فرانس 24 - بعد السعودية، أعلنت مملكة البحرين الجمعة ودولة الكويت السبت أنهما استدعتا سفيريهما من بيروت وطلبتا من السفير اللبناني في المنامة والقائم بأعمال السفارة اللبنانية في الكويت المغادرة. وكانت السعودية الجمعة قد استدعت سفيرها لدى بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض وقررت وقف كل الواردات اللبنانية إليها بعد تصريحات لوزير لبناني تناولت حرب اليمن واعتبرتها "مسيئة"، في توتر إضافي للعلاقات بين الرياضوبيروت. وكان وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي قد اعتبر في مقابلة تلفزيونية بثت الاثنين وأجريت قبل توليه حقيبة الإعلام في الحكومة اللبنانية في أيلول/سبتمبر، أن الحوثيين المدعومين من إيران "يدافعون عن أنفسهم.. في وجه اعتداء خارجي" من السعودية والإمارات. وتقود السعودية تحالفا عسكريا يضم الإماراتوالبحرين ودولا أخرى لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بمواجهة الحوثيين المدعومين من إيران. ودفعت هذه المواقف السعودية والبحرين، الأربعاء، لاستدعاء سفيري لبنان لديهما، احتجاجا على التصريحات التي اعتبراها "مسيئة"، قبل أن يتخذ الأمر منحى أكثر خطورة الجمعة. وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان مساء الجمعة إن المملكة قررت أن "تستدعي السفير في لبنان للتشاور ومغادرة سفير لبنان لدى المملكة خلال ال48 ساعة القادمة". كما قررت "وقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة" بغرض "حماية أمن المملكة وشعبها". وقالت حكومة المملكة إنها "تأسف لما آلت إليه العلاقات مع الجمهورية اللبنانية بسبب تجاهل السلطات اللبنانية للحقائق واستمرارها في عدم اتخاذ الإجراءات التصحيحية التي تكفل مراعاة العلاقات التي طالما حرصت المملكة عليها". وأوضحت أنه "سيتم اتخاذ عدد من الإجراءات الأخرى لتحقيق تلك الأهداف". وفي وقت لاحق، قالت وزارة الخارجية البحرينية في بيان إنها "طلبت من سفير الجمهورية اللبنانية لدى مملكة البحرين مغادرة أراضي المملكة خلال ال48 ساعة القادمة، وذلك على خلفية سلسلة التصريحات والمواقف المرفوضة والمسيئة التي صدرت عن مسؤولين لبنانيين في الآونة الأخيرة". وأكدت الوزارة أن "هذا القرار لا يمس بالأشقاء اللبنانيين المقيمين في المملكة". والسبت قالت وزارة الخارجية الكويتية في بيان "دولة الكويت قررت استدعاء سفيرها لدى الجمهورية اللبنانية للتشاور ومغادرة القائم بأعمال سفارة الجمهورية اللبنانية لدى دولة الكويت خلال 48 ساعة". وجاء في البيان أنّ القرار يأتي "نظرا لإمعان الجمهورية اللبنانية واستمرارها في التصريحات السلبية وعدم معالجة المواقف المرفوضة والمستهجنة ضد المملكة العربية السعودية الشقيقة وباقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية". وتابع أن القرار يأتي أيضا بسبب "عدم اتخاذ حكومة الجمهورية اللبنانية الإجراءات الكفيلة لردع عمليات التهريب المستمرة والمتزايدة لآفة المخدرات الى الكويت وباقي دول مجلس التعاون". وفي الأيام الماضية، أعلنت السعودية عن عدة عمليات صد مهرّبي المخدرات تمكنت خلالها من مصادرة آلاف من حبوب الكبتاغون المخبئة داخل فواكه مستوردة. وكانت السعودية قد علقت في نيسان/أبريل الماضي استيراد الفواكه والخضار من لبنان، أو السماح بمرورها على أراضيها، بعد ضبط الجمارك أكثر من 5,3 ملايين حبة كبتاغون مُخبأة ضمن شحنة من الرمان. وتنشط في لبنان وسوريا المجاورة صناعة مخدر الكبتاغون الذي يصنفه مكتب الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة بأنه "أحد أنواع الأمفيتامينات المحفزة"، وهو مزيج من الأمفيتامينات