- أدانت تونس بشدّة، ما يتعرّض له مسلمو الروهينجا في ميانمار من مجازر وحشية، وعمليات إبادة جماعية، وحرق للبيوت، وتهجير قسري وإنتهاكات بشعة، أدّت إلى سقوط آلاف الضحايا وعشرات الآلاف من المهجّرين والمحاصرين. ودعت تونس المجتمع الدولي ومنظّمة الأمم المتّحدة وهيئات حقوق الإنسان، إلى تحمّل مسؤولياتها والتدخّل السريع لتوفير الحماية اللازمة لمسلمي الروهينجا وإيصال المساعدات الإنسانية لهم، وإنقاذهم ممّا يتعرّضون له من فظاعات وتطهير عرقي، وفق بيان صادر اليوم الإثنين عن وزارة الشؤون الخارجية. كما طالبت بضرورة إتّخاذ كافّة الإجراءات لحمل حكومة ميانمار على الإمتثال للقانون الدولي، وتمكين مسلمي الروهنجا من حقوقهم الأساسية وفي مقدّمتها الحقّ في الحياة، بما يضع حدّا لهذه المأساة الإنسانية. تجدر الإشارة، إلى أن المسلمين في "ميانمار" التي يطلق عليها كذلك إسم "بورما" (إحدى دول شرق آسيا)، هم أقلية أمام الأغلبية البوذية، ومعظمهم من شعب الروهينجا التي تنحدر أصولهم من مسلمي الهند والصين، وهم يتعرضون منذ سنوات إلى إنتهاكات خطيرة، على أيدى جماعات بوذية متطرفة. ويعيش الروهينغيا منذ عقود في غرب ميانمار، ويتحدث هؤلاء المسلمون السنة شكلا من أشكال الشيتاغونية، وهي لهجة بنغالية مستخدمة في جنوب شرق بنغلادش. ويقيم نحو مليون منهم مخيمات لاجئين خصوصا في ولاية راخين (شمال غرب البلاد)، ويرفض نظام ميانمار منحهم الجنسية البورمية. وينص القانون حول الجنسية الصادر في 1982 على أنها وحدها المجموعات الإثنية التي تثبت وجودها على أراضي ميانمار قبل 1823 (قبل الحرب الأولى الإنكليزية-البورمية التي أدت إلى الاستعمار) يمكنها الحصول على الجنسية، لذلك حرم هذا القانون الروهينغيا من الحصول على الجنسية، لكن ممثلي الروهينغيا يؤكدون أنهم كانوا في ميانمار قبل هذا التاريخ بكثير. وفر آلاف منهم من ميانمار في السنوات الأخيرة بحرا باتجاه ماليزيا وإندونيسيا، واختار آخرون الفرار إلى بنغلادش حيث يعيش معظمهم في مخيمات. ويعتبر أفراد الروهينغيا أجانب في ميانمار وهم ضحايا العديد من أنواع التمييز مثل العمل القسري والابتزاز والتضييق على حرية التنقل وقواعد الزواج الظالمة وانتزاع أراضيهم، كما أنه يتم التضييق عليهم في مجال الدراسة وباقي الخدمات الاجتماعية العامة. ومنذ عام 2011 مع حل المجلس العسكري الذي حكم ميانمار لنحو نصف قرن، فقد تزايد التوتر بين الطوائف الدينية في البلاد. وما انفكت حركة "رهبان بوذيون قوميون" في السنوات الأخيرة تؤجج الكراهية، معتبرة أن الروهينغيا المسلمين يشكلون تهديدا لميانمار البلد البوذي بنسبة 90 بالمائة. في عام 2012 اندلعت أعمال عنف كبيرة في البلاد بين البوذيين والأقلية المسلمة أوقعت نحو 200 قتيل معظمهم من الروهينغيا. وتبلغ نسبة الأقلية المسلمة في ميانمار 4% من إجمالي عدد السكان الذي يصل إلى 51 