بقلم / منجي باكير من المسلّم به أنّ العهدين السّابقين من الدكتاوريّة أسّسا لمنظومة خبيثة و مرعبة لمحاربة الإسلام و القائمين عليه ، حيث اجتُثّت أكبر منارة علميّة بإلغاء جامع الزيتونة و فروعه و ألغيت الأوقاف ، و شدّدت الرّقابة حدّ التجريم على المؤلّفات و المراجع التوسّعيّة للعلوم الشرعيّة ، و عمل الإعلام وسدنة الفرنكوفونيّة بتشجيع الحلقتين الدكتاتوريتين و تحت إمرتهما لتغريب المجتمع و التّرويج للعادات و السلوكات و العقائد الغربيّة الإستعمارية و وُضع الحِجْر على أهل العلم و الدّراية و الدّعوة لدين اللّه بل سعيا إلى تعقّب و محاكمة كلّ من حاول الخروج من دوائرهما و اجتياز ما رسماه من مفاهيم إقصائيّة و تجفيفيّة ، كما وقعت قصدا علمنة المناهج التعليميّة و غيرها من الإٍستحداثات الجهنّميّة لتهميش الدّين وإبعاد دوره عن الحياة العامّة والعمليّة ،،، حتّى بدا المجتمع التونسي بعد هذه العقود العجفاء ، مجتمعا متصحّرا ، هشّ العقيدة و خاوي الفؤاد من العلم ، مليئا بالترّهات يعمّه الجهل بحقيقة الدين و جوهره ، لا يتعدّى في أحسن الحالات أن يعقل بعض صفوته شيئا من معلوم العبادات ... و كذلك لم يحصّل نصيبا من باقي التعليم الخاوي في مقرراته المفرغ من كل أسباب البحث و الاجتهاد و الخلق و الإبداع ، فلا علما حصّل الطالب و لا تربية سوية أقام عليها أخلاقه و سلوكاته .. فانهار عامل الأمان الاجتماعي ، تفشت الجريمة و عمت الفواحش و طُبّع مع الفساد و الشذوذ ،كما فسدت الطبائع و غاب الوازع و الضمير ليحل محلها الرشوة و المحسوبية و الزنا ببوائقه و سوء عواقبه و تفريخاته . حتى ان الفساد يبلغ أحيانا كثيرة من عُهد اليه مسؤولية حزبية او وظيفة حكومية مما ساهم في تفشي هذا الفساد في دوائر أكبر و على مستويات أكبر يمس خطرها البلاد و العباد .. لقد أصبح من الضرورة بمكان أن تتصالح الناشئة مع دينها و أن تأخذ تعاليمه على الصّفة الأكاديميّة حتّى تتكوّن في مجال العلوم الدينيّة و أصولها وفروعها و مقاصدها تحت إشراف علمي وأن تتلقّى هذه العلوم على أيادي أساتذة اعتداليين مشهود لهم بالخبرة و الإختصاص و الكفاءة الأكاديميّة ،،،، إضافة إلى الضرورة القائمة لإصلاح البرامج التعليميّة العامّة وجب كذلك إدراج العلوم الشرعيّة كشعبة قائمة بذاتها تضاهي باقي الشعب التي تتناول علوم الحياة و تكنولوجياتها و أن تُدرَج لها المناهج و توفّر لها المراجع و المتطلّبات ، حتّى يكون لها تخرّجها و شهائدها التي تساهم لاحقا في تنوير المجتمع و تنقية مفاهيمه و استئصال العنف و الفساد و التكفير و ما شابه ،،، هذا الحلّ هو أهمّ و أوكد الحلول أمام الحكومة و من استقام من المجتمع المدني ، عليهما و من همه امر البلاد و العباد أن يحافظوا على الهوية و الدين باعتبارهما الإسناد الاقوى لضمان تعليم سليم و إقامة مجتمع سليم .