على اثر تدخل الوحدات الأمنية لمنع من وصفتهم وزارة الداخلية ب«المجموعات الدينية المتشددة» من نصب خيام دعوية في أماكن عمومية دون الحصول على تراخيص قانونية من السلط المعنيّة ،اندلعت عشية أول أمس بضاحية سيدي حسين السيجومي بالعاصمة مواجهات عنيفة بين قوات الأمن وأعداد كبيرة من المنتسبين لتيار «الصحوة الإسلامية» وأنصار الشريعة تواصلت إلى حدود ساعات متأخرة من ذات الليلة وتسببت في حالة من الهلع والرعب لمتساكني المنطقة انتهت بانقطاع الحركة و الجولان وغلق كل المحلات التجارية تقريبا.. وتعود تفاصيل المواجهات حسب بعض شهود العيان إلى رفض المجموعات الدينية الانصياع للأوامر الأمنية القاضية بإزالة الخيم وإخلاء المكان «و حيث ان هذا القرار لم يرق لمنتسبي التيار السلفي فقد توافد عدد كبير منهم من مناطق مجاورة لنصرة رافضي الانصياع للأوامر الأمنية وشن هجوم على الوحدات الأمنية متسلحين في ذلك بزجاجات «المولوتوف» الحارقة والحجارة والأسلحة البيضاء بشتى أنواعها (سكاكين وسواطير وهراوات وقضبان وسلاسل حديدية»-حسب الشهود -. و قد أكد عدد من ابناء المنطقة أن التنبيهات والتحذيرات الأمنية كانت قد جوبهت من قبل المجموعات السلفية بخطب تحريضية على الأمنيين والمطالبة بالقصاص منهم حيث تم نعتهم بالكفار والضالين عن الصراط المستقيم وجند الطاغوت -حسب تصريحات الشهود-. وأكّد شهود عيان ومصادر أمنية متطابقة أن ثائرة عدد كبير من أبناء التيار السلفي ثارت بعد قرار منع نصب الخيام الدعوية بلا ترخيص وهو ما دفعهم إلى التهجم على الوحدات الأمنية ورشق السيارات بالحجارة وبالكراسي،مستخدمين في ذلك زجاجات «المولوتوف» الحارقة والأسلحة البيضاء بأنواعها..و هو ما اضطر قوات الأمن إلى الرد بقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الجموع التي أبت ان تبرح المكان لساعات طوال. اعتقالات .. و«رش» من ناحية اخرى، أكد بعض الشهود أن رفض الشباب السلفي مبارحة المكان وتزايد عددهم من حين إلى آخر بشكل فاق عدد العناصر الأمنية «قد دفع بأعوان الأمن إلى الانسحاب في بادئ الأمر وتغيير خطة المواجهة إلى حين وصول تعزيزات كبيرة استخدمت الغاز المسيل للدموع و«الرش» لتطويق الاحتجاج». و أضاف الشهود بأن المواجهات امتدت إلى ساعات متأخرة من الليل «حيث تحولت المواجهة إلى حرب كرّ وفرّ استخدمت فيها قوات الأمن «الرش» والغاز المسيل للدموع بشكل مكثف مما أسفر عن تعرض بعض الشباب السلفي الى بعض الاصابات الطفيفة والسطحية»-حسب قولهم-. الرواية السلفية قال احد الشباب السلفي: «ما ان تحولنا إلى المسجد لأداء صلاة العصر حتى اعترض طريقنا عدد من العناصر الامنية ووقفوا في طريق وصولنا الى المسجد كما قاموا بالاعتداء على عدد من إخواننا وهو ما اضطرنا الى خوض المواجهة»، مشددا على أن قوات الأمن والشرطة عمدت إلى استخدام الغاز المسيل للدموع بكثافة تخللتها طلقات بالرش مما أسفر عن سقوط إصابات في صفوف السلفيين, متسائلا : «لماذا كل هذا؟ اننا تونسيون ولا نريد غير الخير لهذا البلد الحبيب، نحن لا نسعى إلا لهداية الناس إلى الطريق المستقيم خاصة على اثر تفشي ظاهرة الانحراف التي نخرت مجتمعنا حتى أضحى اغلب الشباب ضحية ادمان المخدرات والاجرام , وهم يسيرون في الطريق الخاطئ انه طريق مسدود، نحن فقط نريد أن ننقلهم من عالم الظلمات إلى عالم النور» . «ترخيص إلاهي» و اوضح احد السلفيين أن الدعوة إلى الله لا تستوجب التراخيص ولا تحتكم إلى القوانين الوضعية وانما هي واجب إنساني وحياتي قائلا : « الترخيص من عند ربي , فليتجرأ أحدهم ويقول لا لله ...»، مستغربا ما وصفه ب«هجمة شرسة تقودها وزارة الداخلية عليهم»، مؤكدا أن ذلك مخالف لشرع الله الذي حث على الدعوة في سبيله, كما توجه إلى رجال الأمن برسالة يدعوهم فيها إلى الرفق بإخوانهم من التيار السلفي والعمل على الانصات لهم وعدم ارتكاب أيّة حماقة في التعامل معهم لان ذلك لن يزيدهم الا عزيمة وحبا في الدعوة إلى الله , حسب تعبيره . ومن جانبه أوضح سلفي آخر أن قوات الأمن تعمدت استفزاز شباب «الصحوة الاسلامية» بمجرد نصب الخيام محاولة بذلك صدهم عن الدعوة إلى الله وفي سبيله , مضيفا أن قوات الأمن اتخذت من نصب الخيام ذريعة للاعتداء على «الدعاة الى الله» –حسب قوله-،مفندا الرواية الامنية التي تقول بأن الخيمة نصبت في الطريق العام بشكل عطل حركة المرور. رواية «وزارة الداخلية» من جانبها قالت وزارة الداخلية في بلاغ صادر عنها امس الاحد ان «بعض المجموعات الدينية المتشدّدة في جهة سيدي حسين والمنيهلة قامت بمحاولة نصب خيام دعوية في أماكن عمومية دون الحصول على تراخيص قانونية من السلط المعنيّة، ورغم التنبيه عليهم بضرورة الحصول على تراخيص قانونية مسبقة أو القيام بهذه الأنشطة داخل الجوامع فإنهم رفضوا الانصياع إلى التحذيرات الأمنية حيث تجمّع حوالي 300 شخص في سيدي حسين تعمّدوا الاعتداء على الوحدات الأمنيّة بالحجارة وقوارير «المولوتوف» لتتدخّل إثر ذلك الوحدات الأمنيّة باستعمال القوّة وإيقاف ثلاثة أشخاص، وفي السياق ذاته تدخّلت الوحدات الأمنيّة باستعمال الغاز بالمنيهلة لتفريق المتجمعين الذين بلغ عددهم حوالي 200 شخص». و نبهت وزارة الداخلية كلّ جمعية أو أشخاص أو حزب ينوي القيام بمثل هذه الأنشطة إلى ضرورة الحصول على تراخيص مسبقة (72 ساعة قبل النشاط) حسب ما يضبطه القانون وبشروط مسبقة،مؤكدة أنّ كلّ محاولة بالتحريض أو الاعتداء على أعوانها أو مقرّاتها سيواجه بتطبيق القانون بكلّ قوّة. فؤاد فراحتية ومنتصر الاسودي