والكافيين ومواد أخرى. في بيروت، أبدى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أسفه لقرار السعودية، متمنيا على المملكة إعادة النظر بقرارها. وقال ميقاتي في بيان "نأسف بالغ الأسف لقرار المملكة، ونتمنى أن تعيد قيادة المملكة بحكمتها النظر فيه". وأضاف "نحن من جهتنا سنواصل العمل بكل جهد ومثابرة لإصلاح الشوائب المشكو منها ومعالجة ما يجب معالجته". وفي بيان آخر ليل الجمعة، أعلن ميقاتي أنه تشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون في المستجدات، ثم اتصل بقرداحي "وطلب منه تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب لإعادة إصلاح علاقات لبنان العربية". ولم يصدر أي تعليق من قرداحي بعد. أزمة وسط علاقات فاترة يسود فتور بين السلطات اللبنانية والمملكة العربية السعودية منذ سنوات، في ظل اتهام الرياض المسؤولين اللبنانيين بعدم التصدي لحزب الله، بعد أن كانت السعودية من أبرز داعمي لبنان سياسيا وماليا، قبل أن يتراجع دعمها تدريجيا، امتعاضا من دور حزب الله المدعوم من إيران، خصمها الإقليمي الأبرز. وقالت الباحثة المتخصصة بالشأن اللبناني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة رابحة سيف علام لوكالة الأنباء الفرنسية إن "الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي لم تتخذ موقفا قويا لتهدئة الغضب السعودي". وتابعت "تصريحات قرداحي ليس لها أي ثقل، ولكن هي مسمار جحا الذي ستستغله الرياض للتنصل من الملف اللبناني". وأشارت إلى أن "التوتر قائم منذ فترة طويلة"، إذ تعتبر الرياضلبنان "مسرحا أساسيا للنفوذ الإيراني، خصوصا مع النفوذ البارز لحزب الله في مجريات السياسة في بيروت". وصنفت رئاسة أمن الدولة في السعودية الأربعاء جمعية القرض الحسن اللبنانية "كيانا إرهابيا، لارتباطها بأنشطة داعمة لتنظيم حزب الله الإرهابي". وقالت إن الجمعية "تعمل على إدارة أموال لتنظيم حزب الله الإرهابي وتمويله بما في ذلك دعم الأغراض العسكرية". وقال قرداحي في برنامج "برلمان الشعب" الذي يذاع على موقع "يوتيوب"، في إشارة إلى الحوثيين، "منازلهم وقراهم وجنازاتهم وأفراحهم تتعرض للقصف بالطائرات" التابعة للتحالف الذي تقوده السعودية. واعتبرت الخارجية السعودية الأربعاء هذه التصريحات "تحيزا واضحا لميليشيا الحوثي الإرهابية المهددة لأمن واستقرار المنطقة". وأعربت الحكومة اللبنانية في بيان الأربعاء عن "رفضها" تصريحات قرداحي، مشيرة إلى أنه "لا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقا". لكن قرداحي رفض الأربعاء "الاعتذار" عن "آرائه الشخصية". وقال "أنا لم أخطئ في حق أحد. ولم أتهجم على أحد. فلمَ أعتذر؟" في أيار/مايو، طلب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية آنذاك شربل وهبة إعفاءه من منصبه، بعدما أثارت تصريحات أدلى بها أزمة دبلوماسية مع السعودية ودول خليجية أخرى. ويدور نزاع في اليمن بين الحكومة التي يساندها منذ 2015 تحالف عسكري بقيادة السعودية، والحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ 2014. وأسفر النزاع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص. وأكدت الأممالمتحدة مرارا أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليا. وفي تعليقهم على الخطوة السعودية، كتب المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام على تويتر "نقول لشعب لبنان الشقيق لا يروعنك ما يفعله النظام السعودي"، فيما حذر القيادي محمد علي الحوثي من منع المنتجات السعودية من دخول أراضي الحوثيين في حال مضت الرياض بقرارها مقاطعة المنتجات اللبنانية. فرانس24/ أ ف ب