بقلم الأستاذ بولبابه سالم يروى ان أسدا غلبه النعاس فعمد قرد الى تقييده ، لما استفاق وجد امامه حمارا فقال له : أيها الحمار، فك قيدي و اطلب ما تشاء ، قال له الحمار : أريدك ان تجعلني ملك الغابة ليوم واحد . فقال له الاسد : سأعطيك اكثر ،، لما فك قيده قال له : الغابة اللي فيها القرد يربط و البهيم يحل لن أبقى فيها بعد اليوم ". ما تعيشه تونس المحروسة هذه الأيام لا يختلف كثيرا عن هذه القصة خصوصا لما تذكر الاسماء التي هددت رئيس الحكومة الحبيب الصيد بالتمرميد و لم نسمع تحركا للنيابة العمومية او رئيس الدولة باعتبار ان المعني مستشاره في القصر أو حتى من الحبيب الصيد نفسه . هذا هو منطق العصابات "الضغط ثم التهديد ثم .." . لا احد يصدق ان المافيات التي تحكم تونس منزعجة من الوضع الاقتصادي او تبحث عن حكومة وحدة وطنية فذلك آخر همها مادامت مصالحها محفوظة . لقد بدأت الحملة ضد مدير الامن الوطني و لما رفض الصيد الضغوط انتقلوا الى رئيس الحكومة رأسا باعتباره عقبة كأداء امام رغباتهم . لقد قالها رئيس الحكومة اليوم علنا حيث اكد انه رفض ضغوط بعض الاحزاب في التعيينات . ان مشكلة هذه الأحزاب هي تقاسم كعكة السلطة و اهداء المناصب لمريديها أما الوضع الاجتماعي و الاقتصادي و الفقر و الوحدة الوطنية فهي شعارات فضفافضة للتمويه و الكذب على الرأي العام . لا شك ان الحبيب الصيد يتألم في صمت لأنه يشعر بأنه طعن في الظهر ممن يحسبهم مساندين له و يوفرون له الغطاء السياسي ، طبعا لا أحد يشكك في نظافة يد الرجل و تفانيه في عمله اما من يتحدث عن الانجازات فلا شك ان تكبر انجاز هو النجاح الأمني حيث استطاعت اجهزة الدولة من جيش و أمن تضييق الخناق على المجموعات الارهابية حتى استبشر التونسيون برمضان دون ارهاب . اما الوضع الاقتصادي و الاجتماعي فلا أظن انه يوجد من هو قادر على حلحلته في ظل الصعوبات الكبيرة و كلفة الزبادات في الاجور مع تفاقم الطلبات و الاحتجاجات ، و رغم ذلك فقد كذب رئيس الحكومة ادعاءات البعض بان خزينة الدولة فارغة او على وشك الافلاس و بين في حوار تلفزي ان الوضع ليس كارثيا . طبعا تلعب بعض الابواق المأجورة من اعلاميين و محللين (حسب الطلب) دورا في شيطنة الوضع كلما سرت اشاعة التغيير الحكومي و تبدأ في الترويج لبعض الاسماء و تسويق من يدفع لهم اكثر في حفلة الرقص المخزي و المثير للاشمئزاز . الوطن عند هؤلاء كعكة و غنيمة ، و شتان بين ذلك الرجل الشهم الطيب الذي قال عند فقدانه لفلذة كبده "وطني قبل بطني و بلادي قبل اولادي" و بين هذه العصابة الجاثمة على صدور التونسيين . بوجود الفساد السياسي و بانحدار الاخلاق السياسية لن تتحقق التنمية و لا العدل الاجتماعي ،، يقول المفكر عبد الوهاب المسيري :" اذا شعر الناس ان الدولة تعنل لفائدة نخبة فلن يفكروا في التضحية لأجل المصلحة الوطنية بل يصبح الفرد انانيا لا يفكر الا في نفسه " . و هذا هو الواقع التونسي اليوم للأسف الشديد . كاتب و محلل سياسي