التونسية (تونس) تتسارع الأحداث السياسية في البلاد تارة نحو التأزم والتصعيد وأخرى نحو التهدئة والحوار وفي الحالتين يقف الشعب متشائلا ينتظر مخرجا يخرج البلاد من بوتقة الغموض. آخر وأهم ما شهدته الساحة السياسية الأسبوع الفارط اللقاء الذي جمع رئيس حزب «نداء تونس» الباجي قايد السبسي برئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي بباريس. لقاء الرجلين أثار ضجة كبرى بما أن الماضي القريب يثبت تنافرا كبيرا بينهما وصل حد التلاسن وتقزيم كل طرف للآخر. اليوم التقى الفرقاء وبات التوافق السياسي بينهما وشيكا وذلك حسب ما صرح به السيد عبد الواحد طراد رئيس جمعية الشفافية التونسية لمكافحة الرشوة والفساد ل «التونسية» في هذا الحديث. إذن لم يتصور احد أن «الشيخين» سيلتقيان لمناقشة ما يدور في البلاد في محاولة للتقارب إيجاد الحلول سيما أن حركة «النهضة» لا تعترف بمنافسة حزب «نداء تونس» لها ولا تعترف بنتائج عمليات سبر الآراء التي أثبتت أن السبسي وحزبه أصبحا في مقدمة المشهد السياسي في تونس واتهمت المؤسسات التي قامت بهذه المسح بالتزوير . تصريح الغنوشي؟ أكد السيد عبد الواحد طراد أن الحكاية بدأت إثر تصريح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي قال فيه أن المجلس التأسيسي ورئيس الحكومة «خط أحمر» كردة فعل أولى على مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل. محدثنا أكد انه اتجه بعد هذا التصريح مباشرة إلى «اعتصام الرحيل» بباردو وذلك يوم 11 أوت الجاري وهناك التقى ببعض النواب المنسحبين من المجلس التأسيسي على غرار سمير الطيب وخميس قسيلة .و بين محدثنا انه عبر عن استغرابه من صمت وعدم تحرك النواب المرابطين في ساحة باردو بعد تصريح الغنوشي وان سمير الطيب أجابه بأن الحديث حول المبادرة لم يكتمل وان التفاوض مستمر. هنا أكد محدثنا انه عبر للنواب عن تخوفه من مقايضات يمكن أن تتم بما أن بعض المؤشرات التي وصلته تؤكد أن هناك «طبخة» تحت الاعداد بين «نداء تونس» و«النهضة». و في هذا الصدد أكد طراد أن جمعيته تقاوم المقايضات منذ نشأتها وبين أن حركة «النهضة» أجرت العديد من عمليات المقايضة مع الأطراف التي تخاف منهم سيما رجال الأعمال وأكد أن عبد الفتاح عمر رحمه الله قدم العديد من الملفات التي تخص رجال أعمال فاسدين إلى القضاء وان «النهضة» عقدت معهم صفقات وطمأنتهم. وأضاف أن تقرير منظمة الشفافية العالمية لمقاومة الفساد لسنة 2013صنف تونس ضمن البلدان المتخلفة التي تتميز بعدم الاستقرار السياسي وبفساد سياسي ودعت المنظمة إلى إلزام تونس بالتعامل بجدية مع الأصوات المرتفعة ضد الفساد في البلاد واتخاذ إجراءات ملموسة لتعزيز الشفافية. وبين محدثنا أن تونس جاءت في المرتبة 75 في مرتبة البلدان الأكثر فسادا في العالم.و شدد محدثنا على أن كل ما يحدث يعد فسادا سياسيا تفشى في ظل غياب الشفافية والتشريعات.