"الحوت المالح" أكلة تجمع بين المذاق الحلو والمالح ولا تخلو جلّ الموائد في البيوت في مدينة المنستير صبيحة عيد الفطر منها. وتعدّ النسوة "الحوت المالح" مع "الملوخية" منذ صبيحة اليوم الذي يسبق مباشرة العيد فيغسلن السمك المملح 3 أو 4 مرّات ثم يضفن له الفلفل الأحمر المرحي و"الرْوَايَحْ" حسب التسمية الشعبية في المنستير أو الفلفل الأسود والبصل الأحمر المقطع قطعا صغيرة والزبيب الأسود اللون الذي يعطي مذاق أفضل للحوت المالح من الزبيب الأصفر اللون ويترك ليتبل ثم يقع حشوه بالزبيب ويفور في "الكسكاس" ويقدم في فطور الصباح يوم العيد بعد أن يسكب عليه زيت الزيتون ، بحسب ما ذكرته السيدة شادلية الرادوش سلامة التي تقطن في حي الربط بالمدينة العتيقة بالمنستير. من ناحيتها أضافت نعيمة القرقني التي تقطن أيضا في المدينة العتيقة بالمنستير والتي كانت بصدد إعداد "الملوخية" و"الحوت المالح" عندما التقتها مراسلة (وات)، أنّها استعملت التن و"الوراطة" موضحة أنّ أنواع السمك التي يمكن تمليحها هي التن و"كلب بحر" و"الوراطة" و"الغزال" و"بوسيف" و"المناني" وأنّ أغلب الأسر تحبذ تمليح "التن" و"كلب بحر" قبل نصف شهر أو عشرة أيام حسب الأذواق ودرجة الملوحة المرغوب فيها. وذكر كريم بلحسن، وسيط في بيع السمك في السوق المركزية بالمنستير أنّ أسعار "التن" قبل رمضان تراوحت بين 8 دنانير و800 مليم و12 دينار و800 مليم لكنه بلغ حاليا 5 دنانير مشيرا إلى أنّ أكثر أنواع السمك التي يقبل على تمليحها أهالي المنستير حسب العادة هي "كلب بحر" الذي يتراوح سعره بين 12 دينار و800 مليم و19 دينار و800 مليم والتن و"الشْكُمْبُر" الذي يبلغ سعره بين 5 إلى 6 دنانير. وذكر فوزي الخلفوني بائع سمك في نفس السوق، الإقبال على شراء السمك لتمليحه كان خاصة خلال النصف الثاني من رمضان مشيرا إلى أنّ التجار لا يبيعون السمك المملح الجاهز كما هو الحال في صفاقس باعتبار أنّ العادة جرت أن تتولى كلّ أسرة مستيرية القيام بعملية تمليح الحوت حسب ذوقها في درجة الملوحة المرغوبة. ويتناول أهالي مدينة المنستير طبق "الحوت المالح" مباشرة عند العودة إلى البيت بعد صلاة العيد وتلاوة الفاتحة على أرواح بعض الأقارب في المقبرة البحرية والمعروفة بمقبرة الإمام المازري بالمنستير. كما يتناولون في عيد الفطر الملوخية ويعدون كسائر المدن التونسية بداية من النصف الثاني من رمضان حلويات العيد التقليدية التونسية كالدبلة وبقلاوة اللوز وبقلاوة الزقزقو وغريبة الحمص وغريبة الفرينة وغريبة الدرع والمقروض والكعك وغيرها وذلك حسب الإمكانيات المادية كلّ أسرة. ويقدم في مختلف البيوت طبق "الحوت المالح" إلى الذين يأتون للمعايدة في فترة الصباح أو تتبادل الأسر هذه الأكلة فيما بينها غير أنّ نعيمة القرقني أكدت أنّ عادة تبادل الأطباق والحلويات بين الأهل والجيران أصبحت منحصرة فحسب على الأبناء وأنّ عادة التزاور خلال العيد بين الأهل والجيران تراجعت كثيرا ، حسب تقديرها.