حياة بن يادم اكتمل الموسم الانتخابي التي عاشت على وقعه تونس من انتخابات رئاسية مبكرة، في دورتها الأولى بتاريخ 15 سبتمبر 2019. ثم الانتخابات التشريعية بتاريخ 6 أكتوبر2019. ليكون الختام الدور الثاني للانتخابات الرئاسية يوم 13 أكتوبر 2019. تشير التقديرات الأولية لانتخابات الدور الثاني للرئاسية عن فوز ساحق لقيس سعيد بنسبة تتجاوز 70 بالمائة على منافسه نبيل القروي. هذه النتيجة ليست من فراغ، بل وليدة تشكل وعي جديد لدى الشباب الذي قرر أخذ زمام الأمور من الطبقة السياسية. ليرسل رسالة في الدور الأول للانتخابات الرئاسية، و منطوق حكمها يقول "نطق صندوق الانتخابات أمام رئيس الدولة و رئيس مجلس النواب و رؤساء الحكومات و الوزراء المترشحين و المنتمين إلى الأحزاب، أنني لست ملككم مهما علا شأنكم في السلطة، وأنني ملك لإرادة الشعب التونسي العظيم، ليفوز من هم خارج السلطة، و ليترشح المستقل قيس سعيد الأول للدور الثاني بنسبة 18.4 بالمائة و هي سابقة تاريخية لم يشهد لها الكون مثيل و لن يشهد لقيام الساعة". تلتقط الطبقة السياسية الرسالة، و تلتقي حركة النهضة مع الماركسيين و القوميين و الديمقراطيين في تأييد نفس المرشح وهي سابقة لم نشهدها إلا في مجموعة حركة 18 أكتوبر زمن الاستبداد. و على وقع الانتخابات، عاشت تونس حدثا تاريخيا يتمثل في أول مناظرات رئاسية يشهدها العالم العربي. لتكون المناظرة الأخيرة "الطريق الى قرطاج..تونس تختار" بين المترشحين للدور الثاني قيس سعيد و نبيل القروي، حدثا مفصليا، حيث هدأت الشوارع و امتلأت المقاهي و كأننا نشاهد الفريق الوطني يلعب ضد غانا في إطار الدور الثمن النهائي لكأس أمم افريقيا لكرة القدم 2019. هذه المناظرة كرّست عدم التكافؤ بين المترشحين عكس ما أراد المنظمون لها، إذ أثبت الحوار لا مقارنة بينهما. فقيس أبدع في طرح الأفكار بطريقة سلسة، و لكنها من صميم روح ثورة 17 ديسمبر، محورها المبادرة و قوة الاقتراح من القاعدة الى القمة في حين نبيل بدا مشوشا، عبارة على أشلاء أفكار غير متناسقة. ليقوم الشباب على منصات التواصل الاجتماعي التي استخدموها بدلا من الإعلام الكلاسيكي المنتسب "للسيستام"، بترجمة المناظرة بلغة فايسبوكية ساخرة و بلهجة تونسية معبرة وجدت صداها لدى كافة شرائح المجتمع التونسي. أما صدى المناظرة لم يقتصر على الشعب التونسي فقط، بل وصل إلى ذلك البلد البعيد القريب ساحل العاج لتبهرنا صورة طلاب علم يرددون وراء معلمهم " اللهم انصر قيس سعيد اللهم انصر شرفاء تونس". كما وصل إلى غزة العزة حيث خرج الفلسطينيون ليلة الانتخابات، ليقولوا كلمتهم في الساحات، و ذلك بالمشاركة في صلاة قيام الليل و الدعاء للمرشح قيس سعيد بالفوز برئاسة تونس الحضارة، و ذلك بعد خطابه التاريخي حول قضية الشعب الفلسطيني. و كان المترشح قيس سعيد خلال المناظرة التي جمعته بمنافسه نبيل القروي و في إطار سؤال حول موقفه من التطبيع مع الكيان الصهيوني رد بقوة قائلا: التطبيع مع الكيان الصهيوني خيانة عظمى خيانة عظمى و عندما رد عليه المذيع "سي قيس بقاولك خمس ثواني".. رد قيس "باهي نستغل الثواني هاذم.. خيانة عظمى مرة أخرى". رحم الله الشهيد أبو عمار عندما قال: إذا ضاقت بكم السبل.. فاذهبوا إلى تونس.. ففيها رجال يعشقون فلسطين. هذه تونس سادتي، كانت و لا زالت سباقة الى الفعل، ورائدة نهضة، و منتصرة على مدى التاريخ، لتضرب موعدا جديدا يوم 13 أكتوبر 2019 مع الانتصار. كان الشعب التونسي العظيم هو الفاعل و الصندوق هو الأداة و الهدف هو تونس المستقبل. مؤلفين بذلك كلمات أغنية جميلة عنوانها "راجع راجع يا بلادي عبر الصندوق وين تتلاقى إرادة شعب عظيم ناطقة يا وطننا يا غالي". وقد أمن هذه العملية باقتدار و نجاح بواسلنا من أمن وجيش. عنوان هذا الانتصار"لن يعود العصفور إلى القفص كما قال.. قيسون".