام فارغ» مشيرا الى انها تسعى الى ربط صلات الود مع الباجي قائد السبسي للتكفير عن ذنبها السابق طمعا في نيل صك الغفران وخدمة لعلاقاتها مع النداء من اجل تحالفات سياسية قد تقع في المستقبل على حد قوله. وأضاف المغزاوي ان الغموض يلفّ مشروع تحصين الثورة برمته ويطرح نقاط استفهام كثيرة من بينها استثناء مجلس المستشارين في عهد النظام السابق ومن بينهم الشاذلي العياري مناشد بن علي وكذلك المسؤولون في المجالس البلدية كطارق ذياب وزير الرياضة الحالي وايضا استثناء حركة «النهضة» وحزب «المؤتمر» اللذين ناشدا بن علي عام 1987 على حد تعبيره. وأكد المغزاوي ان مشروع التحصين كلمة حق اريد بها باطل مشيرا الى ان التحصين الحقيقي هو تحقيق اهداف الثورة وتفعيل المطالب التي اندلعت من اجلها على حد قوله. حسابات سياسية جيلاني الهمامي القيادي ب «الجبهة الشعبية» والناطق الرسمي باسم «حزب العمال» اعتبر أن تصريحات عبو تصب في خانة الحسابات السياسية والحاجة الى اعادة التموقع في المشهد السياسي بعد تأسيس حزبها الجديد بمعية زوجها مضيفا انه لا يمكن الجمع بين متضادين وهما: حماية الثورة والتحالف مع «نداء تونس» لذلك يبقى استثناء السبسي من مشروع التحصين من «طلعات» سامية عبو ومن غرائب السياسة في تونس لانه من المفروض اعادة النظر في القانون ككل مشددا على ان القطيعة مع «الترويكا» يجب ان تكون في المبادئ والسياسات والاختيارات خصوصا ان الثنائي عبو من اكبر المدافعين عما يسمى ب«رابطات حماية الثورة» وعن اختيارات «الترويكا» على حد قوله. ولاحظ الهمامي ان «قلبان الفيستة» من طرف سامية عبّو ومغازلتها للباجي قائد السبسي يتنزلان في اطار سعيها الى كسب مواقع جديدة في المشهد السياسي وشدّ الانظار حسب ما جاء على لسانه. ضعف تكوين سياسي أمّا فتحي الجربي عن «حركة وفاء» فقد قال إنّ تصريحات سامية عبّو تؤكّد ضعف تكوينها السياسي مضيفا انّ استثناء أشخاص عن آخرين من منظومة كاملة شريكة في الأفعال فيه إبطال لقانون تحصين الثورة. وأضاف الجربي أنّه على سامية ان تكون متناسقة في كلامها ومتمسّكة بمبادئها ليشير إلى القضيّة الموجودة بين عبّو والسبسي على خلفيّة اتّهامه باغتيال الراحل شكري بلعيد وليستنكر صدور هذا التصريح عنها. وقال الجربي إنّ السبسي شارك في منظومة تعذيب في السبعينات وتسبّب في تردّي الوضعيّة الإقتصاديّة التي تعاني منها البلاد في الوقت الراهن شأنه شأن بورقيبة وبن علي مضيفا إنّه كان من المفروض ان يكون السبسي سجينا وليس رئيس حزب ليضيف انّ مواقف سامية عبّو بشأن هذا الشخص ضعيفة ومضحكة ليتساءل «من هي لتستثني أشخاصا على حساب آخرين هناك... مجلس تأسيسي وبيده القرار؟». وأشار الجربي إلى أنّ سامية عبّو فقدت ثقة التونسيين شأنها شأن زوجها محمّد عبّو الذي قال عنه إنّه لم يكن صاحب مواقف سياسيّة واضحة طيلة حياته السياسيّة. صفقات وتنازلات من جهته قال رضا بلحاج عن «حزب التحرير» إنّ تضارب المواقف أصبح مرتبطا بصفقات وبتنازلات ومبني على ارتباطات وليس قناعات مضيفا انّ سامية عبّو كانت قد اتهمت السبسي في مرحلة سابقة باغتيال شكري بلعيد ثمّ سحبت كلامها وهو ما يشكّل تدافعات خطيرة على حدّ تعبيره. وأضاف بلحاج إنّه يأسف لأن تصبح السياسة مقايضات ومبادلات وان تقاس بناء على وعود ومصالح مشيرا إلى أنّ الإستثناء يبطل القاعدة خاصّة إذا ما وقع إستثناء شخصيات كبيرة في الحياة السياسيّة. وأشار بلحاج إلى أنّ الثنائي عبّو قد فقدا ثقة الشعب وانّه ليس لهما أهليّة على الثورة فضلا على السياسة مضيفا أنّ الرأي العام له مؤاخذات عليهما لانّهما تغاضيا عن ملفّات كبيرة عندما كانا في موقع قرار ولم يؤدّيا واجبهما على احسن وجه. شكرا سامية عبّو من جهته قال محسن مرزوق عضو المكتب السياسي بحزب حركة «نداء تونس» إنّ الحزب يرفض قانون الإقصاء أصلا وشكلا ومضمونا وذلك نظرا لتناقضه مع المؤسّسات الدستوريّة ومع علويّة القضاء الجديرين بالنظر في هذه المسائل. وأشار مرزوق الى أنّ لقانون تحصين الثورة أهدافا إنتخابيّة لا غير وأنّ تصريحات سامية عبّو فيها تقدّم في الموقف لكنّها لا تخفي أنّ هذا القانون غير عادل وغير قانوني مضيفا انّ إقحام إسم محمّد الغنّوشي من قبل سامية عبّو كان للتضليل لأنّ هذا الأخير لم يكن منخرطا في أيّة لعبة سياسيّة. وأكّد مرزوق انّ أهمّ ما جاء في تصريحات عبّو هو البلبلة التي أحدثتها داخل كتلة حركة «النهضة» في «التأسيسي» جرّاء ردّة فعلهم العنيفة إزاء الاستثناء ممّا يشير إلى أنّ هدف الحركة الوحيد هو إقصاء الباجي قائد السبسي شخصيّا وحركة «نداء تونس» لأنّهما مصدرا خوف لها مضيفا انّه يشكر سامية عبّو لأنّها بمقترحها كشفت النقاب عن مخطّطات «النهضة» وأكّدت أنّها تستهدف السبسي وليس التجمّع والفاسدين. نرفض التعليق نورالدين العرباوي عضو المكتب السياسي لحركة «النهضة» رفض التعليق على تصريحات سامية عبو مضيفا ان الحركة لا تريد اعطاء اية تأويلات. سنيا البرينصي