سلاما واحتراما أما بعد بعد التهنئة بمنصب الرئاسة والامتنان للشعب التونسي وهو يعبر بخطى ثابتة نحو الجمهورية الثانية أو الاستقلال الثاني كما يحلو لكم تسميته، اسمحوا لي سيدي الرئيس بأن أخاطبكم دون عبارات الفخامة والسيادة والسعادة والسمو ودون ضمير الجمع المخاطَب ، ففي الدول الديمقراطية تخلصوا،كما تعلم،من كل تلك الألقاب نظرا لمفعولها السحري والسلبي في تضخيم الأنا لدى الرئيس وتوسيع الهوة بينه وبين شعبه، في هذا السياق وقبل كل شيء أطلب منك وفورا وقبل ان تسكن قصر قرطاج أن تتخلّى عن بدلة الحزب الذي تنتمي إليه وجبة التحالف الثلاثي بزعامة حركة النهضة وأن تدرك انك الان رئيس لكل التونسيين، من هم في الداخل ومن هم في الخارج، وإن خيّب ظنهم الفصل الثامن الذي يستبعدهم من حق الترشح للرئاسة وشرفها ، وبوصفك قد عشت ردحا من الزمن في المنفى وساهمت كغيرك في خدمة الوطن ولم تحل المسافات دون ذلك، قد تفهم أكثر من غيرك سبب شعورهم بهذا الغبن الذي نطلب منك تلافيه حين يكتب الدستور النهائي. فهم تونسيون أيضا وأنت رئيسهم أيضا. أطلب منك أيضا أن تكون الضامن لفصل حقيقي بين السلط وتوازنها دون تغوّل إحداها على الأخرى وحق المعارضة في أن تعارض بكل حرية وتراقب أداء الحكومة دون تضييق أو تخوين، ولا تنس يوما انك كنت بين صفوفها ومن أشرس أعلامها وأقلامها ضد دتاتورية وصفتها يوما بانها لا تصلُح ولا تصلِح، فكن حليما حكيما ولا تؤسس رجاء لأي مظهر من مظاهرها ولا تسمح به لغيرك أو لمن يقتسم معك دفة الحكم، إذا أتاحت له صلاحياته ما لا يتاح لك. سيدي الرئيس عرفناك صاحب موقف ورأي وشخصية أيام النضال فلا تكن منزوع الصلاحية أو دمية تحركها الأيادي البيضاء وأصحاب الفضل في وصولك إلى قصر قرطاج . ولا تنس أن السياسة تداول وتدافع دائمين، فليس هناك من حكم دائم أو معارضة دائمة، فترفّع عن تصفية الحسابات والثأر من منافسيك المحدثين دون ان تأخذك رأفة بمحاسبة الفاسدين والمفسدين في زمن من سبقك. كن حصنا منيعا للحفاظ على مدنية الدولة وحقوق المرأة التي نخشى عليها من دعوات الردة والخلافة، وإن كانت بزلة اللسان، فماضيك وتاريخك كحقوقي في الرابطة لن يرحمك إن تخاذلت أو تراخيت عن مبادئك الكونية ودفاعك عن كل الفئات ضد كل ضيم أو ظلم و تهميش . لا تنس العاطلين والمهمشين والمعذبين في الأرض من اهل المداشر والجنوب،وأنت منه، والشمال الغربي طبعا دون أن تنحاز له كما فعل سابقوك لمنطقة الساحل، واحرص في عملك وزياراتك على أن توازن الكفة ما بين الساحل والداخل هدفك وحسبك تحقيق تنمية حقيقية شاملة ومستديمة لا إحصاء الانصار وعدد المصطفين على جنبات الطريق. كذب بنبلك من يخشى على الثورة ومسارها ومصير الديموقراطية في تونس وكن كما عهدناك في منابر الاعلام مكافحا منافحا على الديموقراطية وحقوق الانسان واحرص على سمعة تونس وهيبتها واستقلالية قرارها في لعبة الأمم وقد اوكل لك تدبير السياسة الخارجية والدفاع فلا تجعل من بلادنا رهينة صراع اقليمي او دولي أو أداة لأي دولة وإن ساعدتنا أيام الثورة . احمد ربك كثيرا وقد تحقق حلمك الشخصي،فدعه الان وانتبه إلى أحلام الوطن ومواطنيه ،واشكر بلا حساب في سرك والعلن شهداء الثورة اولا وكل الشعب الذي ثار فعدت بل عاد بك من منفاك الباريسي، فلا تخذله رجاء فللسلطة بأس وشأن وصولجان قد يعمي أنبل النفوس وأكرمها. سدد الله خطاك وجعل لك من اسمك نصيبا غير قليل ورزقنا بفضلك بديموقراطية لا نكوص بعدها، وبحرية لا سقف لها غير الوطن والقانون، ومتّعك الله قبل ذلك بحسن النظر وحسن البطانة وفي الختام تفضلوا سيدي الرئيس بقبول عبارات الاحترام للمقام . تحيا تونس تحيا الجمهورية مكي هلال ... لندن 12-12-2011