مليون نسمة، بحسب إحصاءات عام 2007 الرسمية. ويتحدر المسلمون في البلاد من عدة مجموعات عرقية، أبرزها الروهينغيا، التي لا تعترف بها السلطات مكونا من مكونات الدولة، وتدعي أنهم مهاجرون جاؤوا من بنغلادش. وفي تشرين الأول/ أكتوبر في عام 2016 سجلت حملة عنف حين شن الجيش البورمي عملية إثر إدعاءات حكومية بمهاجمة مسلحين مراكز حدودية في شمال ولاية راخين(راكين). وتجددت الحملة العسكرية العنيفة التي يشنها الجيش ضد الروهينغيا الشهر الماضي بعد أيام من تسليم الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان، لحكومة ميانمار تقريرا نهائيا بشأن تقصي الحقائق في أعمال العنف ضدهم في ولاية أراكان. إلا أن الحكومة ردت بتحقيق توصلت فيه إلى أنه "لا توجد أدلة على جرائم"، وأن "الناس من الخارج قاموا بتزييف الأخبار، وادعوا أن عملية إبادة قد حصلت"، بحسب رد حكومة ميانمار. وكان ناشطون بثوا صورا وتسجيلات تظهر إحراق الجيش ومليشيات بوذية عشرات القرى للأقلية المسلمة، فيما تحدثت تقارير عن مقتل العشرات في العمليات التي استهدفتهم. وتظهر التسجيلات ما قال الناشطون إنها غارات للجيش أدت لتدمير عشرات القرى شمال إقليم أراكان، إضافة لصور تظهر جثث عشرات الضحايا المدنيين ممن سقطوا خلال الحملة العسكرية. وشهدت ميانمار نزوحا كبيرا من الروهينغيا المسلمين باتجاه الحدود مع بنغلادش، إثر حملة القمع التي يتعرضون لها والاضطهاد العنصري. ونزح أكثر من 35 ألفا من الروهينغيا المسلمين باتجاه الحدود بين ميانمار وبنغلادش، وكان بعضهم مصابا بأعيرة نارية. وبدأ بعض المسلمين بمحاولة صد الهجمات ضدهم لحماية أنفسهم من المتطرفين البوذيين، في شمال ولاية راخين الجمعة الماضي، وعلى إثر ذلك قامت الحكومة بإجلاء الآلاف من مسلمي الولاية. وتكتفي الأممالمتحدة بالتنديد بهجمات المسلحين، وتحاول الضغط على ميانمار ل"حماية أرواح المدنيين دون تمييز"، فيما تناشد بنغلادش السماح بدخول الفارين إليها من الهجوم المضاد الذي شنه الجيش، حيث تستضيف بنغلادش بالفعل أكثر من 400 ألف من لاجئي الروهينغيا الذين فروا من ميانمار ذات منذ أوائل التسعينيات. من تناقضات الموقف في ميانمار أن رئيسة الحكومة هي، أون سان سو تشي، الحاصلة على جائزة نوبل في السلام والتي برزت على الساحة السياسية بعد عقود من الدكتاتورية العسكرية. وتعرضت حاملة نوبل لانتقادات خلال السنوات الأخيرة بسبب موقفها من حقوق وحماية الروهينغيا المضطهدين في البلاد، حتى إن الزعيم الروحي البوذي العالمي الدالاي لاما غضب من صمتها إزاء محنتهم، فناشدها علنا اتخاذ موقف. وتنفي سو تشي وجود حملة تطهير عرقي لمسلمي الروهينغيا في البلاد، بالرغم من تأكيد العديد من التقارير الدولية تعرضهم للقمع والتعذيب، إذ اعتبرت في مقابلة مع "بي بي سي"، استخدام عبارة "تطهير عرقي" لوصف وضعهم في البلاد يعد "أمرا مبالغا فيه".