و لاحظ أن جمعية الشفافية التونسية اقترحت بعث منصب «المواطن الرقيب» ومنح حق مراقبة الإدارة له مع ترسيخ شفافية الكلمة والدفاع عن مدنية الدولة لأن مفهوم الدولة المدنية لا وجود له عند حكومة «النهضة» على حد تعبيره . كيف ستتم المقايضة السياسية؟ وأكد السيد عبد الواحد طراد انه ألمح إلى مقايضة «خسيسة» وخطيرة جدا في تصريح لقناة حنبعل يوم 11 أوت 2013 وذلك بين «النهضة» و«نداء تونس» وذلك بعد ما لاحظه من تودد بين الطرفين مؤكدا ان حسه السياسي كان صادقا اذ انتهى الأمر إلى لقاء بين الغنوشي والسبسي في باريس شهد عقد صفقة بين الرجلين. وقال محدثنا انه يعتقد أن محتوى الصفقة ينصّ على تراجع «النهضة» عن قانون تحصين الثورة وألا تقدم مرشحا لرئاسة الجمهورية وتتركها للباجي قائد السبسي وفي المقابل عقب الإعلان عن استقالة الحكومة يطلب منها مواصلة مهامها مدة زمنية تصل حتى الشهر لتسيير شؤون البلاد ريثما يتسنى للفاعلين السياسيين تكوين حكومة كفاءات غير متحزبة مهمتها الأصلية الإشراف على الإعداد للانتخابات لا غير. و أضاف طراد أنه حسب توقعاته، عندما تتسلم الحكومة الجديدة مهامها ستجد أن «النهضة» قد أعدت كل الملفات وركزت الولاة والعمد والمسؤولين الذين سيسهرون على خدمة مصالحها وبين محدثنا أن المهلة التي ستعطى للحكومة المستقيلة لمواصلة تسيير البلاد هي مجرد فرصة للتحكم أكثر في كل دواليب البلاد والاطمئنان على الحكومة الجديدة لن تستطيع تغيير شيء . و أضاف طراد أنه بعد الإنتخابات سيصبح الباجي قائد السبسي رئيسا منتخبا وبين أن المشهد السياسي الآن في تونس يثبت عمليا فوز «النداء» و«النهضة» بالنصيب الأكبر في الانتخابات القادمة .و أكد محدثنا أن الباجي قائد السبسي سيتمتع بصلاحيات كبيرة وسيكلف رئيس حكومة من «النهضة» حتى وإن فاز «النداء» بأغلبية المقاعد في المجلس التأسيسي. و بين محدثنا أن السيناريو السالف ذكره سيحدث في تونس إن لم يتفطن الشعب والمجتمع المدني ويأخذ بزمام الوضع السياسي . محدثنا استغرب تقارب «النهضة» و«النداء» وأكد أن راشد الغنوشي هاتف السبسي عهد عودته من باريس وقال له حرفيا «شنية حوالك سي الباجي لاباس عليك راني نسهل على صحتك». «النداء» يراوغ «الجبهة»؟ وأكد رئيس جمعية الشفافية التونسية لمكافحة الرشوة والفساد أن «نداء تونس» راوغ جبهة الإنقاذ بما انه لم يكن للجبهة علم بلقاء الغنوشي والسبسي وان أول من علم باللقاء كان حمة الهمامي وذلك مباشرة بعد اللقاء.و أكد محدثنا أن الحكومة الفرنسية كانت طرفا ممهدا لهذا اللقاء بمعية بعض رجال الأعمال التونسيين.و قال محدثنا معلقا على هذا الأمر أن «النهضة» و«النداء» «باعو البلاد» وان حملة «ارحل» بعثت للمقايضة والضغط فقط. وتساءل محدثنا «بأي حق يلغي أو يؤجل راشد الغنوشي قانون تحصين الثورة» وبين أن الثورة ترتكز أساسا على قانون تحصينها وقانون العدالة الانتقالية وقد ألغاهما الغنوشي في هذه المقايضة.و ختم محدثنا كلامه بعبارة «لعن الله ساسة ويسوس وما اشتق منهما».