شهد المبيت الجامعي «باردو 2» مساء أول أمس ليلة رعب وفوضى عارمة بين الطالبات والإداريين بعد أن حاولت مجموعة من الملتحين اقتحام غرف المبيت باستعمال الحجارة رافعين شعارات على غرار «القصاص... القصاص» و«سنطهّر المبيت من الدنس». «التونسية» تحولت صباح أمس الى مبيت الطالبات بباردو 2 لرصد انطباعاتهنّ والوقوف على حيثيات الواقعة وأسبابها كما عشنها... بدا المشهد الاول سرياليا... فتيات يحملن حقائبهن ويغادرن المبيت الجامعي... رجال أمن بأزيائهم السوداء يرابطون هنا وهناك وسيارات شرطة تغدو وتروح في دوريات متتالية... هذه ليست بأجواء نهاية العام الدراسي أو أجواء بداية إحدى العطل بل إجراءات أمنية اتخذت بعد ليلة رعب عاشتها الطالبات داخل المبيت. رجاء المديوني (مديرة المبيت): السبب رفض نصب خيمة دعوية قالت مديرة المبيت «رجاء المديوني» أنها فوجئت بالفوضى التي اجتاحت ساحة المبيت ليلة الاربعاء/ الخميس بسرعة فائقة مشيرة إلى أن مجموعة من الملتحين تتكون من 8 أفراد اتصلت بها صباح الأربعاء وطلبت منها إقامة خيمة دعوية - على حد تعبيرهم - لنشر الفكر الإسلامي بين الطالبات ونهيهن عن بعض الممارسات اللاأخلاقية إلا أنها رفضت ذلك قائلة لهم انه لا يمكن لها أن تتخذ مثل هذا القرار دون الرجوع إلى سلطة الإشراف من جهة بالإضافة إلى وجوب تحييد مثل هذه المؤسسات من جهة أخرى عن العمل السياسي والديني. وأضافت «رجاء المديوني» انه حوالي الساعة السابعة والنصف من مساء أول أمس فوجئت بأعداد كبيرة من الملتحين يدخلون ساحة المبيت مردّدين مجموعة من الشعارات الدينية مما اضطرها الى الاتصال بالأمن الذي تمكن من حماية المبيت ومنع الملتحين من اقتحام الغرف. يختبئون وراء ستار الدعوة والسلفية من جهته قال صابر (موظف بالمبيت) إن الجميع حاول محاورة أفراد المجموعة وردعهم سلميا حماية لأمن حوالي ألف مقيمة بالمبيت مؤكدا أن الملتحين يختبئون وراء ستار الدعوة والسلفية من اجل القيام بأعمال إجرامية مذكرا أن السلفيين قاموا بحماية المبيت والطالبات أثناء أحداث ثورة 14 جانفي 2011. أحداث الأربعاء لن تحدّ من حريتنا برعشة في اليد وبإصرار كبير على حماية حريتها، استرجعت الطالبة «كرامة الحاج محمد» أحداث ليلة أول أمس قائلة إن ما حدث فاق الخيال وأن صورة الملتحين رافعين الحجارة ومحاولين اقتحام عمارات المبيت لن تمحى من ذاكرتها. وأضافت «كرامة» أن هذه الأحداث سبقتها أحداث أخرى ليلة الثلاثاء حيث أقامت إدارة المبيت حفلا إلا أن عددا من الملتحين صعدوا فوق سور المبيت وطالبوا بإيقافه فاستجابت الإدارة لطلبهم خوفا من أن تتطور الأمور إلى ما لا تُحمد عقباه. وقالت كرامة إن أفراد المجموعة هددت المقيمات في المبيت بالانتقام والقصاص راشقين إياهنّ بعبارات نابية تمس من الأخلاق الحميدة مؤكدة أن ما حدث لن يثنيها عن مواصلة الإقامة في المبيت ومتابعة دراستها خاصة أن موعد امتحانات نهاية السنة الجامعية على الأبواب. ووافقتها في الرأي صديقتها فاتن قائلة إن هذه الحادثة، التي أفزعت الجميع من مقيمات وإداريين لن تبث الخوف فيها وتحملها على مغادرة المكان أو أخذ قرارات سريعة من قبيل العودة إلى الديار وإلغاء الامتحانات والتضحية بهذه السنة الجامعية مثلما قررت بعض المقيمات. وأضافت فاتن أن ما حصل في مبيت «باردو 2» قد يتكرر في مبيتات أو مؤسسات تربوية أخرى. المقيمات يتحملن جزءا من المسؤولية لكن الطالبة «أروى الدريدي» اعتبرت أن المقيمات في «باردو 2» يتحملن جزءا هاما من المسؤولية في ما حدث من أعمال عنف مادي ومعنوي أمام ساحة المبيت وداخله موضحة أنها رأت حوالي 5 أفراد ملتحين ينزلون من سيارة أمام المبيت ويتجهون إلى فتاة متحجبة كانت في وضعية مخلة بالأخلاق مع صديقها وقاموا بنهيها عما تفعله فكانت ردة فعلها عنيفة معهم... فما كان من احدهم إلا أن اقتحم ساحة المبيت وبدا يرشقها بعبارات غير أخلاقية، الأمر الذي دفع بمجموعة من الفتيات إلى شتمه والدخول معه في مناوشات. وأضافت الدريدي أن مجموعة أخرى قاربت ال 50 فردا التحقوا بصديقهم ولولا تدخل الحراس الثلاثة بالمبيت ورجال الأمن في الوقت المناسب لتطوّرت الأمور إلى ما لا تُحمد عقباه. وقالت أروى أنها ستغادر المبيت ولن تعود إليه إلا عند انطلاق الامتحانات لأنها لم تعد تشعر بالأمان.